الاتحاد الأوروبي يحث الكونغرس على حفظ الاتفاق مع إيران

باريس ولندن تتفقان على العمل «للتصدي لنشاط طهران المزعزع للاستقرار في المنطقة»

مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تتحدث عن اتفاق إيران خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ أمس (إ.ب.أ)
مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تتحدث عن اتفاق إيران خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ أمس (إ.ب.أ)
TT

الاتحاد الأوروبي يحث الكونغرس على حفظ الاتفاق مع إيران

مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تتحدث عن اتفاق إيران خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ أمس (إ.ب.أ)
مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تتحدث عن اتفاق إيران خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ أمس (إ.ب.أ)

بعد نقاش دام ساعات خلف الأبواب المغلقة، وجه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس من لوكسمبورغ نداءً إلى الكونغرس الأميركي، بالحفاظ على الاتفاق النووي، وتجنب العودة إلى خيار العقوبات، مؤكدين تمسك «الاتحاد» بالحفاظ على الاتفاق حول البرنامج الإيراني، بعدما قرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمعة عدم التصديق عليه وإحالته إلى الكونغرس.
عقب ذلك، قال مكتب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إن بريطانيا وفرنسا ملتزمتان بشدة بالاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015، وستعملان على ضمان إنفاذه.
وأضاف المكتب، في بيان عقب اتصال هاتفي بين ماي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، أن الزعيمين ناقشا قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب عدم التصديق على الاتفاق، وقالا إن فرنسا وبريطانيا ستعملان معاً «للتصدي لنشاط إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة». ويأتي الإعلان غداة مكالمة هاتفية جرت بين تيريزا ماي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أعلنتا في موقف مماثل عن اتفاق بالحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني. وأكد وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية، أليستير بورت، أمس، أن بلاده قلقة من تداعيات قرار ترمب. وقال أمام البرلمان «الحكومة على علم بقرار الرئيس ترمب عدم التصديق على اتفاق خطة العمل المشتركة الشاملة، ولديها قلق مما قد ينطوي عليه هذا القرار». الموقف الأوروبي جاء لتأكيد مشاورات رفيعة المستوى أعقبت الإعلان عن استراتيجية ترمب لمواجهة إيران، خصوصاً بين حلفاء أميركا الثلاثة (فرنسا وألمانيا وبريطانيا). وأعربت دول الاتحاد الأوروبي عن اعتقادها أن تسوية البرنامج النووي الإيراني «ضرورية» لإقناع كوريا الشمالية بالعودة إلى طاولة المفاوضات، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وقادت الدول الثلاث، الأصوات المحذرة للولايات المتحدة، أقرب حليف للاتحاد الأوروبي في السياسة الخارجية، من أن أي إضعاف للاتفاق الذي يمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية قد تكون له عواقب وخيمة على السلام. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني إنها تزور واشنطن مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) للدفاع عن الاتفاق النووي.
وعقدت موغريني، التي ترأس اللجنة المشتركة بين إيران ومجموعة 5+1 في تنفيذ الاتفاق النووي، محادثات مغلقة أمس بشأن كيفية تعامل دول الاتحاد في هذا الأمر، ومن المقرر أن يبحث الوزراء كذلك كيفية التعامل مع برنامج إيران الصاروخي ودورها الإقليمي.
وكانت موغيريني التي ترأست المفاوضات الطويلة التي أدت إلى الاتفاق التاريخي صرحت سابقاً أيضاً أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تجري عمليات التفتيش في المواقع النووية الإيرانية «لم تخلص أبداً إلى أي إخلال بالاتفاق» من جانب طهران. وقبل أسبوع من إعلان ترمب استراتيجية، كانت «رويترز» نقلت عن مصادر رسمية إيرانية وأوروبية استعداد طهران للتفاوض حول البرنامج الصاروخي، قبل أن ينفي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي صحة تلك التقارير.
عقب توقيع الاتفاق النووي في يوليو (تموز) 2015 أعلن المرشد الإيراني علي خامنئي، عدة مرات، معارضته فتح مفاوضات جديدة حول ملفات تثير قلقاً دولياً في إيران مثل حقوق الإنسان وتطوير البرامج الصاروخية، إضافة إلى دور إيران الإقليمي التي يواجه معارضة أغلب دول المنطقة. وأكدت موغيريني عند وصولها لحضور اجتماع الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد في لوكسمبورغ أنه «اتفاق ناجح»، في حين شهدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران ملتزمة بالاتفاق الذي قال ترمب إنه «أسوأ اتفاق جرى التفاوض عليه على الإطلاق»، بحسب «رويترز».
وقالت موغريني إن «هذا الاتفاق ضروري من أجل أمن المنطقة» من دون التطرق إلى تفاصيل حول الدور الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد لمواجهة أنشطة إيران الإقليمية. وأضافت أنه في إطار من التوتر النووي الشديد مع نظام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ - أون، سيجعل الانسحاب من الاتفاق «فتح حوار أو وساطة مع كوريا الشمالية أكثر صعوبة».
وفي بيان مشترك، عبرت باريس ولندن وبرلين عن القلق إزاء «التداعيات على أمن الولايات المتحدة وحلفائها» التي يمكن أن تخلفها الإجراءات التي يطالب بها ترمب.
في هذا الصدد قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان للصحافيين إن «منع الانتشار (النووي) من العناصر الأساسية المتعلقة بالأمن العالمي والإضرار به سيكون مضراً للغاية»، مضيفاً: «نأمل ألا يعرض الكونغرس الأميركي الاتفاق النووي الإيراني للخطر». وسارعت الدول الكبرى الخمس الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي التاريخي المبرم في 2015، روسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، بالإجماع إلى الدفاع عنه بعد خطاب ترمب الأخير حول إيران.
وقال وزير الخارجية الألمانية سيغمار غابريل «يمكن أن تقودنا إلى العودة إلى مواجهة عسكرية» بين الولايات المتحدة وإيران. وذكر قبل اجتماع مع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي «نشعر نحن الأوروبيين معاً بقلق بالغ من أن يقودنا قرار الرئيس الأميركي إلى مواجهة عسكرية مع إيران».
وقال وزير خارجية لوكسمبورغ «جغرافياً نحن قريبون جداً من إيران، أكثر مما هي الولايات المتحدة»، مضيفاً: «نحن بحاجة لهذا الاتفاق الذي يحظر على الإيرانيين صنع القنبلة الذرية، إنها مصلحتنا الأساسية». ورفض ترمب الإقرار بالتزام إيران بالنص يفتح فترة من الترقب الشديد، ويعطي الكونغرس مهلة 60 يوماً لإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران كان رفعها عام 2016، بحسب ما نص الاتفاق. واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن «القيام بقطيعة، سيكون مضراً للغاية»، داعياً إلى أن يمارس الاتحاد الأوروبي «ضغوطاً على الكونغرس».
ويرى الأوروبيون أن فرض عقوبات جديدة - وهو ما سيكون مخالفاً للاتفاق - سيوجه رسالة خاطئة إلى كوريا الشمالية.
ويفرض الاتحاد الأوروبي بالفعل عقوبات على بعض أفراد الحرس الثوري الإيراني، وهو ما أشار إليه ترمب يوم الجمعة وهو يعرض تفاصيل سياسة أكثر تشدداً تجاه إيران.



بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
TT

بعد ضرباتها في سوريا... إسرائيل تفترض «السيناريو الأسوأ»

دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)
دبابات إسرائيلية تتنقل بين السياجين داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا (إ.ب.أ)

يرى محللون أن إسرائيل بتنفيذها ضربات واسعة على أهداف عسكرية سورية، وسيطرتها على المنطقة العازلة الخاضعة لمراقبة الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان، تسعى إلى «تجنّب الأسوأ» بعد سقوط حكم آل الأسد.

وقال يوسي ميكيلبرغ، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد تشاتام هاوس في لندن، إن «الحكومة الإسرائيلية... تتصرف على أساس أسوأ السيناريوهات»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار محللون إلى أن بقاء بشار الأسد في السلطة كان أهون الشرور بالنسبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم تحالفه مع إيران، العدو اللدود للدولة العبرية، وحليفها «حزب الله» اللبناني، وذلك خوفاً من أن تؤدي إطاحته إلى فوضى.

وبُعيد سقوط الأسد، الأحد، شنّت إسرائيل خلال 48 ساعة مئات الضربات من الجو والبحر، قالت إنها طالت «أغلبية مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا؛ خشية سقوطها بيد عناصر إرهابية».

واحتلت إسرائيل معظم هضبة الجولان السورية خلال حرب يونيو (حزيران) عام 1967. وبعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، أُقيمت منطقة عازلة منزوعة السلاح تحت سيطرة الأمم المتحدة، عقب اتفاق لفض الاشتباك بين القوات الإسرائيلية والسورية عام 1974. وضمت إسرائيل القسم المحتل من الجولان عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة.

ومنذ اتفاق فض الاشتباك، لم تشهد جبهة الجولان أي تحرك عسكري من جانب سوريا.

والآن، يبدو أن القادة الإسرائيليين يخشون أن تكون الفوضى قد حلّت في سوريا أصلاً، ويتصّرفون وفقاً لذلك.

وفي يوم سقوط الأسد، أعلن نتنياهو أن اتفاق 1974 انهار، وأمر قواته بالسيطرة على المنطقة العازلة.

وقالت الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي للدولة العبرية، إن انتشار القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة يجب أن يكون «مؤقتاً»، بعدما قالت الأمم المتحدة إن إسرائيل تنتهك اتفاق الهدنة عام 1974.

