النظام يهدد باقتحام سجن حمص والسجناء يطالبون بخروج برعاية دولية

أعلنوا إضراباً عن الطعام بعد قطع الكهرباء والمياه عنهم

TT

النظام يهدد باقتحام سجن حمص والسجناء يطالبون بخروج برعاية دولية

ينفذ السجناء في سجن حمص المركزي منذ يومين إضرابا عن الطعام ردا على التهديدات التي أطلقها مدير السجن الجديد العميد بلال محمود سليمان بتنفيذ عملية اقتحام لوضع حد للاستعصاء المستمر منذ عام 2014، وأطلق السجناء يوم أمس نداء استغاثة إلى جميع المنظمات الإنسانية للتدخل الفوري لمنع أي اقتحامٍ للسجن من قبل قوات النظام، مؤكدين على حقهم بالإضراب السلمي عن الطعام ومطالبين بخروجهم تحت رعاية دولية.
وحصلت «الشرق الأوسط» على تسجيل صوتي لشخص قال إنه معتقل داخل سجن حمص المركزي، أوضح فيه أن لجنة من الصليب الأحمر الدولي قابلت مجموعة من المساجين يوم الاثنين، وفور مغادرتها بدأت التهديدات من النظام باقتحام السجن. وأشار السجين إلى أنهم أعلنوا «إضرابا عن الطعام للتصدي لهذه التهديدات وخاصة بعدما تم قطع المياه والكهرباء عنا لفترة». وأضاف: «حاليا السجن يشهد هدوءا حذرا، ونحن متحصنون داخله وجاهزون للتصدي لأي عملية اقتحام».
من جهته، أشار أسامة أبو زيد مدير مركز حمص الإعلامي، إلى أن «السجن يضم حاليا 2000 سجين بينهم 550 معتقلا على خلفية الثورة»، لافتا إلى أن هؤلاء «أعلنوا ومن عام 2014 استعصاء ويتمتعون بنوع من الحكم الذاتي، أي إنهم يديرون شؤونهم فيما يفرض النظام طوقا خارجيا ويؤمن لهم المياه والكهرباء». وأضاف أبو زيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «منذ نحو شهر تم تعيين مدير جديد للسجن، بدأ ومنذ تسلم مهامه بتهديد السجناء باقتحام السجن، وهو ما يرفضه تماما السجناء الذين يتخوفون من عمليات انتقامية بحقهم خاصة أن مدير السجن توعد باستخدام الرصاص الحي خلال عملية الاقتحام».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن إضراب واستعصاء ينفذه نزلاء داخل سجن حمص المركزي، مطالبين بالإفراج عنهم بضمانة جهات ومنظمات إنسانية، لافتا إلى أن سلطات السجن قامت بقطع المياه والكهرباء عن المساجين، وسط تهديدات للسجناء بالاقتحام، في حال لم يوقفوا إضرابهم. وتحدث المرصد عن «مخاوف على حياة السجناء من قيام النظام باقتحام السجن أو استهدافهم بإطلاق نار أو بالغازات المسيلة للدموع».
وتداول ناشطون بيانا موقعا باسم «معتقلو سجن حمص المركزي» وجهوا من خلاله نداء استغاثة إلى جميع المنظمات الإنسانية للتدخل الفوري لمنع أي اقتحامٍ للسجن من قبل قوات النظام، مؤكدين على حقهم بالإضراب السلمي عن الطعام. وطالب المعتقلون بـ«الخروج الفوري من السجن قبل أي تفاوض أسوة بأي منطقة أو مدينة أخليت من سكانها خلال ساعات برعاية دولية»، وأضافوا: «نحن نريد فقط حريتنا وكرامتنا وفك أسرنا بشكل فوري وعودتنا إلى أهلنا وأولادنا».
واعتبر البيان أن معتقلي حمص المركزي، البالغ عددهم 550، كانوا «دائما الحلقة الأضعف» في أي عملية تفاوض، لافتا إلى أن «الوعود التي قُدّمت من كافة الأطراف التي تباحثت ملف الأزمة في سوريا كانت هباءً منثوراً ووعود واهية».
وتحدثت مواقع معارضة عن «انتشار قوات النظام على أسطح السجن وعن قطعها أسلاك الكهرباء، ومحاولتها اقتحام السجن بالعصي الكهربائية»، مشيرة إلى أن «السجناء تصدوا لها ونجحوا بالسيطرة على السجن من الداخل، ما أدى إلى تراجع عناصر النظام إلى مبنى الإدارة».
وكان النظام السوري أصدر في عام 2016 «عفواً» عن أكثر من 40 معتقلا في سجن حمص المركزي ممن اعتقلوا على خلفية الثورة السورية، لكن المعتقلين الذين صدر أمر بالإفراج عنهم كانوا قد رفضوا إخلاء سبيلهم خشية سوقهم لـ«خدمة الاحتياط» في قوات النظام. يُذكر أنّه وفي عام 2015، اقتحمت قوات النظام سجن حمص المركزي وألقت غازات مسيلة للدموع، وذلك رداً على احتجاج سجناء على القيام بنقل أحد المعتقلين إلى أحد أفرع الأمن. واتهم نشطاء وذوو سجناء في حينها قوات النظام في سجن حمص المركزي، بإلقاء قنابل مسيلة للدموع على السجناء وقطع التيار الكهربائي عنهم وعدم إدخال الطعام لهم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.