الغرب يواجه معضلة إزاء المصالحة بين {فتح} و{حماس}

فلسطينيون يرفعون علم بلدهم خلال احتجاج على هدم «تل السكن» جنوب مدينة غزة أمس... وبدأ علماء آثار فلسطينيون وفرنسيون قبل نحو 20 عاماً التنقيب في هذه المنطقة التي تضم مستوطنة يُعتقد أنها تعود للعصر البرونزي (ما قبل 4500 سنة)... وقامت حركة «حماس» بهدم ممنهج لهذا الموقع منذ سيطرتها على قطاع غزة قبل عقد من الزمن (أ.ف.ب)
فلسطينيون يرفعون علم بلدهم خلال احتجاج على هدم «تل السكن» جنوب مدينة غزة أمس... وبدأ علماء آثار فلسطينيون وفرنسيون قبل نحو 20 عاماً التنقيب في هذه المنطقة التي تضم مستوطنة يُعتقد أنها تعود للعصر البرونزي (ما قبل 4500 سنة)... وقامت حركة «حماس» بهدم ممنهج لهذا الموقع منذ سيطرتها على قطاع غزة قبل عقد من الزمن (أ.ف.ب)
TT

الغرب يواجه معضلة إزاء المصالحة بين {فتح} و{حماس}

فلسطينيون يرفعون علم بلدهم خلال احتجاج على هدم «تل السكن» جنوب مدينة غزة أمس... وبدأ علماء آثار فلسطينيون وفرنسيون قبل نحو 20 عاماً التنقيب في هذه المنطقة التي تضم مستوطنة يُعتقد أنها تعود للعصر البرونزي (ما قبل 4500 سنة)... وقامت حركة «حماس» بهدم ممنهج لهذا الموقع منذ سيطرتها على قطاع غزة قبل عقد من الزمن (أ.ف.ب)
فلسطينيون يرفعون علم بلدهم خلال احتجاج على هدم «تل السكن» جنوب مدينة غزة أمس... وبدأ علماء آثار فلسطينيون وفرنسيون قبل نحو 20 عاماً التنقيب في هذه المنطقة التي تضم مستوطنة يُعتقد أنها تعود للعصر البرونزي (ما قبل 4500 سنة)... وقامت حركة «حماس» بهدم ممنهج لهذا الموقع منذ سيطرتها على قطاع غزة قبل عقد من الزمن (أ.ف.ب)

