الجيش الإسرائيلي يغلق ثماني شركات إنتاج تلفزيوني وقنوات بث فلسطينية

وزارة الإعلام تطلق نداء عاجلاً لمجلس الأمن... ونقابات الصحافيين تستنكر

مسؤولون وصحافيون فلسطينيون يقرأون تعليمات تركها جنود الاحتلال الإسرائيلي في مكتب «بال ميديا» الذي اقتحموه أمس (إ.ب.أ)
مسؤولون وصحافيون فلسطينيون يقرأون تعليمات تركها جنود الاحتلال الإسرائيلي في مكتب «بال ميديا» الذي اقتحموه أمس (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يغلق ثماني شركات إنتاج تلفزيوني وقنوات بث فلسطينية

مسؤولون وصحافيون فلسطينيون يقرأون تعليمات تركها جنود الاحتلال الإسرائيلي في مكتب «بال ميديا» الذي اقتحموه أمس (إ.ب.أ)
مسؤولون وصحافيون فلسطينيون يقرأون تعليمات تركها جنود الاحتلال الإسرائيلي في مكتب «بال ميديا» الذي اقتحموه أمس (إ.ب.أ)

استنكرت الحكومة الفلسطينية واتحاد نقابات الصحافيين ومؤسسات إعلامية عدة، في بيانات أصدرتها، هجوم قوات الاحتلال الإسرائيلي على ثمانية مكاتب إعلامية تابعة لشركات إنتاج تلفزيوني وقناة القدس الفلسطينية، وحذرت جميعها من خطورة هذه الخطوة العدوانية لكم أفواه الإعلام والصحافيين، التي اعتبرتها وزارة الخارجية الفلسطينية محاولة لحجب حقيقة الاحتلال عن الرأي العام.
وكانت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي والمخابرات العامة، قد داهمت الليلة قبل الماضية وفجر أمس، ثمانية مكاتب في كل من رام الله وبيت لحم ونابلس والخليل. وكسرت الأبواب والأقفال، وأجرت تفتيشات استفزازية انتهت بتخريب عشرات الحواسيب، وتكسير المكاتب، ومصادرة الكاميرات وأجهزة الإنتاج، وأغلقت أبوابها بالصفائح الحديدية، واعتقلت بعض الصحافيين والعاملين، ودخلت في اشتباكات مع من احتج على هذه الممارسات. وعلى سبيل المثال داهمت برج فلسطين في مدينة رام الله، الذي يحتوي على عدد من المؤسسات الإعلامية، وعطلت المصاعد، ومنعت المواطنين من الدخول أو الخروج منه، وألصقت عددا من المنشورات، أمرت فيها أصحاب المؤسسات بإغلاق أبوابها لمدة 6 أشهر، وهددت بتحويل كل من يخالف الأمر إلى التحقيق، والاعتقال.
وشملت الحملة مكاتب قناة «القدس» وثلاث شركات إنتاج تلفزيوني، تزود التقارير لعشرات الفضائيات العربية والعالمية، هي: «راماسات» و«ترانس ميديا» و«بال ميديا». وقال قائد «لواء يهودا» في الجيش الإسرائيلي، الكولونيل إيتسيك كوهين، لدى انتهاء الحملة، إن «القنوات التي تم إغلاقها ساعدت قنوات رئيسية في الإعلام الفلسطيني، كقناة الأقصى، وقناة القدس، في التحريض، وفي تشجيع الإرهاب». وأضاف: «التحريض، إن كان يزعجنا قبل ثلاث أو أربع سنوات، فإننا اليوم قد توقفنا عن الانتظار ونستجيب بشكل سريع. إننا نرى التحريض جزءا لا ينفصل عن تشجيع الإرهاب، وبناء عليه، فإننا سنواصل محاربة التحريض. هناك مخربان قاما بتنفيذ عمليات، واعترفا أثناء التحقيق أن أحد الدوافع الأساسية التي جعلتهما ينفذان عملياتهما، هو التحريض الذي تعرضا إليه في وسائل الإعلام».
وقد اعتبرت وزارة الإعلام الفلسطينية استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي لثماني وسائل إعلام وشركات إنتاج، وسرقة معداتها، بفرية التحريض، قمة الإرهاب والقرصنة. وأعربت الوزارة عن تضامنها الكامل مع مؤسستي ترانس ميديا، وبال ميديا، وقناة القدس، التي تتعرض لهجمة إرهابية غير مسبوقة، كما رفضت ما يسمى قرار الإغلاق الذي يتجاوز كل الحدود والقوانين الدولية، ويشكل إهانة لقرار مجلس الأمن الدولي 2222 الذي يوفر الحماية للإعلاميين ويجرم العدوان عليهم. وفندت الوزارة ادعاءات جيش الاحتلال بأن تلك الحملة تأتي في إطار جهود «الإحباط الشامل التي تهدف لاستهداف معالم الإرهاب المختلفة ومن بينها التحريض»، وذكرت بأن الإرهاب الحقيقي هو استمرار الاحتلال والاستيطان، وإطلاق اليد للتحريض والتطرف والتمييز العنصري. وأطلقت وزارة الإعلام نداء عاجلا لمجلس الأمن، والاتحاد الدولي للصحافيين لتوفير الحماية للإعلاميين ومؤسساتهم، وملاحقة مسؤولي الاحتلال المتورطين في العدوان.
وبناء على دعوة الوزارة، قامت المؤسسات الإعلامية الوطنية بتوحيد بثها لستين دقيقة، في تمام الساعة (12:00 ظهراً) احتجاجا على المساس بالإعلام.
من جهته، أكد نقيب الصحافيين ناصر أبو بكر، أنه لا يجوز السكوت على هذا العدوان الذي يأتي ضمن سياسة تكميم الأفواه التي تمارسها حكومة الاحتلال في حربها على الإعلام الفلسطيني، منذ بداية الاحتلال قبل 50 عاما. وكشف أبو بكر عن خطوات واسعة ستتخذها النقابة لإيصال ما حدث اليوم للعالم، تبدأ بالخطوات القانونية الدولية عبر الاتحاد الدولي للصحافيين والاتحادات الإقليمية.
بدورها، أدانت حكومة الوفاق الوطني على لسان المتحدث الرسمي باسمها، يوسف المحمود، بأشد العبارات عملية الاقتحام. وقال المحمود إن ما تقوم به قوات الاحتلال من ملاحقة المواطنين والاعتداء عليهم، واقتحام الأراضي الفلسطينية، والاستيلاء على الأراضي، وتنفيذ مخططات الاستيطان خصوصا في مدينة القدس المحتلة، واقتحام المسجد الأقصى، والمساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية، يشكل جزءا من العقلية الاحتلالية الرافضة للسلام، وغير المستعدة لوضع حد لاستمرار التوتر في كامل المنطقة. وأكد أن «الاعتداء على الصحافيين والمؤسسات الصحافية يأتي كجزء من مخططات الاحتلال في منع نقل صورة الفظائع التي يرتكبها، وما يقوم به يشكل في وجه من أوجه التحدي الواضح للجهود الدولية، وفي مقدمتها الجهود الأميركية للبحث عن فرصة للتسوية، وإرساء أسس السلام، والأمن، بموافقة جميع الأطراف». وعليه فإن المطلوب من المجتمع الدولي هو وضع آليات تنفذ فورا لوقف الإجراءات الاحتلالية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.