نادراً ما تجد صحافياً أو مذيعاً مهماً في إسلام آباد لا يملك حساباً خاصاً على «تويتر» أو «فيسبوك»، ليس لداعي التسلية والترفيه، بل يستخدمون تلك المنابر للإعلان عن عملهم ومحتواه. وهذا هو السبب الأساس لبقائهم أمام حساباتهم فترات طويلة في اليوم.
باتت رؤية المذيعين ومقدمي البرامج الممسكين بهواتفهم الذكية ذات الشاشات الكبيرة في الأماكن العامة، من الأمور الشائعة في هذه المدينة، على الرغم من تولي أشخاص آخرين مسؤولية إدارة حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
لا يقتصر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على الإعلان فحسب، بل يستخدمها الصحافيون والمذيعون لتوصيل رسائلهم السياسية أيضاً. فكثيراً ما يستخدم الصحافيون موقع «تويتر» للتعبير عن آرائهم في القضايا السياسية الساخنة التي تثير جدلاً في المجتمع.
قبل بدء بثّ البرنامج الحواري مباشرة على الهواء، ينشر المذيع مشاركاته على «تويتر» و«فيسبوك»، للإعلان عن بدء حلقته طمعاً في جذب أكبر عدد من المشاهدين وزيادة نسبة المشاهدة؛ وسرعان ما تتداول المؤسسات الإعلامية التي يعملون بها تغريداتهم ومشاركاتهم لنشرها. لذا أصبح كل من «تويتر» و«فيسبوك» من الوسائل المستخدمة لزيادة نسبة المشاهدة داخل البلاد وخارجها. كذلك يلجأ بعض القنوات الإخبارية البارزة حالياً إلى «تويتر» للإعلان عن نشراتها الإخبارية قبل بثها.
في ذلك، يقول ساردار شهاب، الخبير في مجال الإعلام: «إنهم ينشرون قصصاً إخبارية مثيرة للاهتمام سيجري تناولها وعرضها في النشرات الإخبارية التي تُنشر على مدار الساعة في موقعي (تويتر) و(فيسبوك). فهذه الطريقة لا تجذب المشاهدين داخل البلاد فقط، بل من هم خارجها أيضاً».
غالبية السكان الذين يقيمون في المناطق الحضرية في باكستان يستفيدون من خدمة الإنترنت، وبالتالي فإنّ مواقع التواصل الاجتماعي باتت مألوفة بالنسبة إليهم، وهذا ما يضمن وصول الرسائل الإعلانية التي تبثها المؤسسات الإعلامية والمذيعون إلى الجمهور المستهدف في اللحظة المحددة.
نحو 17.8 في المائة من الباكستانيين يستخدمون الإنترنت، حسب تقديرات الحكومة، ولدى نسبة مماثلة معرفة بمواقع التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» و«فيسبوك». الجزء الأكبر من هذه النسبة التي تستخدم الإنترنت تقيم في المناطق الحضرية، أو شبه الحضرية، التي تهتم بالرسائل السياسية أو المحتوى السياسي الذي يُنشر عبر موقعي «تويتر» أو «فيسبوك».
من جهة أخرى، في باكستان الكثير من الجاليات الأجنبية القادمة من دول الشرق الأوسط، وأوروبا، والولايات المتحدة الأميركية، التي تحصل على معلومات خاصة بدولها من القنوات التلفزيونية؛ كما تُستخدم مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً لجذبهم لمشاهدة برامج تُبث على شاشات التلفزيون. لذا فإنّ استخدام المذيعين هذه المواقع لإرسال رسائلهم وآرائهم السياسية لا تذهب عبثاً أو تتبخّر في الفضاء الخارجي، بل تصل إلى كم كبير من المواطنين والمتابعين لهم حول العالم، ويُقدّر عدد متابعي الإعلاميين والمذيعين في هذه المدينة بالملايين.