عدّت وكالة الصحافة الفرنسية، أمس، أن اتفاق المصالحة الفلسطينية التاريخي، الذي وقع في القاهرة أول من أمس، يشكل معضلة للمجتمع الدولي في حال نجاحه، تتمثل في كيفية التعامل مع حركة «حماس» التي تعد عدواً لدوداً لإسرائيل وتصنفها دول كثيرة في العالم منظمة إرهابية.
ويراقب الإسرائيليون والأميركيون والأوروبيون، وكذلك الأمم المتحدة، عن كثب، المحادثات بين «حماس» و«فتح» اللتين اتفقتا، برعاية مصرية، على تسليم السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن إدارة شؤون قطاع غزة بحلول 1 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وسيسعى الطرفان أيضا إلى تشكيل حكومة وحدة، بينما يمكن لـ«حماس» أن تنضم في نهاية المطاف إلى منظمة التحرير الفلسطينية؛ الشريك التفاوضي الرئيسي لإسرائيل في محادثات السلام.
ولاحظت الوكالة الفرنسية أنه ليس هناك ما يشير إلى أن «حماس» التي خاضت 3 حروب مع إسرائيل منذ عام 2008 ستحل جناحها العسكري «كتائب عز الدين القسام»، مضيفة أن الدبلوماسيين الغربيين رحبوا باحتمال إنهاء الانقسام الذي استمر 10 سنوات، لكنهم أعربوا عن قلقهم من انضمام «حماس» إلى الحكومة الفلسطينية الرسمية.
وتعد إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حركةَ «حماس» منظمةً «إرهابية»، وتطالب بتخليها عن الكفاح المسلح ضد الدولة العبرية والاعتراف بإسرائيل.
والاتفاق الموقع في القاهرة يمكن أن يعقّد خطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب لاستئناف مفاوضات السلام المجمدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بحسب تقرير وكالة الصحافة الفرنسية. وأشارت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رأى أن المصالحة بين «فتح» و«حماس» تجعل السلام «أكثر صعوبة» متهماً الحركة الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة بـ«تشجيع العنف». وأضاف: «التصالح مع القتلة جزء من المشكلة، وليس جزءاً من الحل. قولوا (نعم للسلام)، و(لا للانضمام إلى (حماس)». لكن دبلوماسيين غربيين قالوا لوكالة الصحافة الفرنسية إن هناك حلولاً محتملة تمكنهم من مواصلة العمل مع الحكومة التي تضم أعضاء في «حماس». وقال أحدهم، طالباً عدم ذكر اسمه: «من الصعب تصوّر أن تتخلى «حماس» عن العنف بين ليلة وضحاها»، مضيفاً: «لكن من الممكن التوصل إلى حل وسط يتيح لنا العمل مع الحكومة حتى لو كانت مدعومة من (حماس)».
ورحبت الأمم المتحدة والجامعة العربية ودول عربية وغربية باتفاق المصالحة الموقع الخميس الماضي، وعدّ الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش أنه يمكن أن يساهم في تخفيف معاناة قطاع غزة.
وسيطرت «حماس» على قطاع غزة منتصف عام 2007 بعد أن طردت عناصر «فتح» الموالين للرئيس الفلسطيني محمود عباس، إثر اشتباكات دامية.
وتفرض إسرائيل منذ 10 سنوات حصاراً جوياً وبرياً وبحرياً على القطاع الذي يبلغ عدد سكانه نحو مليوني شخص. ولا يتم إمداد سكان القطاع سوى ببضع ساعات من الكهرباء يومياً، في حين أن مستويات التلوث والبطالة مرتفعة.
ومن شأن تسليم حكومة السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة أن يساعد على تخفيف الحصار وفتح باب التمويل الدولي لتطوير البنية التحتية المشلولة.
وحول المصالحة، قال المحلل السياسي غسان الخطيب لوكالة الصحافة الفرنسية: «ستنجح جزئياً. لن تنجح بما يشمل الملف الأمني والسياسي والانتخابات». وأضاف الخطيب: «أتوقع أنها ستنجح على مستوى الملفات الحكومية مثل الوزارات وعملها، والسبب هو أن (حماس) وجدت أن عبء الحكم يؤثر على شعبيتها ومكانتها، لذلك ترغب في التخلص من هذا العبء ورميه في حضن (فتح) والسلطة الفلسطينية، بحيث توجَّه الملامة والانتقادات الشعبية لـ(فتح) وليس لـ(حماس)».
وعدّ الخطيب أن «هذا هو التنازل الوحيد الذي قدمته (حماس)»، مضيفاً أن «المصالحة لن تتعدى تسلم السلطة المسؤوليات المدنية وأعباء الحكم المدنية في غزة».
من جهته، قال دبلوماسي أوروبي إنه سيكون حذراً إزاء إمكانية قبول وضع مشابه للبنان؛ حيث يحافظ «حزب الله» على جناحه العسكري بشكل مستقل عن الحكومة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن هذا الدبلوماسي: «نريد أن نرى أن (حماس) تتخلى بشكل واضح يوماً بعد يوم عن قوتها الأمنية» قبل الالتزام بمشروعات بنى تحتية كبرى وتمويل. وبعد توقيع الاتفاق، أعلنت إسرائيل أن أي مصالحة يجب أن تشمل «التزاماً بالاتفاقيات الدولية وبشروط (الرباعية الدولية)؛ وعلى رأسها الاعتراف بإسرائيل ونزع الأسلحة الموجودة بحوزة (حماس)».
ويحظر القانون الأميركي الدعم المادي أو الموارد لمنظمات إرهابية محددة، مما قد يعقّد تمويل حكومة فلسطينية تدعمها «حماس». وتعد الولايات المتحدة من أكبر الدول المانحة للحكومة الفلسطينية، وقدمت لها نحو 75 مليون دولار بين يناير (كانون الثاني) وأغسطس (آب) هذا العام، بحسب وزارة المالية. لكن دبلوماسيين غربيين قالوا إن «هناك طرقاً يمكن أن تدعم بها الحكومة حتى لو كانت (حماس) جزءا منها».
وبموجب إحدى الخطط، يتخلى الوزراء عن عضويتهم في «حماس» ويلتزمون بمبادئ اللجنة الرباعية، حتى لو لم تقم الحركة بذلك.
وقال دبلوماسي غربي آخر: «لا أعرف ما إذا كنا سنعقد اجتماعات مباشرة مع الوزراء المعينين، لكننا نستطيع العمل مع الحكومة بشكل عام». وسبق أن تم وضع تصور لخطط مماثلة في اتفاقات المصالحة السابقة الفاشلة. لكن ألان بيكر، وهو سفير إسرائيلي سابق، قال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «مثل هذه الاتفاقية سترفضها الدولة العبرية ما لم يتم نزع سلاح (حماس)». وأضاف أن «كل الأطراف تقول إنه من السابق لأوانه معرفة كيفية تنفيذ الاتفاق». وكانت عدة اتفاقات سابقة للمصالحة انهارت.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.