الهند تتحرك أفريقياً في وجه المد الصيني

تتعلم من بكين وترى أهمية العوامل الاقتصادية في إيجاد موطئ قدم لنفوذها

الرئيس الصيني مع رئيس الوزراء الهندي خلال قمة «بريكس» الأخيرة (رويترز)
الرئيس الصيني مع رئيس الوزراء الهندي خلال قمة «بريكس» الأخيرة (رويترز)
TT

الهند تتحرك أفريقياً في وجه المد الصيني

الرئيس الصيني مع رئيس الوزراء الهندي خلال قمة «بريكس» الأخيرة (رويترز)
الرئيس الصيني مع رئيس الوزراء الهندي خلال قمة «بريكس» الأخيرة (رويترز)

هناك حالة واضحة من الإيجابية الشديدة في السياسة الهندية إزاء أفريقيا مع اختيار صناع السياسات الخارجية اثنتين من البلدان القارة ذات الأهمية الاستراتيجية، جيبوتي وإثيوبيا، في الزيارة الخارجية الرسمية للرئيس الهندي رام ناث كوفيند.
وتشير الزيارة الرسمية إلى الاستيقاظ الهندي الذي طال انتظاره واهتمام نيودلهي بالأهمية الجيوسياسية غير الاعتيادية للمنطقة المسماة بالقرن الأفريقي. وكانت الدول الأربع التي تشكل القرن الأفريقي، وهي الصومال وإثيوبيا وإريتريا وجيبوتي، إلى جانب اليمن المطلة على سواحل البحر الأحمر، بأنها واحدة من أبرز المناطق المحورية في العالم.

جيبوتي بين التنافس الصيني والهندي
وتأتي زيارة كوفيند الأولى إلى جيبوتي في أعقاب افتتاح القاعدة العسكرية الصينية هناك في وقت سابق من العام الحالي. وموقع جيبوتي المميز عند التقاء البحر الأحمر بالمحيط الهندي، وعلى مفترق الطرق الرابطة بين أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، إلى جانب الصراعات المتعددة وغير المنتهية في منطقة الشرق الأوسط – بين مختلف الدول وداخل الدولة الواحدة، قد زاد من عوامل جاذبية المنطقة كبقعة من أبرز البقاع الجيوسياسة على مستوى العالم. وتستضيف جيبوتي الكثير من القواعد العسكرية متعددة الجنسيات على أراضيها، بما في ذلك القواعد الأميركية واليابانية والفرنسية.
وكان الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر غيلي قد اعتمد استراتيجية راسخة ترمي إلى تحويل موقع بلاده الاستراتيجي إلى ثروة اقتصادية. كما يأمل الرئيس غيلي أيضاً في تحويل البلاد إلى مركز تجاري ولوجيستي كبير على غرار دبي وسنغافورة، ويسعى في الوقت ذاته إلى جلب الاستثمارات الهائلة في مشروعات البنية التحتية.
بالإضافة إلى ذلك، حازت ميناء جيبوتي على أهمية استراتيجية كبيرة من حيث التعامل مع حركة المرور البحري المكثفة، ولا سيما منذ اعتماد إثيوبيا عليها في كافة عملياتها التجارية بعد انفصال إريتريا وتحول إثيوبيا إلى دولة قارية مغلقة من دون وصول إلى البحر الأحمر.
ومن المفارقات المثيرة، أنه لم يشرع أي مسؤول هندي رفيع المستوى، مثل رئيس الوزراء أو رئيس البلاد، إلى زيارة جيبوتي من قبل. ورغم افتتاح جيبوتي سفارتها في نيودلهي عام 2004، فإن الهند ليست لديها تمثيل دبلوماسي رسمي في البلاد حتى الآن.
يقول غورجيت سينغ، السفير الهندي الأسبق لدى إثيوبيا وجيبوتي «تعد جيبوتي ذات أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للهند. وتبرز كدولة رئيسية في منطقة المحيط الهندي. ويعتبر إنشاء القاعدة البحرية الصينية فيها خطوة تؤكد من خلالها بكين على سياستها الخارجية التوسعية، وتؤكد على مكانتها المتنامية في أفريقيا من الناحية الأمنية. وبكل تأكيد، فإن المكانة العسكرية الصينية المتصاعدة في أفريقيا تعقب بصمتها الاقتصادية الواضحة في القارة. وهي تتحرك صوب التعريف الأكثر توسعية لمصالحها العالمية؛ مما يدفع نيودلهي إلى استحداث آليات جديدة تهدف إلى تأمين هذه المصالح، بما في ذلك بصمتها العسكرية المتزايدة في الخارج. وخلال إجلاء الرعايا الهنود من اليمن، وفّرت جيبوتي للهند كافة التسهيلات اللازمة لنقل آلاف المواطنين الهنود من البلاد بطريق الجو والبحر... لذلك؛ فإن زيارة الرئيس تشير إلى أن الهند على استعداد الآن لإنهاء حالة الجمود المستمر حيال جيبوتي، وإعادة تفعيل تلك المنطقة من الناحية الاستراتيجية». وقال اميتافا تشودري، المستشار الأسبق لدى الأمم المتحدة والبنك الدولي بشأن القضايا الأفريقية، معلقاً: «إن كان من الممكن تعزيز العلاقات الثنائية بين الهند وجيبوتي على أسس توفير المهارات، والمرافق التعليمية والطبية، التي يُنظر إليها في هذه المنطقة من واقع أنها المجالات الأكثر قوة من المنظور الهندي، فلن يكون الوقت قد تأخر بالنسبة للهند للبحث عن فرص جديدة لتأمين موطئ قدم استراتيجي في جيبوتي، وربما يمكن إقامة قاعدة عسكرية هناك لمراقبة أعمال القرصنة ومكافحتها. ومن شأن القاعدة الهندية المتقدمة في جيبوتي أن تبعث برسالة إلى المفكرين الاستراتيجيين الصينيين... وتشير الزيارة إلى أن نيودلهي تعيد النظر في الوقت الحالي في منهجها حيال تلك المنطقة وإعادة التفاعل بصورة استراتيجية كبيرة».

