قائد الشرطة الإسرائيلية: نتنياهو يتصرف كزعيم عصابة

TT

قائد الشرطة الإسرائيلية: نتنياهو يتصرف كزعيم عصابة

كشفت مصادر في الشرطة الإسرائيلية أن مقربين من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، اتصلوا بالمفتش العام للشرطة، الجنرال روني الشيخ، ونقلوا إليه تحذيرات وتهديدات، وبثوا إشاعات تؤدي إلى تشويه سمعته، لأنه، حسب هؤلاء المقربين، لم يفعل ما كان متوقعا منه بأن يوقف التحقيقات في الفساد.
وقالت هذه المصادر إنه في الوقت الذي فوجئ فيه الجهاز السياسي وجهاز تطبيق القانون في إسرائيل بالهجوم الشخصي غير المسبوق، الذي شنه نتنياهو بشكل علني وصريح على المفتش العام للشرطة، تبين أن هذا المفتش بالذات، هو الوحيد الذي لم يفاجأ، فقد سبق أن تلقى تهديدات أوضحت له أن المحيطين بنتنياهو غير راضين عنه، وأن هذه التهديدات وجهت إليه 3 مرات على الأقل في الأسبوعين الأخيرين.
وكان نتنياهو قد شن هجوما على الشيخ، في نهاية الأسبوع الماضي، بعد أن نشرت أنباء عن تجديد التحقيق ضده بعد الأعياد العبرية. واتهم نتنياهو الشيخ بأنه منذ أن قام بتعيين مستشار خارجي للشرطة، تحول التسريب من التحقيقات ضده إلى «تسونامي»، وهاجم ما سماها «حملة الصيد» ضده.
لكن من الناحية الواقعية، بدأ الهجوم على الشيخ قبل أسبوع من ذلك، حين نشر صحافي مقرب من رئيس الحكومة، نبأ كاذبا ادعى فيه أن الشيخ ينوي خوض الانتخابات المقبلة على رأس حزب سياسي. مع أن الشيخ لا يستطيع خوض الانتخابات حتى لو رغب في ذلك، بسبب القانون الذي يفرض على قادة الجيش وغيره من الأجهزة الأمنية، فترة 5 سنوات بعد الخروج إلى التقاعد، يحظر فيها عليهم خوض غمار العمل السياسي. لكن الهدف من النشر كان التسبب بضرر للشيخ وتقديمه كما لو أنه يعمل بدوافع سياسية وغريبة.
وقد نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أمس، أنباء تفيد بأن المفتش العام للشرطة تلقى رسائل من المقربين لنتنياهو مفادها: «احذر، إنهم غاضبون عليك في ديوان رئيس الحكومة». وقد أطلع الشيخ المقربين منه على ذلك، وقال إن هذا لن يؤثر عليه. وحسب المعلومات المتوفرة، فقد تلقى الشيخ، 3 اتصالات من معارفه؛ أحدهم مقرب جدا من ديوان نتنياهو، حذره من أنه مستهدف. ونقل ذلك المقرب إلى المفتش العام للشرطة بعض الألقاب التي ينعته بها المقربون من نتنياهو؛ منها: «خائن» و«ناكر للجميل».
وأضاف المقرب أن الحديث الشائع في ديوان نتنياهو، هو أن سبب سلوك الشيخ حقيقة أنه لم يحصل على منصب رئيس «الشاباك» الذي رغب فيه جدا، على الرغم من قول الشيخ إنه في اللحظة التي تسلم فيها منصب المفوض العام للشرطة، اتصل بنتنياهو وأبلغه تخليه عن منصب رئيس «الشاباك».
وعلم أن المقرب من الشيخ حذره خلال تلك المحادثة من أنه يتوقع أن يواجه قريبا هجوما شخصيا مباشرا، لكن الشيخ قال له إن هذا لا يزعجه. وقد احتفظ الشيخ بالأمور، ولم ينشرها، رغبة منه في عدم تأجيج التوتر مع رئيس الحكومة. لكن كما يبدو، فقد ترك التهديد تأثيره عليه؛ فخلال الفترة الأخيرة لم يقدم الشيخ الاستعراض الدوري أمام الحكومة، وليس من الواضح متى سيقدم الاستعراض في الجلسة التي سيحضرها نتنياهو، أيضا. وفي بداية الأسبوع، بعد تعرضه للهجوم، تحدث الشيخ مع المستشار القانوني للحكومة، أبيحاي مندلبليت، وأبلغه بمحادثات التحذير التي تلقاها، وأعرب عن استيائه من سلوك نتنياهو والمقربين منه. وقال المقربون من الشيخ إن «سلوك نتنياهو يلائم المجرمين وزعماء العصابات. هذه التهديدات والمقطع الشخصي ضد المفتش العام، تشكل خطرا على الديمقراطية».
وكان مكتب نتنياهو قد عقب على الموضوع قائلا: «الانتقاد الذي أطلقه رئيس الحكومة، موجه إلى أمر واحد فقط؛ تسونامي التسريب غير القانوني منذ تعيين المستشار السياسي ليؤور حوريب، بتكلفة 2.4 مليون شيقل على حساب دافع الضرائب». بيد أن الشيخ رفض هذا الرد وقال إن التسريبات لا تأتي من الشرطة، وأعلن دعمه المحققين. وقال الشيخ، في اجتماع للقيادة العليا في الشرطة، إن «أيدي الشرطة نظيفة، والهجوم عليها غير واضح. سننفذ عملنا برسمية ومن دون مواربة، وسأدعم كل من يقوم بالعمل الميداني».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».