طالبان تمارس استعراضاً للقوة ضد ترمب في أفغانستان

مقتل 40 مسلحاً بقصف أميركي استهدف معسكراً لـ«داعش»

إجراءات تفتيش على الطريق السريعة خارج قندهار جنوب أفغانستان عقب أسبوع دام من التفجيرات (إ.ب.أ)
إجراءات تفتيش على الطريق السريعة خارج قندهار جنوب أفغانستان عقب أسبوع دام من التفجيرات (إ.ب.أ)
TT

طالبان تمارس استعراضاً للقوة ضد ترمب في أفغانستان

إجراءات تفتيش على الطريق السريعة خارج قندهار جنوب أفغانستان عقب أسبوع دام من التفجيرات (إ.ب.أ)
إجراءات تفتيش على الطريق السريعة خارج قندهار جنوب أفغانستان عقب أسبوع دام من التفجيرات (إ.ب.أ)

استهدف قصف جوي أميركي معسكراً لتدريب المهاجمين الانتحاريين بإقليم ننغارهار شرق أفغانستان، طبقا لما ذكرته وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء أمس. وقال مسؤولو الأمن المحلي إنه تم تنفيذ القصف الجوي بإقليم ننغارهار أول من أمس. وذكرت قيادة الشرطة الإقليمية في بيان أن 40 شخصا على الأقل، من بينهم مدربان بتنظيم داعش وكثير من الانتحاريين، قتلوا في القصف الجوي. وأضاف البيان أن معسكر التدريب يقع في بلدة بيخا بمدينة أشين. وذكرت قيادة الشرطة أنه تم تدمير كثير من الأسلحة والذخائر والمتفجرات، التي تخص الجماعة الإرهابية، في القصف الجوي. ولم تعلق الجماعات المتشددة المسلحة المناهضة للحكومة على التقرير حتى الآن.
في غضون ذلك، صرح مسؤول محلي بأن اقتتالا وقع بين فصيلين من حركة طالبان بإقليم هيرات غرب البلاد، وأسفر عن مقتل 50 من الجانبين. وقال جيلاني فرهاد، المتحدث باسم حاكم الإقليم، إن المعارك دارت بين مسلحين موالين لزعيم طالبان الملا هيبة الله وآخرين موالين للقيادي في الحركة الملا رسول بمنطقة شينداند ليلة السبت. وأضاف أن فصيل هيبة الله خسر أكثر من 30 من عناصره، بينما أصيب 15 من الجانبين.
وكان انقسام قد وقع في صفوف طالبان، وبدأ اقتتال حول السيطرة على الحركة في أعقاب إعلان وفاة زعيم الحركة السابق الملا محمد عمر وتولي الملا أختر محمد منصور في يوليو (تموز) من عام 2015.
وكان 8 عناصر من حركة طالبان قد لقوا حتفهم في أبريل (نيسان) الماضي في اشتباكات بين الفصيلين في المنطقة نفسها.
إلى ذلك، يرى محللون أن تصاعد الهجمات الدامية على أهداف أمنية في أفغانستان يشكل عرضا للقوة تمارسه طالبان ضد الرئيس الأميركي دونالد ترمب ويهدف في الوقت نفسه إلى إحباط القوات المحلية.
وفي 3 من الهجمات الأربع الكبيرة التي شنت منذ الثلاثاء على مراكز للجيش والشرطة، استخدم المتمردون عربات «هامفي» العسكرية الخفيفة بعدما فخخوها بمتفجرات سبق أن استولوا عليها من قوات الأمن. وتعكس هذه العمليات أيضا استراتيجية جديدة لدى طالبان التي تركز على أهداف أمنية بحتة بعدما حاولت طوال أعوام مهاجمة مدن مثل قندوز (شمال) التي سيطرت عليها لوقت قصير بين 2015 و2016 ولشكر غاه في ولاية هلمند الجنوبية العام الماضي.
وقالت فاندا فلباب براون، العضو في مركز «بروكينغز» إن متمردي طالبان «يريدون إظهار قوتهم بعد إعلان السياسة (الأميركية) الجديدة لترمب ونشر قوات إضافية». ولاحظت في المقابل أنهم «لم يسعوا إلى السيطرة على عواصم ولايات، وما عادوا يستنفدون إمكاناتهم في هجمات مماثلة».
وخلال الربيع خصوصا، شنت طالبان كثيرا من الهجمات الدامية على معسكرات مثل القاعدة الكبرى شمالا قرب مزار الشريف في أبريل، حيث سقط أكثر من 150 قتيلا. لكن الأسبوع الماضي شهد عددا قياسيا من الهجمات الكبيرة في غارديز (جنوبي شرق) وغزنة (وسط) وقندهار (جنوب) وصولا إلى كابل أول من أمس. وخلفت هذه الاعتداءات أكثر من 150 قتيلا في صفوف قوات الأمن خلال 5 أيام.
