نجاة مسؤول حكومي يمني بارز من كمين مسلح في لحج

الجيش الوطني يفشل محاولات تسلل للميليشيات في البيضاء

جنود يمنيون موالون للحكومة الشرعية على ظهر شاحنة عسكرية خلال الاحتفال بالذكرى الـ55 لثورة سبتمبر 1962 في مدينة تعز (رويترز)
جنود يمنيون موالون للحكومة الشرعية على ظهر شاحنة عسكرية خلال الاحتفال بالذكرى الـ55 لثورة سبتمبر 1962 في مدينة تعز (رويترز)
TT

نجاة مسؤول حكومي يمني بارز من كمين مسلح في لحج

جنود يمنيون موالون للحكومة الشرعية على ظهر شاحنة عسكرية خلال الاحتفال بالذكرى الـ55 لثورة سبتمبر 1962 في مدينة تعز (رويترز)
جنود يمنيون موالون للحكومة الشرعية على ظهر شاحنة عسكرية خلال الاحتفال بالذكرى الـ55 لثورة سبتمبر 1962 في مدينة تعز (رويترز)

نجا نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الخدمة المدنية عبد العزيز جباري ووفد مرافق له من كمين مسلح في منطقة طور الباحة بمحافظة لحج، أثناء عودته من محافظة تعز، بعد زيارة لنحو أسبوعين، ناقش خلالها كثيراً من القضايا العالقة داخل هذه المحافظة المحاصَرَة.
ويأتي تعرض موكب جباري للكمين، بعد أيام من اعتراض موكب رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، في المنطقة ذاتها، من قِبَل مسلحين، غير أن قبائل «الصبيحة» التي تسكن المنطقة، تبرَّأَت من هذا العمل واعتذرت لرئيس الوزراء. وقد كثفت الحكومة الشرعية من نشاطها في المناطق المحرَّرَة وشبه المحررة، من خلال جهود حكومية متواصلة وحل مشكلات المواطنين، خصوصاً في الخدمات والمرتبات وغيرها من المشكلات. وأرجع مراقبون لـ«الشرق الأوسط» هذه الحوادث إلى جماعات قد تكون على ارتباط بالانقلابيين، من أجل إرباك المشهد في المحافظات المحررة.
وقال المحلل السياسي اليمني، بليغ المخلافي لـ«الشرق الأوسط» إن «القوى التي تحاول إعاقة عودة الدولة أزعجها أداء الوفد الحكومي برئاسة عبد العزيز جباري في تعز، وما تمكن من تحقيقه خلال أسابيع قليلة على طريق استعادة مؤسسات الدولة، خصوصاً ما تم بشأن إعادة تفعيل فرع البنك المركزي، وإصدار الجوازات وإخلاء المدارس من المسلحين»، مضيفاً: «كل هذه الإنجازات أغضبت أصحاب الأجندة الخاصة... لذا تعددت محاولات استهداف الجباري».
في التطورات الميدانية، قُتِل عدد من مسلحي ميليشيات صالح والحوثي، بعمليات عسكرية نوعية لقوات الجيش الوطني مسنوداً بمقاومة شعبية في البيضاء وسط اليمن، تزامناً مع استمرار المواجهات والقصف المدفعي في جبهات شبوة والجوف وحجة. وقالت مصادر قبلية في محافظة البيضاء لـ«الشرق الأوسط» إن مواجهات عنيفة اندلعت بين قوات الجيش والمقاومة، من جهة، والميليشيات، من جهة ثانية، في مديرية الزاهر، عقب محاولة تسلل فاشلة للميليشيات إلى معسكرات ومواقع الجيش.
وقال القيادي في الجيش الوطني والمقاومة، الشيخ علي طاهر، إن عمليات عسكرية نوعية نفذتها المقاومة الشعبية على مواقع ومجاميع للميليشيات أسفرت عن سقوط كثير من القتلى والجرحى. وتحدث طاهر لـ«الشرق الأوسط» عن تحركات جديدة وإعادة ترتيب مواقع تقوم بها المقاومة الشعبية والجيش في المناطق الخاضعة لسيطرتها في المحافظة. وتشهد مديريات الزاهر وذي ناعم معارك كر وفر وقصفاً مدفعياً متبادلاً بين قوات الجيش والمقاومة والميليشيات، في وقت تحاول فيه الأخيرة التقدم والتسلل نحو مواقع في مناطق آل حميقان، غير أنها تُجابَه بصد ومقاومة شرسة. ويشن الحوثيون، بين وقت وآخر، قصفاً بقذائف المدفعية على القرى الآهلة بالسكان ومنازل المواطنين، وكان آخره خلال الأيام القليلة الماضية.
وفي محافظة حجة، القريبة من الحدود مع المملكة العربية السعودية، كثفت مقاتلات التحالف العربي غاراتها الجوية على مواقع وتجمعات للميليشيات في جبهة حرض. وقال سكان محليون لـ«الشرق الأوسط» إن 15 غارة جوية للتحالف استهدفت عدة مناطق في بني حداد والمزرق والشارع العام وسط مدينة حرض. وشنَّت قوات الجيش الوطني قصفاً عنيفاً على مواقع الميليشيات في المزرق والمدينة السكنية، وفقاً لما قالته مصادر ميدانية.
وذكرت المصادر أن القصف والغارات كبدت الميليشيات العديد من القتلى والجرحى بالإضافة لتدمير عتاد عسكري. وأفادت المصادر بأن قوات الجيش الوطني صدت هجوماً ومحاولة تسلل للميليشيات نحو مواقع في مدخل مدينة ميدي، وأجبرت المهاجمين على الفرار والانسحاب بعد سقوط كثير من القتلى والجرحى من صفوفهم. ويأتي ذلك، مع استمرار طائرات «أباتشي» بتمشيط مواقع ورصد تحركات الميليشيات على مداخل المدينة، حيث كثفت مقاتلات تحالف دعم الشرعية غاراتها الجوية على مواقع وثكنات في جبل الكرس ومنطقة بني الخمج في مديرية حيران المتاخمة للحدود الإدارية مع محافظة صعدة.
وفي الصعيد الميداني ذاته، شنت قوات الجيش الوطني قصفاً بالمدفعية وقذائف الهاون على مواقع تتمركز فيها الميليشيات في منطقة العكدة بعسيلان محافظة شبوة جنوبي البلاد. وقالت مصادر عسكرية إن القصف على مواقع الميليشيات جاء بعد ساعات من تبادل القصف بين الطرفين في منطقة الخيضر. وتشهد جبهات خب الشعف والمتون والمصلوب في محافظة الجوف مواجهات متقطعة بين الجيش الوطني من جهة والميليشيات من جهة ثانية، دون إحراز أي تقدم يُذكَر لكلا الطرفين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.