التنافس الهندي - الصيني في أفريقيا
دقت زيادة النشاط البحري الصيني في منطقة المحيط الهندي نواقيس الخطر في نيودلهي، ووضعت جيبوتي على الرادار السياسي في الهند. وبموجب الاتفاق الذي تم التوقيع عليه العام الماضي، حازت بكين حقوق إنشاء القاعدة العسكرية في جيبوتي، التي يمكنها استضافة ما يصل إلى 10 آلاف جندي صيني حتى عام 2026.
وأحد أبرز مشروعات البنية التحتية الأكثر وضوحاً للصين في المنطقة كان خط السكك الحديدية الذي يبلغ طوله 750 كيلومتراً بين إثيوبيا القارية وجيبوتي البحرية.
وكانت الهند قد تفاعلت مع الكثير من البلدان الأفريقية من خلال مبادرات القوة الناعمة، مثالاً بالمساهمات الهندية في التعليم المدرسي والجامعي، ومد شبكات الألياف البصرية، وتدريب أطقم المستشفيات، وتنمية غير ذلك من المهارات في مختلف المشروعات التنموية. وذكرت صحيفة «هندوستان تايمز» الهندية نقلاً عن الخبير الاستراتيجي هارش بانت: «تعد الهند متأخرة إلى حد ما في الانضمام إلى التفاعلات ذات التأثير السياسي والجارية في هذه الزاوية الحيوية من المحيط الهندي. وعلى الرغم من الميزة الطبيعية التي تمتلكها الهند على الصين في القارة الأفريقية في صورة الجاليات الهندية الكبيرة هناك، فمع ذلك، لم يكن ذلك كافياً بحال. ويجب على الهند توسيع انتشارها الأفريقي عبر المشروعات الملموسة على أرض الواقع. ولقد حان الوقت للتحرك لما وراء الخطابات السياسية حول العلاقات التاريخية الهندية مع مختلف البلدان الأفريقية، وصياغة تصور للمستقبل الذي تكون الهند فيه على قدم المساواة مع أفريقيا من الناحية التنموية. كما قد حان الوقت أيضاً لرؤية أفريقيا من زاوية القارة التي يمكنها تغيير وجه العالم بأسره».
ولزيارة الرئيس الهندي أهميتها الكبيرة كذلك؛ لأنها جاءت بعد وقت موجز على الإعلان الهندي - الياباني للنوايا الاستراتيجية لربط القارتين الآسيوية والأفريقية في القمة السنوية باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية الهند للمحيط الهادئ والمحيط الهندي الكبيرة.

