آبي يكسب رهان الانتخابات التشريعية المبكرة

تحالف رئيس الوزراء الياباني حصل على غالبية مريحة في البرلمان

رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي يبتسم خلال مؤتمر صحافي في طوكيو أمس (رويترز)
رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي يبتسم خلال مؤتمر صحافي في طوكيو أمس (رويترز)
TT
20

آبي يكسب رهان الانتخابات التشريعية المبكرة

رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي يبتسم خلال مؤتمر صحافي في طوكيو أمس (رويترز)
رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي يبتسم خلال مؤتمر صحافي في طوكيو أمس (رويترز)

حقّق رئيس الوزراء الياباني المحافظ، شينزو آبي، أمس، فوزاً كبيراً في الانتخابات التشريعية المبكرة، وفق أولى استطلاعات الرأي، ليشغل المنصب لولاية جديدة على رأس ثالث اقتصاد في العالم على خلفية تهديدات كوريا الشمالية.
ويتجه تحالف الحزب الليبرالي الديمقراطي (يمين) بزعامة آبي وحزب كوميتو (يمين وسط)، إلى الفوز بـ311 مقعداً من أصل 465 في البرلمان، بحسب تقديرات قناة «تي بي إس» الخاصة، استناداً إلى نتائج استطلاعات لدى الخروج من مكاتب الاقتراع نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية.
وبذلك، يكسب رئيس الحكومة القومي رهانه، ويبقى في السلطة حتى 2021، متجاوزاً الرقم القياسي الذي سجّله رئيس وزراء ياباني في البقاء في السلطة، وكان نحو ثماني سنوات.
وقبل هذه الانتخابات، كان لتحالفه الحكومي 318 مقعداً في البرلمان، لكن فضائح متكررة أثّرت على صورته، مع خشية من خسارته الانتخابات التشريعية المقررة بعد عام، ما دفعه الشهر الماضي إلى الدعوة لانتخابات مبكّرة.
وبهذه الغالبية المريحة، يتعزز موقف آبي الحازم حيال كوريا الشمالية، التي سبق أن أطلقت صاروخين فوق الأرخبيل الياباني. ويؤيد آبي موقف الحليف الأميركي القائم على إبقاء «كل الخيارات» مطروحة ضد بيونغ يانغ بما فيها العسكري.
وقال يوشيهيسا يموري، الذي يدير شركة للبناء، وأدلى بصوته في وسط طوكيو، لوكالة الصحافة الفرنسية: «أدعم موقف شينزو آبي في عدم الرضوخ لضغوط كوريا الشمالية». وأضاف: «أريد أن يواصل هذه الإرادة الحازمة عبر التعاون مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وبالنسبة لي إنّها نقطة مهمة في هذه الحملة».
وبعد حملة قصيرة استمرت 12 يوماً، وتركّزت على كوريا الشمالية والقضايا الاقتصادية، جرت عمليات الاقتراع أمس تحت أمطار غزيرة مع اقتراب إعصار قوي. وإذا كانت الأحوال المناخية السيئة لم تؤثر على الجانب اللوجيستي للانتخابات، فإنها قد تكون ساهمت في زيادة عدم المشاركة، علماً بأن اليابانيين يستطيعون الاقتراع قبل أيام عدة من موعد الاستحقاق. وقدر عدد الذين صوتوا قبل يوم أمس بـ21.4 مليون ياباني من أصل مائة مليون، ما يشكل رقماً قياسياً.
وتوقعت «تي. بي.إس» أن يفوز حزب الأمل، الذي أسّسته رئيسة بلدية طوكيو يوريكو كويكي بـ50 مقعداً، على أن يحصل الحزب الديمقراطي الدستوري، ثاني أكبر حزب معارض، على 58 مقعداً.
والأحد، صرحت كويكي الموجودة في باريس للمشاركة في مؤتمر دولي عن التلوث «أعتقد أن النتيجة قاسية جداً». وأضافت: «سيتم النظر لاحقاً في أسباب (الهزيمة)، لكنني أعتذر من الناخبين إذا كانوا انزعجوا من عباراتي وسلوكي». وعن مستقبل حزبها، اكتفت بالقول: «بوصفي مؤسسة للحزب، سأتحمّل مسؤولياتي».
بهذا الصدد، قال المحلل السياسي ميكيتاتا ماسوياما من المعهد الوطني للدراسات السياسية لوكالة الصحافة الفرنسية إن «فوز الحزب الليبرالي الديمقراطي ينبع بكل بساطة من عجز المعارضة عن تشكيل جبهة موحدة».
وبذلك، سيحافظ تحالف آبي على غالبية الثلثين في البرلمان على غرار مجلس الشيوخ. وهو شرط ضروري للدعوة إلى استفتاء يقترح مراجعة الدستور السلمي الذي فرضته الولايات المتحدة في 1947، بعد استسلام اليابان مع نهاية الحرب العالمية الثانية، الذي تنصّ مادته التاسعة على التخلي عن الحرب «إلى الأبد».
وفي مواجهة شيخوخة السكان وانكماش يضر بالاقتصاد منذ عامين ونمو متعثر، يشدد آبي على ما حققته سياسته الاقتصادية من زيادة في الميزانية وسياسة نقدية ثابتة في مد السوق بالسيولة.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT
20

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».