رئيس كاتالونيا يتجنب الصدام مع مدريد

مؤيدو بوتشيمون يصفونه بـ«الخائن» لعدم إعلانه الاستقلال كما وعد سابقاً

رئيس كاتالونيا يتجنب الصدام مع مدريد
TT

رئيس كاتالونيا يتجنب الصدام مع مدريد

رئيس كاتالونيا يتجنب الصدام مع مدريد

اختار رئيس كاتالونيا، كارليس بوتشيمون، مساراً يجنبه الصدام المباشر مع مدريد، وقرر في خطابه المرتقب، أمس (الخميس)، ألا يدعو إلى انتخابات في الإقليم، لتجاوز الأزمة مع مدريد، بسبب عدم وجود ضمانات كافية من جانب الحكومة الإسبانية التي طلبت وضع الإقليم تحت وصايتها، وقال: «يعود إلى البرلمان (الكاتالوني) أن يحدد تداعيات تطبيق المادة 155 (من الدستور الإسباني) ضد كاتالونيا»، التي تتيح تعليق الحكم الذاتي الذي يتمتع به الإقليم.

وقال بوتشيمون، في مؤتمر صحافي، إنه لن يدعو إلى إجراء انتخابات جديدة في الإقليم. وكان قد أعلن عن عقد مؤتمر صحافي في وقت سابق من اليوم، وسط تكهنات واسعة النطاق بأنه سيدعو إلى إجراء انتخابات، ومن ثم تحقيق تنازل كبير في الأزمة الحالية، بشأن سعي كاتالونيا للانفصال عن إسبانيا. ولكن تم إلغاء المؤتمر. وبعد ذلك بساعات، ظهر بوتشيمون أمام صحافيين تجمعوا في القصر الحكومي ببرشلونة، وقال إنه «درس إمكانية» الدعوة لإجراء انتخابات من أجل نزع فتيل الأزمة السياسية الحالية، وسعى للحصول على تطمينات، لكن لم يصله من الحكومة المركزية الإسبانية ما يفيد بأن نتيجة الانتخابات ستحترم، وأنه لن يحدث تدخل مباشر في كاتالونيا.
وجاءت هذه التصريحات لرئيس إقليم كاتالونيا عشية التصويت في مجلس الشيوخ على إجراءات دستورية كان قد طالب بها قبل أيام رئيس الوزراء المحافظ ماريانو راخوي، تعطيه الحق في إقالة حكومة الإقليم، وتسلم زمام الأمور الإدارية، والدعوة لانتخابات محلية خلال 6 شهور. ورفض بوتشيمون أن يخاطب مجلس الشيوخ الإسباني، بعدما تلقى دعوة للقيام بذلك، وشرح موقفه قبل اتخاذ إجراءات فرض الوصاية على الإقليم.
وكان قد حذر في 19 أكتوبر (تشرين الأول) من أنه في حال واصلت الحكومة الإسبانية «منع الحوار، واستمرت في القمع، فإن برلمان كاتالونيا يمكن أن يصوت على إعلان رسمي للاستقلال، إذا رأى ذلك مناسباً».
وتظاهر آلاف الناشطين الكاتالونيين في برشلونة قبل أن يلقي بوتشيمون خطابه، وسط تكهنات باحتمال تراجعه عن إعلان الاستقلال. وهذا فعلاً ما حصل، إذ لم يعلن بوتشيمون انفصال الإقليم الغني في شمال شرقي البلاد بعد استفتاء حول الاستقلال حظرته مدريد.
وارتفع مؤشر البورصة الإسبانية «أبيكس 35» بأكثر من 2 في المائة جراء التقارير الإيجابية. وكان نائبان من حلفاء بوتشيمون قد أعلنا استقالتهما. وقال خوردي كومينال، وهو نائب عن حزب بوتشيمون: «لا أوافق على قرار الدعوة للانتخابات، سأستقيل كنائب».
وتجمع آلاف من الطلاب والناشطين من مؤيدي الاستقلال أمام مبنى الحكومة الإقليمية في برشلونة، مرددين هتافات «الاستقلال»، فيما كتب على لافتة «بوتشيمون خائن».
وفي الوقت نفسه، ستبدأ في مدريد لجنة تابعة لمجلس الشيوخ، تضم 27 عضواً، مناقشة تعليق الحكم الذاتي بحكم الأمر الواقع في كاتالونيا، حيث يقيم 16 في المائة من الإسبان، بطلب من حكومة ماريانو راخوي المحافظة.
