الاتحاد الأوروبي: لا سلطة لواشنطن لإلغاء {النووي}

مشاورات حثيثة بين وزراء خارجية «5+1» سبقت خطاب الرئيس الأميركي

TT

الاتحاد الأوروبي: لا سلطة لواشنطن لإلغاء {النووي}

أكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أمس أن لا سلطة للرئيس الأميركي دونالد ترمب لإلغاء الاتفاق حول البرنامج النووي لإيران.
وقالت إن «رئيس الولايات المتحدة لديه سلطات كثيرة، ولكن ليس هذه السلطة»، وذلك بعد دقائق من خطاب لترمب أعلن فيه أنه يرفض الإقرار بالتزام طهران الاتفاق النووي وأنه يستطيع إلغاء هذا الاتفاق «في أي وقت».
وقالت كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا في بيان مشترك إن الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران «يصب في مصلحتنا الوطنية».
وقال مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو أمس الجمعة إن إيران قبلت بأشد عمليات التفتيش في العالم، ردا على زعم الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن الاتفاق النووي مع طهران يتيح إجراءات مراقبة ضعيفة.
واضاف أمانو في بيان أنه «في الوقت الحاضر، إيران تخضع لأشد نظام تحقق نووي في العالم». موضحا: «حتى الآن، دخلت وكالة الطاقة الذرية إلى كل المواقع التي طلبت زيارتها»، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية.
ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجمعة بـ«القرار الجريء» الذي اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترمب لجهة عدم الإقرار بالتزام إيران الاتفاق النووي.
وقال نتنياهو في شريط مصور بالإنجليزية بث بعيد خطاب الرئيس الأميركي: «أهنئ الرئيس ترمب بقراره الجريء بمواجهة النظام الإرهابي الإيراني».
سبقت الأطراف الأساسية المشاركة في الاتفاق النووي المبرَم مع طهران يوليو (تموز) 2015 (ألمانيا وفرنسا وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي) خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول استراتيجيته من إيران وعلى رأسه الاتفاق النووي بإعلان تمسكها في حال قرر البيت الأبيض الانسحاب منه.
جاء ذلك في حين ذكرت وسائل الإعلام الأميركية، أمس، أن مشاورات حثيثة جرت بين وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ونظرائه الأوروبيين والصيني سبقت الموقف الرسمي لترمب من الاتفاق النووي.
وقالت الخارجية الروسية إن وزير الخارجية سيرغي لافروف أبلغ نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في مكالمة هاتفية أمس أن روسيا ستظل ملتزمة التزاماً تاماً بالاتفاق النووي مع طهران، مضيفاً أن «موسكو مصممة تماماً على تنفيذ الاتفاق في شكله الذي أقره مجلس الأمن الدولي» وفق ما ذكرت «رويترز».
تزامناً مع مشاورات لافروف حذر الكرملين من «عواقب سلبية وخيمة» إذا ما انسحبت واشنطن من الاتفاق مع طهران مرجحاً انسحاب إيراني مماثل رداً على الخطوة الأميركية. في هذا الخصوص، قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي: «بالقطع سيضر هذا بأجواء الاستشراف والأمن والاستقرار ومنع الانتشار النووي في العالم كله». وذكر أن روسيا ستواصل سياسة ضمان عدم انتشار الأسلحة النووية.
في الاتجاه ذاته، أعادت بكين، أمس، تأكيد التزامها بالاتفاق النووي الدولي مع إيران، قبل إعلان ترمب، أشد منتقدي الاتفاق بشكل صريح. وورد الموقف الصيني على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونينج قائلة: «نأمل أن تستمر الأطراف في دعم وتنفيذ الاتفاق النووي الإيراني».من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن الأمل باستمرار الاتفاق النووي الموقع مع إيران عام 2015، بحسب ما أعلن متحدث باسمه أمس.
وقال المتحدث ستيفان دوجاريك أن غوتيريش يعتبر أن الاتفاق «اختراق في غاية الأهمية لتعزيز عدم انتشار الأسلحة النووية وتحقيق تقدم في السلم والأمن في العالم»، مضيفاً أن «الأمين العام يأمل كثيرا بأن يستمر»، وفق ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
في باريس، جددت الحكومة الفرنسية تعهدها بالاتفاق النووي مع إيران وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، إغنيس رومات في بيان، إن الاتفاق «أداة قوية تضمن عدم حصول إيران على الأسلحة النووية».
وجدد الاتحاد الأوروبي موقفه من الاتفاق النووي وتعهدت الحكومة الألمانية أمس بالعمل على استمرار الوحدة الدولية، في حال قرر ترمب ألا يصدق على التزام إيران بالاتفاق النووي.
وقال المتحدث باسم الحكومة شتيفن زايبرت للصحافيين: «لدينا مصلحة كبيرة في استمرار هذه الوحدة الدولية... في حال توصلت دولة مهمة مثل الولايات المتحدة لاستنتاج مختلف كما يبدو أنه الحال فسنعمل بجد أكبر مع الشركاء الآخرين للحفاظ على هذا الترابط».
وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» أمس عن مصدر دبلوماسي أوروبي مطلع على الاتفاق النووي من دون أن تذكر اسمه أن وزراء خارجية الأوروبي شددوا على مواصلة تنفيذ الاتفاق.
وقال الدبلوماسي قبل ساعات من خطاب ترمب إن الإدارة الأميركية صدقت على الاتفاق مرتين، بينما الوكالة الدولية للطاقة الذرية فعلت ذلك ثماني مرات، وقال إذا أصرّ ترمب على موقفه من الاتفاق فإن «رسالة الاتحاد الأوروبي إلى إيران واضحة جدا يجب أن تلتزم بالاتفاق».
وتابع الدبلوماسي أن الاتحاد الأوروبي يرى أن الاتفاق النووي «جيد جدّاً، لأنه يتمتع بآلية صارمة جدّاً تتحقق وترصد البرنامج النووي الإيراني على المدى الطويل».
في غضون ذلك، عبرت إسرائيل عن ارتياحها إزاء إعلان ترمب عن خطوات كبرى ضد الاتفاق النووي مع إيران، لكنها أبدت تشككها في أن يغير ذلك موقف طهران.
وأعرب وزير إسرائيلي ينتمي إلى حزب ليكود الذي يتزعمه نتنياهو عن سعادته بتصميم ترمب، لكنه أشار فيما يبدو إلى الخلافات الحزبية العميقة التي تحيط بالإدارة الأميركية.
وأفادت «رويترز» نقلاً عن الوزير تساحي هنجبي بقوله إن «النتيجة التي قد تحدث وهي النتيجة الإيجابية الوحيدة التي يمكن أن نراها في هذه المرحلة هي أن يتمكن الكونغرس من الاتفاق على عقوبات جديدة صارمة سيضع ذلك شركات دولية عملاقة كثيرة تتدفق على الإيرانيين... في مأزق الاختيار بين الإيرانيين والتجارة مع أكبر اقتصاد في العالم وهو الاقتصاد الأميركي».



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».