ومذاك، شن الجيش الإسرائيلي مئات الضربات ضد أصول عسكرية سورية، مستهدفاً خصوصاً مخازن أسلحة كيميائية ودفاعات جوية تابعة للبحرية السورية؛ لإبعادها عن أيدي المقاتلين.

وقد دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن إلى وقف فوري لعمليات القصف الإسرائيلية.

من جهته، قال المحلّل داني سيترينوفيتش، من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إنه يتوقع أن توسّع إسرائيل ضرباتها، موضحاً: «كل شيء استراتيجي في سوريا (...) الصواريخ والطائرات، وكذلك مركز البحوث العلمية (التابع لوزارة الدفاع)، كل شيء سيقصف».

وأضاف: «لا نعرف من سيتصدى لنا من الجانب السوري، سواء كان تنظيم (القاعدة) أو (داعش) أو أي تنظيم آخر، لذلك علينا أن نكون مستعدين لحماية مدنيينا».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أصدر تعليمات للجيش «بإقامة منطقة خالية تماماً من السلاح والتهديدات الإرهابية في جنوب سوريا من دون وجود إسرائيلي دائم».

وقال أفيف أوريغ، المحلل في مركز المعلومات مئير عميت، إن مصدر القلق الرئيسي على المدى القصير بالنسبة إلى إسرائيل هو المخزونات المتبقية من الأسلحة الكيميائية، وغيرها من الأسلحة الاستراتيجية.

وذكّر بالماضي الجهادي لبعض فصائل المعارضة السورية، موضحاً: «إذا وقعت هذه الأسلحة بين أيديهم فمن يدري ماذا سيفعلون بها؟».

لكنّ ميكلبرغ رأى أن تلك الطريقة «ليست الأفضل لبناء الجسور مع الحكومة الجديدة»، لافتاً إلى كثافة الضربات الإسرائيلية وحجمها.

الأكراد والدروز

وفي وقت يسود فيه تفاؤل في سوريا بشأن مستقبل البلاد، يتوقع بعض المحللين الإسرائيليين أن تكون البلاد مجزأة.

وقال إيال بينكو، وهو ضابط بحري متقاعد وخبير أمني، إنه يتوقع أن تنقسم سوريا إلى مجموعات إثنية - دينية، موضحاً: «أعتقد أنه لن تعود هناك سوريا».

من هذا المنطلق، يمكن لإسرائيل أن تختار مجموعات دون أخرى للعمل معها.

والاثنين، قال وزير الخارجية جدعون ساعر إن أكراد سوريا الذين وصفهم بأنهم «قوة الاستقرار»، يجب أن يتمتعوا بحماية المجتمع الدولي، فيما تحدث سابقاً عن العمل مع الأكراد في شمال شرقي البلاد والدروز في الجنوب.

وقال بينكو: «لا أعتقد أنهم سيحكمون سوريا... لكن إسرائيل ستحاول الدخول في سلام مع من يرغب فيه».

من جهته، رأى ميكيلبرغ أن العمل العسكري في الجولان، وتفضيل مجموعات على أخرى، سيشكلان خطأ من شأنه أن يضر بأي علاقة مستقبلية.

محادثات نووية

على مدى عقود، كانت سوريا حليفاً وثيقاً لطهران، والركيزة الأساسية للجسر البري الذي كانت تصل عبره الأسلحة الإيرانية إلى «حزب الله».

وبعدما تضرر بشدّة خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل، قد يجد «حزب الله» الآن صعوبة في إعادة تسليحه دون روابط بسوريا.

وقال سيترينوفيتش إن سوريا «أساسية» بالنسبة إلى «حزب الله»، «وأنا أقول إنه دون سوريا تحت تأثير إيران، فلن يكون هناك في الواقع محور مقاومة».

وأيّده بينكو في ذلك قائلاً: «الخطر المرتبط بالمحور، (حزب الله) وسوريا وإيران والميليشيات العراقية أيضاً، أقل بكثير» الآن.

لكن السؤال الأهم هو: كيف يمكن لإيران أن ترد بينما أصبح موقفها أضعف؟ وقال سيترينوفيتش إن طهران قد «تسارع لإنتاج قنبلة (نووية)».

وهو ما قاله أيضاً أوريغ، مشيراً إلى أن ذلك يشكّل مصدر القلق الاستراتيجي الرئيسي لإسرائيل؛ «لأنه عندما تتعامل مع إيران مسلّحة نووياً، فإن الأمر سيكون مختلفاً تماماً».

إذا بدأت إيران تصنيع أسلحة ذرية، فقد تقرر إسرائيل القيام بعمل عسكري كما يتوقع البعض، لكنّ آخرين قدموا فرضية بديلة، وهي أنه يمكن جعل إيران تتفاوض بعدما أُضعفت الآن.