وكان ترمب أعلن في الصيف أن القوات الأميركية ستبقى في أفغانستان حتى إشعار آخر، من دون أن يحدد مهلة زمنية، على أن يتم نشر مزيد من الجنود. وفي موازاة ذلك، كثف الأميركيون غاراتهم الجوية على مواقع طالبان و«شبكة حقاني» الإرهابية المرتبطة بالحركة. وألقوا وأطلقوا في سبتمبر (أيلول) الماضي عددا غير مسبوق من القنابل والصواريخ منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2010. وأسفرت سلسلة ضربات استهدفت خصوصا جنوب شرقي البلاد على طول الحدود مع باكستان ومناطق القبائل، عن عشرات القتلى في صفوف المتمردين.
من جانبه، أكد متحدث باسم طالبان لوكالة الصحافة الفرنسية أن الهجمات الأخيرة تشكل «رسالة واضحة»، مضيفا: «إذا أعتقد العدو أنه يخيفنا باستراتيجية ترمب الجديدة، فقد لقناه درسا». ويتزامن تصاعد العنف مع حراك دبلوماسي بعد طول انتظار، يتجلى في مفاوضات تجرى بداية الأسبوع بمشاركة أفغانستان وباكستان والولايات المتحدة والصين؛ محورها كيفية وضع حد لستة عشر عاما من التمرد. وعلق المحلل مايكل كوغلمان من «مركز ويلسون» في واشنطن بأن متمردي «طالبان يريدون إيصال رسالة مفادها بأنهم يفضلون القتال على التفاوض، وأنهم يستطيعون القيام بذلك. والواقع أن هذه الرسالة مدمرة؛ فقد خلفت مئات القتلى والجرحى، وأدت إلى إلحاق أضرار كبيرة بقواعد عسكرية ومراكز للشرطة».
في غارديز، استخدمت طالبان 3 عربات مفخخة على الأقل، مخلفة نحو 60 قتيلا. وفي غزنة، هاجمت المقر العام للشرطة مرتين. وتؤثر هذه الضربات سلباً في معنويات القوات من جهة؛ وتتجنب طالبان عبرها الانتقادات حول مقتل مدنيين؛ من جهة أخرى. وقد أقر نائب وزير الدفاع الأفغاني بأن «عشرات» من عربات «هامفي» وشاحنات عسكرية اختفت في الأعوام الأخيرة.
وقال كوغلمان إن «القوات الأفغانية ستصاب بإحباط كبير حين ترى أن العدو يستخدم معداتها. كل ذلك على وقع فساد وانشقاقات تسود صفوف الجنود وعناصر الشرطة الأفغان فيما يدفع المتطوعون ضريبة باهظة».
وفي هذا السياق، عدّت الهيئة التابعة للكونغرس الأميركي التي تشرف على نفقات الولايات المتحدة في أفغانستان، أن خسائر القوات الأفغانية «صادمة».
من جهته، صرح مصدر في القوات الأفغانية لم يكشف هويته لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه على الجيش أن يظهر حزما أكبر ويخرج من قواعده للرد على هذه الهجمات.
بدورها، اقترحت فاندا فلباب براون تعزيز نقاط المراقبة وتحسين تقاسم المعلومات. ودعا قائد شرطة قندهار الجنرال عبد الرازق إلى تعزيز القوات الجوية الأفغانية «في أسرع وقت» لوضع حد سريع للهجمات التي تستمر ساعات كما حصل في غارديز. وفي رأيه أن الهجمات المتكررة في الأيام الأخيرة تعكس عدم تحقيق طالبان مكتسبات خلال موسمها القتالي المعتاد، خصوصا أنها أعلنت أنها ستشن مزيدا من الهجمات. وقال: «فلنتخذ التدابير المطلوبة بدل أن نعبر عن قلقنا».



«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن تفجير انتحاري أودى بحياة وزير اللاجئين الأفغاني في مكتبه في كابل، بحسب ما ذكر موقع «سايت»، اليوم (الأربعاء).

وقُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، اليوم، من جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح من جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.