«قوات سوريا الديمقراطية» تحالف كردي ـ عربي مدعوم من واشنطن

TT

«قوات سوريا الديمقراطية» تحالف كردي ـ عربي مدعوم من واشنطن

يشكل المقاتلون الأكراد العمود الفقري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» التي سيطرت، أمس، وبعد معارك عنيفة مع تنظيم داعش، على مدينة الرقة، المعقل الأبرز السابق لهم في سوريا. وتشكلت تلك القوات من فصائل عربية وكردية، في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 بهدف مواجهة التنظيم المتشدد.
وتعد «قوات سوريا الديمقراطية» الحليف الأساسي للتحالف الدولي بقيادة واشنطن لمواجهة المتطرفين في سوريا. وهي تتلقى منه دعماً بالغارات الجوية وبالتسليح والمستشارين، ما عزز قدرتها على محاربة التنظيم المتطرف. وشكل هذا التحالف بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية مع واشنطن عامل توتر كبير مع أنقرة التي لم تتردد في استهداف هذه القوات. ورغم تعدد جبهات القتال وتشعبها منذ اندلاع النزاع السوري، فإن الأطراف المتنازعة كافة تجمع على العداء للتنظيم المتطرف.
وجاء تشكيل هذه القوات بعدما تمكنت الوحدات الكردية بدعم أميركي من تحقيق انتصارات عدة على حساب المتطرفين، أبرزها طردهم من مدينة كوباني (عين العرب)، ومدينة تل أبيض الحدودية مع تركيا في عام 2015.
إلا أن هذا التقدم أثار توتراً مع الفصائل المعارضة التي اتهمت الأكراد بممارسة «التهجير القسري» بحق السكان العرب، كما فاقم خشية أنقرة من إقامة حكم ذاتي كردي على حدودها.
وفي مواجهة هذا التوتر، تشكلت «قوات سوريا الديمقراطية» التي تضم نحو 30 ألف مقاتل، بينهم خمسة آلاف عربي، بالإضافة إلى مقاتلين سريان وتركمان. وتتولى الوحدات الكردية عملياً قيادة هذه القوات.
بعد إطلاقها التحالف الدولي لاستهداف تحركات ومواقع المتطرفين في سوريا والعراق، انصرفت واشنطن إلى البحث عن حليف يمكنها الاعتماد عليه في محاربة التنظيم ميدانياً؛ خصوصاً بعد فشل برنامج تدريب للفصائل السورية المعارضة، بقيمة 500 مليون دولار أميركي.
ووجدت واشنطن في «قوات سوريا الديمقراطية» الخيار الأمثل؛ خصوصاً بعدما كانت قد شهدت على فعالية المقاتلين الأكراد، وضم تلك القوات الجديدة لفصائل عربية.
وبعد أشهر على تأسيسها، أعلن البيت الأبيض إرسال أول مجموعة من الوحدات الخاصة الأميركية إلى سوريا، بعد رفضه مطولاً إرسال قوات برية.
وزار مسؤولون أميركيون، بينهم المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لدى التحالف بريت ماكغورك، وقائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، شمال سوريا مرات عدة، لعقد اجتماعات مع قادة «قوات سوريا الديمقراطية».
واقتصر الدعم الأميركي للأكراد في البداية على توفير الغطاء الجوي والمستشارين، فيما كان التسليح حكراً على الفصائل العربية ضمن «قوات سوريا الديمقراطية». ومع اقتراب معركة مدينة الرقة، أعلنت واشنطن في التاسع من مايو (أيار) أنها ستبدأ أيضاً في تسليح الأكراد، رغم معارضة أنقرة.
بعد تحقيقها انتصارات واسعة في شمال سوريا، بدأت «قوات سوريا الديمقراطية» مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) حملة «غضب الفرات» لطرد مقاتلي التنظيم من الرقة. وتمكنت من السيطرة على مناطق واسعة في المحافظة.
وكانت السيطرة في العاشر من مايو على مدينة الطبقة، وسد الطبقة (سد الفرات) الاستراتيجي، أبرز العمليات العسكرية التي مكنت «قوات سوريا الديمقراطية» من تطويق المدينة.
في السادس من يونيو (حزيران)، بدأت «قوات سوريا الديمقراطية» «المعركة الكبرى لتحرير الرقة»، وشنت هجوماً واسعاً على المدينة، وتمكنت من دخولها خلال ساعات.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.