السودان يعلن التزامه بالمعاهدات والمواثيق الدولية

وزير العدل يتعهد بكفالة حقوق الإنسان وترسيخ مبادئها

TT

السودان يعلن التزامه بالمعاهدات والمواثيق الدولية

أعلنت الحكومة السودانية التزامها بتنفيذ المعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان كافة، وبدأ العمل على ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان، واعتبارها نابعة من القيم الدينية والأخلاقية والأعراف، والتزاماً بنصوص دستور البلاد الذي نص على صيانة وحفظ الحقوق بما يتسق وتكريم الإنسان.
وقال وزير العدل إدريس إبراهيم جميل في كلمته لورشة عمل نظمتها «لجنة إعداد التقرير الوطني السنوي لحقوق الإنسان»، وذلك بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن الورشة تهدف لتعزيز ونشر مبادئ حقوق الإنسان وتعميمها بين المواطنين بالوسائل كافة.
ويكفل دستور السودان الانتقالي 2005 ضمن «وثيقة الحقوق» حقوق الإنسان والحريات الأساسية، ويعتبر الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية المصادق عليها من حكومة السودان جزء منه، لكن قوانين سارية مثل قانون الأمن الوطني والقانون الجنائي وغيرها تخالف بنوده، ما يؤدي لحدوث انتهاكات للحقوق المضمنة في هذه الاتفاقيات.
وتسببت اتهامات بخروقات لهذه الحقوق في تجديد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، لمهمة الخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان أرستيد نونوسي لسنة إضافية، استناداً إلى تقريره الذي تضمن وقوع انتهاكات للحقوق المدنية والسياسية وتضييقاً على الحريات العامة وحرية التعبير.
وأكد الوزير جميل اهتمام حكومته بما أطلق عليه «مبدأ الرقابة الذاتية» لتطوير وترقية وحماية حقوق الإنسان بدلاً من رقابة الآخرين، وقال إن استمرار الرقابة الذاتية هو الهدف الذي تسعى إليه حكومته، وتابع: «القرارات التي تصدر لحماية حقوق الإنسان، يتم تنفيذها بالصورة المطلوبة وبطريقة سليمة»، مبيناً أن «الرقابة الذاتية تعين الأجهزة المختصة بحفظ وترقية حقوق الإنسان على كشف الانتهاكات وتدارك الأخطاء وتصحيحها».
وأوضح جميل أن أعمال لجنة إعداد التقرير الوطني عن حالة حقوق الإنسان، تتطلب قدراً من الشفافية ومساحة أوسع للتحرك، مع منحها جميع الصلاحيات في الحصول على المعلومة حتى يتسنى الخروج بتقرير وتوصيات تعكس واقع الحال، من أجل التصحيح والتطوير. ودعا وزير العدل المسؤولين كافة للتعاون مع اللجنة بـ«إخلاص وصدق، والتنسيق معها للقيام بدورها علي الوجه الأكمل»، وأكد أن الصلاحيات الممنوحة للجنة لا تتضارب أو تتقاطع مع أي مؤسسة من المؤسسات الأخرى العاملة في مجال حقوق الإنسان، بل تتسق معها.
وأمل الوزير جميل أن تخرج الورشة بتوصيات تساعد على وضع استراتيجية مبنية على أسس علمية وفاعلة وقابلة للتنفيذ، لتحقيق الهدف المنشود في مجال حقوق الإنسان.
ولا تزال منظمات حقوقية دولية تصنف السودان من بين الدول الأسوأ في مجال حقوق الإنسان، فوفقاً لتقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان الدولية (Human Rights Watch)، فإن سجل البلاد «ظل سيئاً» خلال العام الماضي، لأن القوات الحكومية واصلت خلاله (التقرير) الهجمات على المدنيين في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وواصلت قمع منظمات المجتمع المدني والإعلام المستقل، ومارست اعتقالات تعسفية واسعة لنشطاء وطلاب ومتظاهرين.
وجدد الرئيس عمر البشير وقفاً لإطلاق النار حتى نهاية العام الحالي، لتهيئة المناخ لمفاوضات في المنطقتين، وتأكيداً لحرص الحكومة على تحقيق السلام والاستقرار في البلاد.
وألغت الإدارة الأميركية في السادس من الشهر الحالي عقوبات اقتصادية وتجارية، فرضتها على السودان منذ العام 1997، قائلة إن السودان أوفى بالتزاماته بوقف القتال في مناطق النزاعات. واعترف سفير واشنطن في الخرطوم استيفن كوتسيس بحدوث تحسن في السودان العام الحالي، وأنه اتخذ «إجراءات إيجابية»، لكنه قال إن بلاده تأمل في إحراز المزيد من التقدم في مجالات تحقيق السلام، ووصول المساعدات الإنسانية، وأولويات أميركية أخرى تتضمن تحسين وضع حقوق الإنسان، وإتاحة الحريات الدينية، لتطبيع العلاقات مع السودان.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».