إثيوبيا أكبر متلقٍ لخطوط الائتمان الهندية
وتأتي إثيوبيا في المرحلة الثانية من زيارة الرئيس الهندي إلى المنطقة، وهي الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها رئيس هندي للبلاد منذ نحو 40 عاماً. وتعتبر الهند من أكبر شركاء التجارة والاستثمار والتنمية لدى إثيوبيا. ولا تزال إثيوبيا أكبر متلقٍ لخطوط الائتمان الهندية بالشروط الميسرة في أفريقيا.
وتعود الروابط الهندية الإثيوبية إلى قرون مضت. وفي العصر الحديث، كانت البلاد تعد مركزاً لرجال الأعمال والمعلمين الهنود. ويبلغ حجم التبادل التجاري الثنائي بين البلدين نحو مليار دولار سنوياً. والهند في الوقت الراهن هي من أكبر ثلاث دول استثمارية أجنبية في إثيوبيا باستثمارات تبلغ 4.8 مليار دولار مع أكثر من 540 شركة هندية تعمل في البلاد. وأغلب الاستثمارات الهندية في البلاد هي في المجالات الزراعية والمنسوجات. كما ضخت الهند ما يصل إلى مليار دولار من القروض إلى إثيوبيا. وتعتبر الهيئة الأكاديمية الهندية من أكبر الهيئات التعليمية هناك، ومن أبرز الجاليات التدريسية الوافدة على الجامعات الإثيوبية.
يقول ريتو بيري، كبير محللي الشؤون الأفريقية لدى معهد الدراسات والتحليلات الدفاعية في نيودلهي: «تعد إثيوبيا واحدة من الشركاء طويلي الأجل لنيودلهي في القارة الأفريقية». وفي الأثناء ذاتها، فإن إثيوبيا هي مقر الاتحاد الأفريقي، ومع ذلك، فإن الهند لم تحسن استغلال علاقاتها مع إثيوبيا على النحو الواجب حتى الآن.
وخلال زيارة الرئيس الهندي إلى البلاد، أكدت الهند على توفير خطوط الائتمان بما يصل إلى 95 مليون دولار إلى إثيوبيا لأجل خط النقل الكهربائي. كما أعلن الرئيس الهندي تخصيص مليونَي دولار لشراء الحبوب الغذائية من إثيوبيا.



حاملة طائرات أميركية تصل إلى كوريا الجنوبية في استعراض للقوة

حاملة الطائرات الأميركية كارل فينسون وصلت إلى مدينة بوسان جنوب كوريا الجنوبية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية كارل فينسون وصلت إلى مدينة بوسان جنوب كوريا الجنوبية (أ.ب)
TT

حاملة طائرات أميركية تصل إلى كوريا الجنوبية في استعراض للقوة

حاملة الطائرات الأميركية كارل فينسون وصلت إلى مدينة بوسان جنوب كوريا الجنوبية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية كارل فينسون وصلت إلى مدينة بوسان جنوب كوريا الجنوبية (أ.ب)

قالت القوات البحرية في كوريا الجنوبية إن حاملة الطائرات الأميركية كارل فينسون وصلت إلى مدينة بوسان في جنوب البلاد اليوم الأحد في استعراض للقوة.

وأضافت القوات البحرية أن الزيارة هي جزء من التزام «راسخ» من الولايات المتحدة بالردع الموسع وإظهار استعداد التحالف العسكري بين سول وواشنطن لمواجهة كوريا الشمالية.

وقالت إن حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية انضمت إليها السفينة الحربية برينستون والمدمرة ستيريت المزودتان بصواريخ موجهة.

حاملة الطائرات الأميركية كارل فينسون وصلت إلى مدينة بوسان جنوب كوريا الجنوبية (أ.ب)

وذكرت وسائل إعلام رسمية أن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون أشرف على تجربة إطلاق صواريخ كروز استراتيجية الشهر الماضي وأمر بالاستعداد الكامل لاستخدام قدراتها الهجومية النووية.

وهذه هي المرة الأولى التي تصل فيها حاملة طائرات أميركية إلى البلاد منذ يونيو (حزيران) عندما وصلت حاملة الطائرات ثيودور روزفلت التي تعمل بالطاقة النووية إلى بوسان للمشاركة في تدريبات عسكرية مشتركة.

حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية انضمت إليها السفينة الحربية برينستون والمدمرة ستيريت المزودتان بصواريخ موجهة (أ.ب)

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، توقفت أيضاً حاملة الطائرات الأميركية كارل فينسون في بوسان.