السعودية والإمارات والبحرين تؤيد وتتهم إيران بزعزعة الاستقرار

الرياض ملتزمة العمل مع حلفاء واشنطن لمواجهة سياسات طهران في المنطقة

TT

السعودية والإمارات والبحرين تؤيد وتتهم إيران بزعزعة الاستقرار

رحبت السعودية، أمس، بالاستراتيجية الحازمة التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجاه إيران ونهجها العدواني، مشيدة برؤية الرئيس الأميركي في هذا الشأن، والتزامه بالعمل مع حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة لمواجهة التحديات المشتركة؛ وعلى رأسها سياسات وتحركات إيران العدوانية.
وقالت السعودية في بيان بثته وكالة الأنباء الرسمية: «إن الرياض سبق لها أن أيدت الاتفاق النووي بين طهران ودول (5+1) إيماناً منها بضرورة الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل في منطقتنا والعالم، وعلى أمل أن يؤدي ذلك إلى منع إيران من الحصول على سلاح نووي بأي شكل كان». وأشار البيان إلى أنه بدلاً من ذلك «استغلت إيران العائد الاقتصادي من رفع العقوبات واستخدمته للاستمرار في زعزعة الاستقرار في المنطقة، وبخاصة من خلال برنامج تطوير صواريخها الباليستية، ودعمها للإرهاب في المنطقة؛ بما في ذلك (حزب الله) والميليشيات الحوثية في اليمن. ولم تكتفِ إيران بذلك؛ بل قامت بانتهاك صارخ وفاضح للقرارات الدولية بنقل تلك القدرات والخبرات للميليشيات التابعة لها، بما في ذلك ميليشيا الحوثي التي استخدمت تلك الصواريخ لاستهداف المملكة، مما يثبت زيف الادعاءات الإيرانية بأن تطوير تلك القدرات هو لأسباب دفاعية». وأضاف البيان: «واستمراراً لنهج إيران العدواني، فقد قامت من خلال حرسها الثوري وميليشيا الحوثي، التابعة لها بالتعرض المتكرر لممرات الملاحة الدولية في البحر الأحمر والخليج العربي، واستمرت في الهجمات السيبرانية ضد المملكة ودول المنطقة».
وأشار البيان أيضاً إلى أن المملكة تؤكد «التزامها التام باستمرار العمل مع شركائها في الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي لتحقيق الأهداف المرجوة التي أعلن عنها الرئيس الأميركي، وضرورة معالجة الخطر الذي تشكله سياسات إيران على الأمن والسلم الدوليين، بمنظور شامل لا يقتصر على برنامجها النووي، بل يشمل كافة أنشطتها العدوانية، ويقطع كافة السبل أمام إيران لحيازة أسلحة الدمار الشامل».
في سياق متصل، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة دعمها الكامل لاستراتيجية الرئيس دونالد ترمب رئيس الولايات المتحدة الأميركية للتعامل مع السياسات الإيرانية المقوضة للأمن والاستقرار.
وأكد بيان للخارجية الإماراتية أن «النظام الإيراني يسعى من خلال هذه السياسات إلى بث الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة»، مضيفا أن «الاتفاق النووي أعطى لإيران الفرصة لتقويم سياساتها والتعامل بمسؤولية مع المجتمع الدولي إلا أن الحكومة الإيرانية استغلت هذا الاتفاق لتعزيز سياستها التوسعية وغير المسؤولة».
وشدد البيان على أن الاستراتيجية الأميركية الجديدة «تأتي لتتخذ الخطوات الضرورية لمواجهة التصرفات الإيرانية السلبية وغير المقبولة بكافة أشكالها بما في ذلك برنامجها الصاروخي والذي يمثل خطرا حقيقيا على الأمن والاستقرار في المنطقة وكذلك دعمها لمنظمات إرهابية مثل حزب الله والحوثيين وتبنيها للهجمات السيبرانية وتدخلها في الشؤون الداخلية لجيرانها وتهديدها لحرية الملاحة الدولية».
وأكدت الإمارات أن تصنيف الخزانة الأميركية لقوات الحرس الثوري يأتي كإشارة قوية ستساهم في وضع حد للنشاطات الإيرانية الخطيرة ودعمها الرسمي للإرهاب.
وأكدت الخارجية الإماراتية في ختام بيانها على ترحبيها ودعمها للاستراتيجية الأميركية الجديدة وأكدت التزام الإمارات بالعمل مع الولايات المتحدة وكافة الحلفاء للتصدي للسياسات والنشاطات الإيرانية التي تقوض الاستقرار وتدعم التطرف في المنطقة والعالم.
كما رحبت البحرين بالاستراتيجية الأميركية بخطاب ترمب الذي أكد فيه على أن إيران هي أكبر دولة راعية للإرهاب، وما أعلن عنه أيضا حيال كيفية التعامل مع الاتفاق النووي الإيراني وفرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني، مؤكدة أن هذا الموقف الأميركي يعد تأكيدا للجميع بأهمية مكافحة الإرهاب وكل من يدعمه لنجعل منطقتنا والعالم أجمع أكثر أمانا واستقراراً.
وأشادت البحرين بسياسة الرئيس الأميركي وحرصه الشديد على منع نشر الفوضى والتصدي لمحاولات تصدير الإرهاب التي تقوم بها إيران، مؤكدة أنها من أكثر الدول تضررا من السياسة التوسعية للحرس الثوري الإيراني والتي ترمي إلى تقويض أمن مجتمعاتنا من خلال نشر ودعم أفكار متطرفة وعمليات إرهابية مدمرة، وهي تصرفات غير مقبولة ولا يمكن السكوت عليها.
وجددت البحرين موقفها الداعم لجميع المساعي التي تهدف إلى منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، ولكافة الجهود الرامية إلى مكافحة تمويل طهران للميليشيات المتطرفة في المنطقة وإمدادها بالأسلحة، مشددة على أهمية احترام إيران لسيادة جيرانها والتزامها بالقوانين والأعراف الدولية.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».