ندّدت أحزاب معارضة في الجزائر برفض الإدارة «بشكل تعسفي» مشاركة قوائم عدة في الانتخابات المحلية المقررة في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، واتهمت السلطة بمحاولة السيطرة على المجالس المحلية.
وقدمت كل أحزاب المعارضة، من «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (علماني) إلى الأحزاب الإسلامية مثل «حركة مجتمع السلم»، مروراً بـ«جبهة القوى الاشتراكية» (اليساري وأقدم حزب معارض) أمثلة عن ترشيحات تم رفضها لأسباب اعتبروها واهية. واتهموا الولاة، المكلفين بدراسة ملفات المرشحين، بتجاوز قانون الانتخابات الذي يحرم من الترشح كل من «حكم عليه نهائيا» وبعقوبة «سالبة للحرية».
وعلى هذا الأساس تم إبعاد نحو ستين مرشحا من التحالف الإسلامي (حركتي البناء والنهضة وجبهة العدالة)، بعضهم من أجل «غرامات لم يتم دفعها» وآخرين «بسبب تهديد الأمن العام رغم أنهم ليسوا ملاحقين قضائيا ولم يتم الحكم عليهم» كما صرح خليفة هجيرة، أحد قادة هذا التحالف. وأضاف مستغربا أن كل هؤلاء المرشحين تمكّنوا من المشاركة في الانتخابات التشريعية في مايو (أيار) الماضي.
وأشار مسؤول الإعلام في «جبهة القوى الاشتراكية»، حسان فرلي والنائب عن «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» ياسين آسيوان، إلى أن «المساس أو تهديد أمن الدولة» أحد الأسباب التي ألصقت بالمترشحين رغم أنهم لم يتعرضوا لأي متابعة قضائية. وذكر القيادي في حزب العمال (يساري) رمضان تعزيبت، مثالاً عن مرشح منتخب منذ عشر سنوات، تم استبعاده مرة أخرى من أجل غرامة لم يدفعها عام 1983. وفي منطقة أخرى، تم استبعاد مرشح ينتمي إلى «حزب العمال» لأن اسمه موجود (دون أن يعلم كما قال) على قائمة حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس.
وبحسب أحزاب المعارضة، فإن هذه الترشيحات التي تم إبعادها من الصعب تعويضها، لعدم وجود أشخاص مستعدين لترشيح أنفسهم، حتى إن هذه الأحزاب وجدت صعوبة في تشكيل قوائمها. كما يتهمون الولايات (المحافظات) بالإفراط في تطبيق قانون الانتخابات الجديد (2016) الذي يفرض على قوائم الأحزاب التي فازت بأقل من 4 في المائة من الأصوات في الانتخابات الماضية، جمع 50 توقيعاً عن كل مقعد تريد الترشح له. وبذلك تحتاج هذه الأحزاب التي ليس لديها قاعدة جماهيرية كبيرة وفي كل الولايات أن تجمع بين 650 إلى 2150 توقيعا لكل بلدية وما بين 1750 إلى 2750 توقيعا في كل ولاية.
وهذه المهمة صعبة في بلد حيث «جبهة التحرير الوطني» التي يرأسها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة و«التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يتزعمه رئيس الوزراء أحمد أويحيى وحدهما ينتشران في أنحاء الجزائر. وقد فاز هذان الحزبان بالغالبية في انتخابات 2012.
وندد رئيس «حركة مجتمع السلم»، عبد المجيد مناصرة، بإبعاد قوائم كاملة لأن «الإدارة رفضت التصديق على التواقيع بسبب أخطاء بسيطة في كتابة الأسماء من العربية إلى الفرنسية» أو خطأ في كتابة رقم بطاقة الناخب، أو بسبب عدم ملء الاستمارة بشكل صحيح. وبحسب ياسين آسيوان فإن حزبه «وجد نفسه تائهاً إلى درجة الإرهاق، بين عدة مصالح» إدارية.
والنتيجة كانت أن كل هذه الأحزاب لن تقدم ترشيحات في نصف عدد المجالس البلدية المقدرة بـ1541، حتى إن الحزب الإسلامي الأكثر انتشارا، حركة مجتمع السلم، لم يتمكن من تغطية أكثر من 47 في المائة من البلديات، ما جعله يندد بـ«انحياز» مسؤولي الولايات لصالح حزبي السلطة. وأكد الباحث في مركز الأبحاث الإنثروبولوجية الاجتماعية والثقافية، بلقاسم بن الزين، أن الإدارة «تريد بسط رقابتها على منتخبيها». وقال إنه يرى في رفض قوائم أحزاب المعارضة «مؤشراً واضحاً على المحسوبية المترسخة في كل المستويات». أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، محمد هناد، فاعتبر أن «النظام يريد التأكد من أن كل البلديات تكون تابعة له». وبحسبه فإن «المرشحين يصبحون بذلك ممتنين للإدارة التي قبلت ترشيحهم». ولم ترد أحزاب السلطة على هذه الاتهامات، إلا أنها أعلنت أنها قدمت مرشحين في كل البلديات وفي 48 ولاية بالجمهورية الجزائرية.
المعارضة الجزائرية تتّهم السلطة بعرقلة مشاركتها في الانتخابات المحلية
المعارضة الجزائرية تتّهم السلطة بعرقلة مشاركتها في الانتخابات المحلية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة