عبّد «حزب العدالة والتنمية» المغربي، الطريق أمام أمينه العام عبد الإله ابن كيران ليتولى قيادة الحزب لفترة ثالثة بعد تعديل أجري على النظام الداخلي للحزب ذي المرجعية الإسلامية.
وسيسمح التعديل بإزاحة معارضي ابن كيران، من الوزراء الحاليين، من الأمانة العامة، بعدما تقرر حذف عضوية الوزراء فيها بالصفة، وهي ترتيبات اتخذت تحضيرا للمؤتمر العام للحزب المقرر يومي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وصوت الحزب على تعديل المادة 16 من النظام الداخلي للحزب التي تحدد عدد الولايات المسموح بها لتولي منصب الأمانة العامة، والمادة 37 المتعلقة بتشكيلة أعضاء الأمانة العامة، في اجتماع للجنة الأنظمة والمساطر عقد مساء أول من أمس.
وحسب محللين فإن إقرار التعديلات أظهر أن ابن كيران ما زال يملك سطوة على الحزب ولم يخسر دعم مؤيديه منذ إعفائه من رئاسة الحكومة وتعيين سعد الدين العثماني خلفاً له، وهو ما أدى إلى دخول الحزب مرحلة صعبة وصفت بأنها «زلزال سياسي»، وأدت إلى تفاقم الخلافات بين قياديي الحزب وصلت إلى حد تبادل الاتهامات، على خلفية الموقف من تشكيل الحكومة و«التنازلات» التي يرى عدد منهم أن العثماني قدمها، ما أثر على مكانة ووضع الحزب. بينما يرى معارضو ابن كيران الذين يطلق عليهم «تيار الوزراء» أن إعادة انتخابه قد تعني صداماً جديداً مع الدولة، وضرباً للديمقراطية الداخلية التي طالما تفاخر بها الحزب.
وقالت آمنة ماء العينين عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية لـ«الشرق الأوسط» إن التعديلات التي أجريت لا تتعلق نهائياً بالأشخاص، بل تهم النظام الأساسي للحزب الذي يمكن تعديله عبر القانون إذ إن النظام الأساسي للحزب نفسه ينص على إمكانية تعديله وهي ممارسة ديمقراطية عادية داخل الحزب، مضيفة أن مجموعة من أعضاء المجلس الوطني للحزب راسلوا رئيس المجلس يطلبون إدراج تعديلات اقترحوها للمناقشة، وهو ما تم فعلا واستجاب له المجلس وفق القانون، ودعا إلى عقد لجة الأنظمة والمساطر لمناقشة مقترحات هؤلاء الأعضاء.
وأوضحت القيادية الحزبية، وهي من أبرز الأصوات المؤيدة لابن كيران والمعارضة لـ«تنازلات» العثماني، أن التعديلات طالت مادتين؛ الأولى هي المادة 16 التي تتعلق بتحديد عدد الولايات المسموح بها لتولي المسؤولية لمنصب الأمين العام للحزب ورئيس المجلس الوطني، وتم التصويت على عدم الاكتفاء بولايتين وإنما التوجه إلى ثلاث ولايات وتم التصويت على التعديل بالأغلبية. أما بشأن المادة 37 التي تهم تشكيلة الأمانة العامة، فقد اقترح الأعضاء، تضيف ماء العينين، حذف عضوية الوزراء فيها بالصفة «لأن التجربة أثبتت أنه ليس هناك داع حقيقي لكي يكونوا كلهم (الوزراء) أعضاء في الأمانة العامة بالصفة».
وأشارت ماء العينين إلى أن «الهيئة التقريرية المخوّلة تعديل النظام الداخلي للحزب هي المؤتمر، وما تم فقط أعمال تحضيرية، فالمؤتمر سيد نفسه، وله أن يصوت على من يشاء من الأشخاص سواء كان ابن كيران أو شخص آخر». ورداً على سؤال حول ما إذا كان التعديل يمهد الطريق لابن كيران لولاية ثالثة على رأس الحزب، قالت ماء العينين إن اجتماع اللجنة لم يتداول في من سيكون الأمين العام المقبل لأن هذا الأمر مكانه هو المؤتمر، مشيرة إلى أن النقاش كان تنظيميا وفقاً لمساطر الحزب قبل أن تؤكد أن «الإبعاد السياسية استحضرت بالتأكيد، وأن الأشخاص الذين عارضوا التعديلات كانت لديهم اعتباراتهم الخاصة».
وجوابا على سؤال حول ما إذا كان إقرار التعديلات انتصار للتيار المؤيد لابن كيران، قالت القيادية الحزبية «باعتباري حريصة على تقوية بنية الحزب ووحدة صفه وتماسكه لا أحبذ استعمال لغة الانتصار والهزيمة لأننا لسنا بصدد تيارات ممأسسة داخل الحزب على الأقل في هذه المرحلة لأننا لا نعرف ما سيحمله المستقبل»، مشيرة إلى أن «وجود تيارات داخل الأحزاب ليس عيباً، إنما لا يوجد داخل (العدالة والتنمية) ما يسمح بالحديث عن تيارات بل هناك اختلاف في وجهات النظر حول تقييم حصيلة المرحلة السابقة واستشراف ملامح المرحلة المقبلة، وهذا الاختلاف انعكس بقوة داخل اجتماع اللجنة الذي عرف 50 مداخلة، وهو عدد ليسا هينا». وتابعت أن «ما يحسب لحزب العدالة والتنمية هو الطريقة التي يدبر بها اختلافاته، وأتمنى أن يستمر هذا معنا، إذ عندما تقول المؤسسة رأيها ويكون التصويت حراً فنحن نلتزم بالقرار».
من جانبه، قال عبد العالي حامي الدين نائب رئيس المجلس الوطني للحزب إن الاجتماع مر «في أجواء عالية من الإحساس بالنضج والمسؤولية، واستحضار دقة المرحلة السياسية التي يمر منها البلد ويمر منها الحزب، وكان بمثابة درس ديمقراطي وجرى في أجواء عالية من الحرية والشورى».
المغرب: تعديل في نظام حزب ابن كيران يسهّل توليه القيادة لفترة ثالثة
المغرب: تعديل في نظام حزب ابن كيران يسهّل توليه القيادة لفترة ثالثة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة