المغرب يحتضن المرحلة الثانية من «قافلة السلام الأميركية»

بمشاركة كبار الأئمة والقساوسة والحاخامات من أميركا والعالم العربي

TT

المغرب يحتضن المرحلة الثانية من «قافلة السلام الأميركية»

تحتضن الرباط فعاليات المرحلة الثانية من استراتيجية «قافلة السلام الأميركية»، التي تنظمها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، بالتعاون مع «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، وبمشاركة كبار الأئمة والقساوسة والحاخامات من أميركا والعالم العربي.
ويشكل هذا المؤتمر المحطة الثانية للقافلة التي احتضنتها الإمارات العربية المتحدة في مايو (أيار) الماضي، تطبيقاً للتوصيات التي تضمنها «إعلان مراكش» الصادر عام 2016 حول حقوق الأقليات الدينية.
ومن أبرز الشخصيات المشاركة في مؤتمر الرباط، الدكتور محمد مطر الكعبي أمين عام منتدى تعزيز السلم رئيس هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الإمارات، وأحمد التوفيق وزير الأوقاف في المملكة المغربية، والدكتور ويليام فندلي رئيس منظمة أديان من أجل السلام، والحاخام روبي بروس لاستيك كبير حاخامات الطائفة اليهودية في واشنطن، والقس بوب جين روبرتس كبير القساوسة في دالاس.
وتحدث أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون المغربي، في افتتاح المؤتمر، عن جدوى عمل القادة الدينيين والتحديات التي تواجههم، مشيرا إلى أن الأمر «يتعلق بتعزيز السلم في النفوس لكي تتحرر من الطغيان». وقال التوفيق: «لا يخفى عليكم أن السياق له دور كبير في تيسير هذه المهمة أو تعسيرها، وأقصد بالسياق النظام العالمي في توجهاته الكبرى، وحتى لا يكون في عبارتي أدنى التباس، فإن ما أقصد أن أقوله هو أن حكماء هذا العالم سيقومون بالتشخيص الصحيح لكل المشكلات إذا عرفوا أن أصل الداء هو التطرف بكل أشكاله وميادينه، وأن التفاهم من أجل التضامن هو سبيل حل المشكلات وصيانة إنسانية الإنسان».
وتحدث التوفيق عن تجربة المغرب في مجال صيانة الثوابت الدينية، مشيرا إلى أنها تستهدف «تأطير حياة المتدينين بتفسير رحب يتجاوب مع مقاصد الدين، ولا سيما في بابي الحرية والعدل، واحترام الآخر». وأوضح التوفيق، أن «أدنى درجات هذا الاحترام هو الكف عن جميع أنواع الأذى»، الشيء الذي مكن المغرب من إرساء بنائه على أسس «تلائم صيانة تلك الثوابت مع مسيرته في الرقي بالأساليب والآليات الحديثة، دون أي تفاوت مع هويته الدينية والوطنية».
وأضاف التوفيق أن القادة الدينيين يواجهون تحديات في القيام بدورهم على مستوى قضايا تعزيز السلم، بوصفهم مؤتمنين دينيين من قبل جماعاتهم. وأضاف التوفيق أن «رجل الدين شاهد موضوعي، وما أصعب التشخيص، ولكي يكون الشاهد موضوعيا ينبغي أن يملك حريته، وموضوع تأهيل الناس للحرية هو مشروع الأشخاص النموذجيين في الدين».
من جانبه، أبرز عبد الله بن بيه، رئيس «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة»، في كلمته الافتتاحية لأعمال الملتقى، أن رعاية العاهل المغربي للمؤتمر «تؤكد حرص عقلاء المسلمين على مد جسور السلام والوئام بين أبناء مختلف الأديان، من أجل عمارة الأرض بالخير والجمال وحماية حقوق الإنسان».
وقال الشيخ بن بيه «إننا كلّما تأملنا مختلف الأزمات التي تهدد الإنسانية، ازددنا اقتناعا بضرورة التعاون بين جميع أهل الأديان وحتميته واستعجاليته. وهو التعاون على كلمة سواء قائمة لا على مجرد التسامح والاحترام، بل على الالتزام بالحقوق والحريات التي لا بد أن يكفلها القانون ويضبطها على صعيد كل بلد. غير أن الأمر لا يكفي فيه مجرد التنصيص على قواعد التعامل، بل يقتضي قبل كل شيء التحلي بالسلوك الحضاري الذي يقصي كل أنواع الإكراه والتعصب والاستعلاء».
وأشار الشيخ بن بيه، إلى أن إعلان مراكش «يدعو مختلف الطوائف الدينية التي يجمعها نسيج وطني واحد إلى معالجة صدمات الذاكرة الناشئة من التركيز على وقائع انتقائية، ونسيان قرون من العيش المشترك على أرض واحدة، وإلى إعادة بناء الماضي بإحياء تراث العيش المشترك، ومد جسور الثقة بعيدا عن الجور والإقصاء والعنف، داعيا ممثلي مختلف الملل والديانات والطوائف إلى التصدي لكل أشكال ازدراء الأديان وإهانة المقدسات وكل خطابات التحريض على الكراهية والعنصرية».
ودعا الشيخ بن بيه المشاركين في مؤتمر الرباط إلى بحث سبل تطبيق إعلان مراكش، مشيرا إلى أن إعلان مراكش «يستبطن دعوة للتعايش بين الديانات والثقافات»، وأنه بذلك «يؤسس لمرحلة جديدة من الفهم العميق للاستفادة من تراث الماضي لبناء تعايش في الحاضر والمستقبل، ويبين واجب رجال الدين في البحث في نصوصهم الدينية وتاريخهم وتراثهم، ليجدوا أساسا وينبوعا للتسامح والتعايش، وتفعيل المشتركات».
من جانبه، تحدث الدكتور محمد مطر الكعبي، أمين عام «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» رئيس هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة الإمارات، عن العلاقة الوثيقة والعريقة بين المغرب والإمارات، التي تشمل مختلف المجالات، وبخاصة المجالين الديني والإنساني، مشيرا إلى أن ذلك يجعل «من الطبيعي أن يأتي ملتقى القافلة الأميركية للسلام في الرباط بعد لقاء ناجح ومثمر في أبوظبي مطلع مايو الماضي»، مشيرا إلى أن «الحكماء والعقلاء الذين اجتمعوا في أبوظبي آمنوا بأهمية إنشاء حلف يرتقي بالقيم الإنساني».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».