الاشتراكيون الألمان يفضلون إعادة الانتخابات بدلاً من التحالف مع ميركل

الحكومة الحالية توافق على تمديد مشاركة الجيش في سبع مهام خارجية

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع قادة حزب الخضر (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع قادة حزب الخضر (أ.ف.ب)
TT

الاشتراكيون الألمان يفضلون إعادة الانتخابات بدلاً من التحالف مع ميركل

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع قادة حزب الخضر (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع قادة حزب الخضر (أ.ف.ب)

بدأ التحالف المسيحي الذي تنتمي إليه المستشارة الحالية أنجيلا ميركل محادثات استكشافية مع حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر بشأن تشكيل ائتلاف حاكم. إلا أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك الحالي لميركل يفضل إعادة الانتخابات التشريعية عن المشاركة في ائتلاف حاكم مع المحافظين. ولمنع انهيار يمكن أن يحتم إجراء انتخابات جديدة يتعين على الأطراف كافة في الأسابيع المقبلة التوصل إلى تسويات صعبة حول مسائل شائكة من الهجرة إلى إصلاح الاتحاد الأوروبي والسياسة المتعلقة بالمناخ. وإذا سارت مشاورات الأربعاء على نحو جيد، تلتقي جميع الأطراف الجمعة لبدء مفاوضات يمكن أن تفضي إلى تشكيل حكومة، ربما بحلول يناير (كانون الثاني)، في أكبر اقتصادات الاتحاد الأوروبي.
وقال المدير التنفيذي للكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، كارستن شنايدر، أمس (الأربعاء) في برلين: «نحن لسنا خيارا احتياطيا للحزب المسيحي الديمقراطي»، موضحا أنه في حال فشلت المفاوضات بين الأحزاب الثلاثة سيتعين الرجوع إلى المواطنين في انتخابات جديدة. وقرر الحزب الاشتراكي الانضمام إلى صفوف المعارضة عقب خسارته الفادحة في الانتخابات التشريعية التي جرت نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي. وذكر شنايدر، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية، أن التحالف المسيحي سيتمكن من تشكيل ائتلاف حاكم مع الحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر، مشيرا في ذلك إلى أن هناك فائضا في موازنة الدولة خلال الأعوام المقبلة يقدر بنحو 40 مليار يورو. وقال: «هذا من شأنه تسهيل المشاركة في الحكومة». وإذا كان حزب ميركل يواجه مشكلات، فإن حلفاءها البافاريين في الاتحاد المسيحي الاجتماعي في فوضى واضحة، ويخشون هزيمة أخرى في انتخابات برلمان المقاطعة العام المقبل. وبعد معارضته المستمرة لقرار ميركل السماح لأكثر من مليون طالب لجوء بالدخول، أظهر الاتحاد المسيحي الاجتماعي تحولا كبيرا إلى اليمين لكسب أصوات الناخبين من حزب «البديل لألمانيا» المعادي للهجرة.
وقال زعيم الاتحاد المسيحي الاجتماعي ألكسندر دوبرينت، في تصريحات أوردتها الصحافة الفرنسية: إن انتخابات الأحد في النمسا وفوز المرشح اليميني سيباستيان كورتز تظهر أن على المسيحي الديمقراطي وحليفه المسيحي الاجتماعي «التموضع كقوة محافظة في هذه المشاورات». وتعزز مثل هذه التصريحات انعدام الثقة مع الخضر، الحزب الذي ظهر في انتخابات ستينات وسبعينات القرن الماضي كحركة احتجاج على حرب فيتنام والأسلحة النووية والمؤيد لمجتمع متعدد الثقافات يرحب باللاجئين. وأشار زعيم الخضر يورغن تريتن إلى الميول الشعبوية المتزايدة اليمينية في تكتل المسيحي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي، وحذر من أن مطالبهم المتشددة إزاء مسألة اللاجئين ستمثل «عراقيل هائلة».