ويوضح شهاب قائلاً: «يشارك محبو المذيع ومعجبوه في النقاشات التي يثيرها على (تويتر) أو (فيسبوك) من خلال رسائله وآرائه السياسية». كذلك لاستخدام «تويتر» أو «فيسبوك» بغرض الإعلان بعدٌ اقتصادي أيضاً، فلا تدفع المحطات الإخبارية أو المذيعون أي مبلغ مالي مقابل نشر أي محتوى على تلك المواقع، فالأنشطة عليها مجانية، لكن الثمن الذي يدفعونه فعلياً هو الراتب الذي يحصل عليه المسؤولون عن إدارة تلك الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي. عادةً ما يكون هؤلاء الأشخاص من الشباب الجامعي أو من حديثي التخرج، وكثيراً ما يوظّفهم فريق المذيع مقابل أجر متواضع.
حسب خبراء الإعلام، فإنّ المسؤولين عن إدارة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، يقومون بوظيفتين: الأولى، الإعلان عن النشرة أو البرنامج قبل موعد بثّه. والثانية، تجديد الإعلان عنها بعد إذاعتها. تتضمن الأولى نشر رسائل بسيطة تعلن عن موعد البرنامج أو النشرة والموضوع أو الموضوعات التي سيتم تناولها، في حين تشمل الثانية عملية أكثر تعقيداً حيث يتعين على مسؤولي إدارة الصفحة التحلي بمهارة تقدير الأمور والمسائل التحريرية بحيث تُنشر الأجزاء الأكثر إثارة من البرنامج على «تويتر» أو «فيسبوك» لجذب المشاهدين، وحثهم على مشاهدة إعادة البرنامج.
يقول أحد الخبراء في مجال الإعلام، إن المنشورات التي تعقب إذاعة البرنامج أو النشرة، تستهدف أمرين: الأول، جذب المشاهدين ليشاهدوا إعادة البرنامج. والثاني، إنشاء علاقة بين المشاهد والبرنامج مستقبلاً، ليصبح من متابعيه. لذا أصبح استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بغرض إعلاني، وظيفة مهمة بالنسبة إلى المحطات الإخبارية، لذا تستعين تلك المحطات بفرق مهمتها تولي إدارة صفحات التواصل الاجتماعي.
لدى أكثر المحطات الإخبارية في باكستان حالياً مدير خاص لمواقع التواصل الاجتماعي في المجلس التنفيذي لها، يعمل معه فريق من الخبراء متخصص في هذه المواقع.
مع ذلك ليس الإعلان هو الهدف الوحيد الذي نجحت المحطات الإخبارية في تحقيقه بفضل مواقع التواصل الاجتماعي، بل يستخدمها المذيعون أيضاً ساحات لمعاركهم السياسية. كما يستخدمها مذيعون معارضون للحكومة لانتقاد ممارساتها، فعلى سبيل المثال بدأ المذيع البارز معيد بيرزاده، المعروف بموقفه المناهض للحكومة، في كتابة منشورات على موقع «فيسبوك» معارضة لرئيس الوزراء نواز شريف؛ وقد حازت تلك المنشورات الآلاف من علامات الإعجاب على الموقع. كذلك يقوم الكثير من مقدمي النشرات الإخبارية بتصفية حساباتهم الشخصية على «تويتر» و«فيسبوك» من خلال نشر رسائل بعضهم ضد بعض.
وبدأت الآن وسائل الإعلام المطبوعة، ومنها الصحف والمجلات، في باكستان استخدام مواقع التواصل الاجتماعي هي الأخرى، للإعلان عما تقدمه من محتوى. مع ذلك فهي لا تحظى بنفس المتابعة التي تحظى بها المحطات الإخبارية.
«تويتر» و«فيسبوك» منصتان أساسيتان للترويج الإعلامي في باكستان
يطوعهما الصحافيون لجذب الجماهير... ولأغراض شخصية
«تويتر» و«فيسبوك» منصتان أساسيتان للترويج الإعلامي في باكستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة