الحكومة المعارضة تتوسط شمال حلب بين «الجبهة الشامية» و«السلطان مراد»

TT

الحكومة المعارضة تتوسط شمال حلب بين «الجبهة الشامية» و«السلطان مراد»

استجابت «الجبهة الشامية» و«فرقة السلطان مراد» المعارضتان إلى قرار وقف إطلاق النار بينهما في ريف حلب، الذي رعته وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة التابعة للمعارضة، بعد يوم دامٍ من المعارك بين الطرفين، وامتداد المواجهات بينهما إلى معظم مناطق «درع الفرات» شمال حلب.
وأفادت «الجبهة الشامية» في بيان، بأنها «ملتزمة بأي مبادرة تهدف إلى توحيد الجهود ورص الصفوف، وإنهاء الخلافات وتحكيم لغة العقل والمنطق والحوار». وأكدت استجابتها للمبادرة التي أطلقتها وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، لإنهاء الخلاف الحاصل بينها وبين فرقة «السلطان مراد». ودعت الجميع إلى «الابتعاد عن لغة السلاح في حل الخلافات وتوجيه البندقية فقط إلى الأعداء».
بدورها، أصدرت فرقة «السلطان مراد» بياناً أعلنت فيه «استجابتها لمبادرة وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة والمجالس المحلية لريف حلب الشمالي، واستجابتها لوقف إطلاق النار من أجل إفساح المجال للحوار وحل الخلاف بينها وبين كتلة الجبهة الشامية».
وكانت اشتباكات عنيفة اندلعت بين الطرفين بريف حلب الشمالي، ما أدى لسقوط عدد من الجرحى بين الجانبين، وتركزت الاشتباكات قرب معبر الحمران الواصل بين منطقتي منبج التي تسيطر عليها ميليشيات سوريا الديمقراطية، وجرابلس الخاضعة لسيطرة «الجيش السوري الحر» بدعم من الجيش التركي.
وتقاذف الطرفان كرة المسؤولية عمّا حصل، حيث أعرب الناطق الرسمي باسم «الجبهة الشامية» براء الشامي، عن استغرابه لما آلت إليه الأمور، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «لا خلافات سابقة مع كتلة (السلطان مراد) والعلاقة كانت وطيدة واستراتيجية». ورأى أن «سبب التوتر، مرده إلى إعلان الحكومة السورية المؤقتة، تسليم (الجبهة الشامية) معبر باب السلامة الحدودي، وهو معبر سيادي، ويبدو أن هناك مصالح خاصة يفضلها البعض على المصلحة العامة».
وكانت وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، دعت الطرفين الأحد إلى الاجتماع تحت مظلتها، من أجل حل الخلاف الحاصل بينهما، وإنهاء المعارك الدامية التي اندلعت صباح الأحد واستمرت حتى ساعة متأخرة من الليل، إلى أن توصلت إلى اتفاق يرضي الجانبين.
وشدد براء الشامي على أن «الجبهة الشامية، ملتزمة التزاماً كاملاً بالاتفاق الذي توصلت إليه وزارة الدفاع المؤقتة، لكنّ لدينا تخوفاً من حشود لفرقة (السلطان مراد)، وهناك تسجيلات مسربة لأحد القادة العسكريين في فرقة السلطان، يدعو فيها عناصره إلى التحشيد لضرب الكتلة الشامية». ولفت إلى أن «الأتراك يؤدون دوراً إيجابياً وقدموا أكثر من مبادرة لتخفيف التوتر بين الفصائل الثورية»، كاشفاً أن «وزارة الدفاع المؤقتة تعدّ خطة لتكون كل فصائل الجيش الحرّ تحت سلطتها، بهدف توجيه بندقية الثوار نحو وجهتها الصحيحة، وهي قوات النظام والميليشيات الإيرانية الطائفية، وكل التنظيمات الإرهابية التي خرجت من رحم النظام، بما فيها (داعش) والمجموعات الانفصالية التي تحاول سلخ جزء من الأراضي السورية عن الوطن».
وأثارت الاشتباكات بين الفصائل المعارضة، غضب المجالس المحلية في ريفي محافظة حلب الشمالي والشرقي، التي طالبت في بيان «كل الفصائل الثورية التي اختلطت دماء شهدائها مع بعضهم بعضاً، بأن يتوقفوا عن هذا القتال الظالم، احتراماً لدماء الشهداء الذين قدموا أرواحهم رخيصة فداء تراب الوطن ودفاعاً عن حرماته». ودعتهم إلى «العودة إلى تحكيم لغة العقل ومخافة الله وتطبيق القانون فيما تختلفون فيه».
أما القيادي المعارض زكريا ملاحفجي، فاعتبر أن «ما يحصل على الحدود السورية - التركية يعدّ حالة تصحيحية، خصوصاً مع تسلّم الحكومة المؤقتة معبرين أساسيين، هما الحمران وباب السلامة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن الخلاف بين «السلطان مراد» و«الجبهة الشامية» سببه أن عائدات معبر الحمران كانت تذهب مناصفة بين «السلطان مراد» و«الجبهة الشامية»، لكن بعد تسلّم الأخيرة معبر «باب السلامة» من الحكومة المؤقتة، استفزّ الأمر فرقة «السلطان مراد» التي هاجمت مقاتلي «الجبهة الشامية»، لكن الأمور عادت إلى طبيعتها، مذكراً بأن «فهيم عيسى، وهو قائد عسكري في فرقة السلطان يقف وراء هذا التصعيد وليس الفرقة بكاملها.
وأكد ملاحفجي الذي كان عضو المكتب السياسي في الجيش الحرّ، أن تركيا «لا تلعب دور الموجّه لفصائل المعارضة في ريف حلب، إنما ينحصر في غرف العمليات من أجل تحقيق أهداف عسكرية»، مشيراً إلى أن أنقرة «تثق بالحكومة السورية المؤقتة التي تدير المعبرين الحدوديين، وتتولى تنظيم عمل فصائل المعارضة في الشمال السوري، بالإضافة إلى دورها في الإدارة المدنية للمناطق المحررة».
من جهته، نفى محمد نور مدير المكتب الإعلامي لـ«فرقة السلطان مراد»، أن يكون هناك هجوم منظم من خلالهم، وأوضح أن «ما حصل قرب معبر الحمران ناتج عن سوء فهم». وقال في تصريح لموقع «الدرر الشامية» الإخباري المعارض: «لقد توجه مقاتلون من فرقة السلطان مراد إلى معبر الحمران من أجل إخراج بعض السيارات المدنية، ففوجئوا بإطلاق النار عليهم من قِبل مقاتلي «الجبهة الشامية» الذين كانوا مستنفرين في المنطقة بشكل تلقائي، حيث اعتقد مقاتلو الشامية أنهم يتعرضون لهجوم من قبلنا، ما أدى لإصابة البعض من مقاتلينا.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.