واشنطن تريد «شراكة استراتيجية» مع الهند

الوزير ريكس تيلرسون في ندوة عن العلاقات مع الهند (أ.ف.ب)
الوزير ريكس تيلرسون في ندوة عن العلاقات مع الهند (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تريد «شراكة استراتيجية» مع الهند

الوزير ريكس تيلرسون في ندوة عن العلاقات مع الهند (أ.ف.ب)
الوزير ريكس تيلرسون في ندوة عن العلاقات مع الهند (أ.ف.ب)

في اليوم الذي ألقى الرئيس الصيني تشي جينبينغ خطابه المترقب في افتتاح أعمال مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني، أول من أمس، الذي رسم فيه ملامح جديدة لدور الجيش الصيني في تشكيل طموحات بكين على الصعيدين المحلي والدولي، دافع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون عن «الشراكة الاستراتيجية» المعززة التي تعتزم الولايات المتحدة تطويرها مع الهند، العملاق الآسيوي الثاني الصاعد، مشيدا بـ«القيم» التي يتمتع بها هذا البلد خلافا للصين التي قال إنها «مجتمع غير ديمقراطي»، منتقدا دورها في المنطقة. الرئيس الصيني شي جينبينغ أكد عزمه، كما جاء في خطاب الأربعاء، على مواصلة تحديث القوات المسلحة الصينية ليجعل «من الجيش الشعبي جيشا من الطراز الأول» بحلول 2050.
وقال الوزير الأميركي أمام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن «ستكون لدينا علاقات مهمة مع الهند» خلال «المائة سنة المقبلة»، لكن «لن تكون لدينا أبدا مع الصين، المجتمع غير الديمقراطي، العلاقة نفسها التي يمكن أن تجمعنا بديمقراطية عظيمة» كالهند. وفي رد فعل على هذه التصريحات، قالت الخارجية الصينية إن واشنطن تعتمد موقفا مغرضا من بكين. وقال لو كانغ، المتحدث باسم الوزارة «نأمل أن ترى الولايات المتحدة تطور الصين ودورها الدولي بطريقة إيجابية، وأن تتخلى عن موقفها المغرض».
وأضاف تليرسون في ندوة خصصت للعلاقات الهندية - الأميركية، كما جاء في تقرير «فرنس برس» من واشنطن، أنه سيتوجه الأسبوع المقبل إلى الهند، في أول زيارة له إلى هذا البلد منذ تولى الرئيس دونالد ترمب مفاتيح البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني). ولاحقا أوضح مسؤول في الخارجية الأميركية، أن زيارة تيلرسون ستشمل أيضا باكستان، الجارة اللدودة للهند.
وتطمح الولايات المتحدة في علاقة جديدة مع الهند تتمكن من خلالها إقحام الدولة النووية في سياسات واشنطن في المنطقة، خصوصا في أفغانستان، وهذا ما عبر عنه وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أخيرا. إلا أن دلهي تجد أن ذلك سيكون مجازفة مكلفة لها، ولا ترغب في خوضها.
وأكد الوزير تيلرسون في كلمته أمام مركز الأبحاث، أن العلاقة بين الولايات المتحدة والهند «مبنية على قيم يتقاسمها»، البلدان اللذان وصفهما بأنهما «ديمقراطيتان كبيرتان جدا وعظيمتان تريدان تشارك المستقبل نفسه». وأفرد تيلرسون حيّزا كبيرا من مداخلته للحديث عن أوجه الاختلاف الكثيرة بين الهند والصين. وقال إن «الصين، بنموها جنبا إلى جنب مع الهند، فعلت ذلك بطريقة أقل مسؤولية، وأحيانا عن طريق تقويض النظام الدولي وقواعده»، مشيرا بالخصوص إلى «الأنشطة الاستفزازية الصينية في بحر الصين الجنوبي». وأضاف، أن «الولايات المتحدة تريد علاقات بنّاءة مع الصين، لكننا لن ندير ظهرنا» عندما «تنال الصين من سيادة الدول المجاورة لها».
وأكد الوزير الأميركي، أن «العالم ومنطقة الهندي - الهادي بشكل خاص في حاجة إلى شراكة قوية بين الولايات المتحدة والهند» في المجالات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية. ولهذا السبب دعا تيلرسون نيودلهي إلى أداء دورها كاملا فيما يخص الأمن الدولي عن طريق تعزيز جيشها وقدراتها الدفاعية.
وأضاف، أن وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس «قال إنه يجب على أكبر ديمقراطيتين في العالم أن يكون لديهما أكبر جيشين، ولا يسعني إلا أن أوافقه الرأي»، مذكّرا بأن الولايات المتحدة سبق وأن عرضت على الهند شراء منظومات أسلحة كثيرة. كما أشاد تيلرسون بدور الهند في أفغانستان. وقال: «الهند شريك للسلام في أفغانستان ونحن نرحب بجهودها» الرامية إلى «المساعدة على تنمية» هذا البلد.
لكن على واشنطن أن تحسب حساب، ليس فقط بكين، وإنما أيضا موسكو، التي عبرت عن رغبتها في إقامة علاقات قوية، هي الأخرى مع دلهي، التي تعتبرها سوقا جيدة لأسلحتها في حالة قررت الهند التوجه شرقا. وتحاول الهند إقامة علاقات متزنة تبقيها على علاقات جيدة مع روسيا والولايات المتحدة. وأعلنت وزارة الدفاع الهندية بدء مناورات عسكرية موسعة مع روسيا تستمر حتى نهاية الشهر الحالي في منطقة عسكرية بشرق روسيا، وتشمل القوات البرية والبحرية والجوية لأول مرة. وأفادت شبكة «إن دي تي في» بأن الدولتين تجريان تدريبات بحرية منذ عام 2003، لكن هذه أول مرة تشمل المناورات جميع أفرع القوات.
وتأتي هذه المناورات في ظل توترات إقليمية، حيث تعمل دلهي والصين على إنهاء مواجهة عسكرية استمرت أشهرا عند نقطة دوكلام ذات الأهمية الاستراتيجية. وتعمل الصين على توسيع تواجدها البحري في المحيط الهندي، كما تقوم ببناء بنية تحتية في سريلانكا وبنغلاديش وباكستان؛ مما يثير غضب دلهي. وأضاف بيان الوزارة الهندية «عام 2017 يمثل حجر زاوية، حيث إنه تم تحديث المناورات لتشمل القوات البرية والبحرية والجوية».
أما فيما يخص باكستان، فقال تيلرسون «إننا ننتظر منها أن تتخذ إجراءات حاسمة ضد المجموعات الإرهابية الموجودة على أراضيها». وأكد الوزير الأميركي، أن أفغانستان «مستقرة وتنعم بالسلام» ستكون دولة تساهم أيضا في استقرار باكستان، وهو عامل أساسي في تحسين العلاقات بين إسلام آباد ونيودلهي.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.