وسيقرر مجلس الشيوخ الإسباني، في جلسة عامة الجمعة، ما إذا كان سيمنح رئيس الحكومة بموجب المادة 155 من الدستور سلطة إقالة الحكومة الانفصالية الكاتالونية، ووضع شرطتها وبرلمانها ووسائل إعلامها الرسمية تحت وصاية مدريد لمدة 6 أشهر، إلى أن يتم تنظيم انتخابات في الإقليم مطلع 2018.
وهذا التصويت يعتبر محسوماً مبدئياً لأن المحافظين يشغلون غالبية مريحة في مجلس الشيوخ، وسيتمكنون من الاعتماد على دعم الحزب الاشتراكي والليبراليين من حزب المواطنة الذي تأسس في كاتالونيا ضد الاستقلال.
ولا يزال من غير الواضح إذا ما كانت الحكومة المركزية في مدريد ستتراجع عن خططها إذا ما تنازل بوتشيمون عن خيار الاستقلال. وشدد بوتشيمون، الخميس، على أن تولي مدريد لسلطات كاتالونيا يشكل «مساساً» بالدستور الإسباني.
ومساء الأربعاء، دعا إلى جلسة طارئة لحكومته التي اجتمعت حتى وقت متأخر ليل الأربعاء، بحسب إذاعة كادينا سير. وذكرت صحيفة «لافانغوارديا» أنه يميل نحو الانفصال، في حين أن الحكومة الإقليمية مقسومة. وإذا كانت الحال كذلك، فإن بوتشيمون سيعطي حينئذ الضوء الأخضر لبرلمان كاتالونيا الذي يهيمن عليه الانفصاليون للتصويت على الاستقلال.
وكاتالونيا التي تدهورت علاقاتها مع مدريد باستمرار منذ مطلع سنوات 2010، تشهد أخطر أزمة سياسية عرفتها إسبانيا منذ عودة الديمقراطية في 1977، منذ تنظيم استفتاء حول الاستقلال لم تعترف به مدريد وحظره القضاء. ويبدو أن احتمالات التقريب بين الطرفين بعيدة جداً.
فماريانو راخوي يأمل في أن يقاطع الكاتالونيون المنقسمون حول الاستقلال الانفصاليين الذين لا يحظون بدعم دولي، وتسببوا برحيل كثير من الشركات، وتراجع عدد السياح والوظائف. فحتى الخميس، أعلنت 1600 شركة عن نقل مقارها خارج الإقليم المضطرب، فيما تراجعت بالفعل الحجوزات السياحية في الإقليم، بحسب هيئات تنشط في هذه الصناعة الرائحة في الإقليم. ويراهن الانفصاليون الحاكمون في كاتالونيا على دعم كثير من المواطنين الذين يشعرون بأن مدريد تعاملهم بازدراء منذ عدة سنوات، ولا يزالون غاضبين من أعمال العنف التي مارستها الشرطة خلال الاستفتاء في 1 أكتوبر، حيث صوت 90 في المائة لصالح الاستقلال، مع نسبة مشاركة بلغت 43 في المائة، وفق أرقام يصعب تأكيد صحتها.
وبدا فرض الوصاية على الإقليم حتمياً، الأربعاء، حين بدد راخوي كل الآمال بإجراء حوار مع رئيس كاتالونيا، وقال لنائب انفصالي كاتالوني: «تقولون لي إن المؤسسات الكاتالونية طلبت الحوار، وإن ردي كان المادة 155» من الدستور، التي تتيح فرض وصاية على الإقليم «وهذا الأمر صحيح»، مضيفاً: «هذا الرد الوحيد الممكن».
ويؤدي تطبيق المادة 155 من الدستور الإسباني، في حال قرر مجلس الشيوخ ذلك بالتصويت الجمعة، إلى تعليق الحكم الذاتي في كاتالونيا، الذي كان قد أعيد إثر نهاية حكم الديكتاتور فرانثيسكو فرانكو (1939 - 1975)، والذي يتمسك به الكاتالونيون بقوة. وكل هذه التطورات يمكن أن تؤدي إلى انعكاسات سلبية على اقتصاد هذه المنطقة التي تمثل 19 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي الإسباني.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».