ويأخذ المنتقدون على الزعيمة المخضرمة أسوأ نتائج حققتها منذ 1949 لحزب المسيحيين الديمقراطيين، إضافة إلى هزيمتها في انتخابات محلية يوم الأحد الماضي. ودانت صحيفة «بيلد» المؤيدة عادة لميركل، إصرار المستشارة على عدم تحمل مسؤولية هزيمة حزبها في مقاطعة سكسونيا السفلى، وقالت: إن المستشارة وحزب المسيحيين الديمقراطيين «يرفضان رؤية خطأهما».
وكتبت صحيفة «سودويتشه تسايتونغ»: «حتى قبل سنتين، بدا أن ميركل لا تقهر. لقد زالت تلك الهالة الآن وبدأت قوتها كذلك تنحسر. إذا كان لدى الحزب المسيحي الديمقراطي أي شخص جاهز للتحدي، سيتعين على ميركل أن تشعر بالقلق».
من جهته، حذر دوبرينت قبل بضعة أيام من أن حزبه لن يتهاون مع أي «كلام تافه» من الخضر.
والمشاورات مع الشريك الآخر «الحزب الديمقراطي الحر» هي أكثر سهولة؛ فقد شارك الحزب في حكومات مع المحافظين لفترات طويلة حتى خروجه المذل من البوندستاغ (البرلمان) في الانتخابات الأخيرة عام 2013، وزعيم الحزب الشاب كريستيان ليندنر الذي قاد الحزب داخل البوندستاغ، قدم مطالبه وعينه على وزارة المالية.
عشية المشاورات، نبه ليندنر ميركل إلى ضرورة عدم القيام بأي خطوات جريئة إزاء الاتحاد الأوروبي، وبخاصة إذا كانت تكلف دافعي الضرائب الألمان، قبل تشكيل أي حكومة جديدة.
وقال لصحيفة «فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ» «أتوقع من ميركل... أن توضح أن حكومتها تقوم فقط بدور تسيير الأعمال»، مضيفا: «ألمانيا حاليا ليست في موقع اتخاذ قرارات». ووسط المصالح المتضاربة وأسابيع من المساومات حول المناصب والسياسات القادمة، تنبأ موقع «شبيغل» على الإنترنت أنه «مع قليل من الحظ، يمكن لألمانيا أن تحظى بحكومة جديدة بحلول يناير».
وقال التعليق «ألمانيا تشهد ظاهرة غريبة... ائتلاف جديد يتم التفاوض عليه من جانب أحزاب لا تريده حقا، في حين القوة والهالة المحيطة بالمستشارة السابقة والمقبلة أنجيلا ميركل تتداعى».
من جانب آخر، وافق مجلس الوزراء الألماني أمس على تمديد مشاركة الجيش في سبع مهام خارجية لمدة ثلاثة أشهر فقط لكل منها؛ وذلك لتجاوز فترة تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة.
ومن المقرر بعد ذلك أن يصدر البرلمان الألماني (البوندستاغ) قراره بشأن تمديد المهام، التي تستمر في المعتاد لمدة عام، وبشأن ما إذا كان سيجرى تعديل عدد القوات المشاركة فيها. ومن بين المهام السبع أكبر مهمتين خارجيتين للجيش الألماني، وهي مهمة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي، ومهمة تدريب القوات المسلحة في أفغانستان، ذلك إلى جانب مشاركة الجيش الألماني في مكافحة تنظيم داعش في سوريا والعراق عبر طائرات استطلاع من طراز «تورنادو»، ومهمة تدريب قوات البيشمركة الكردية شمالي العراق، التي تم تعليقها على نحو مؤقت يوم الجمعة الماضي بسبب التصعيد العسكري في المنطقة. ومن المقرر أن يصوت البرلمان الألماني الجديد على تمديد المهام السبع لمدة ثلاثة أشهر. وبوجه عام يشارك نحو 3700 جندي ألمانيا في 15 مهمة دولية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».