مدريد تلوح بتفعيل المادة «155» لتسلم زمام الأمور في كاتالونيا

راخوي يلقي باللوم على «مجموعة نشطاء» في استفتاء الانفصال عن إسبانيا

رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي في البرلمان أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي في البرلمان أمس (إ.ب.أ)
TT

مدريد تلوح بتفعيل المادة «155» لتسلم زمام الأمور في كاتالونيا

رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي في البرلمان أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي في البرلمان أمس (إ.ب.أ)

تعتمد إسبانيا نظاما لامركزيا واسعا، إذ يمنح الدستور الذي أقر في عام 1978 الأقاليم الـ17 في البلاد والمعروفة بـ«المناطق المستقلة»، ومنها إقليم كاتالونيا، الذي أعلن الثلاثاء التوقيع «الرمزي» على إعلان الاستقلال، سلطات واسعة في مجالات مثل الصحة والتعليم. وأمس رد رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي على رئيس كاتالونيا الانفصالي، كارليس بوغديمون، باحتمال تعليق الحكومة الحكم الذاتي للإقليم وتفعيل المادة 155 من الدستور لتسلم زمام الأمور فيه، في حال أعلن الاستقلال، سواء أكان فوريا أو مؤجلا، وهو إجراء لم يطبق في كاتالونيا منذ 1934.
وقال راخوي، أمام البرلمان الإسباني، إن الكثير من الأمور المؤسفة قد وقعت، ولكن يجب إلقاء كل اللوم على عاتق «مجموعة نشطاء» دفعوا باتجاه إجراء «استفتاء مخادع». وفي حديثه عن استفتاء كاتالونيا للانفصال عن إسبانيا، أبدى راخوي استعداده للحوار، رغم أنه «لا حوار بين القانون الديمقراطي والعصيان أو عدم المشروعية». وأكد راخوي أيضا أنه «لا يوجد هناك دستور يعترف بالحق في تقرير المصير». وأضاف أنه يمكن أن يتغير الدستور، ولكن فقط من خلال «القانون والقواعد المعمول بها».
التوقيع «الرمزي» على إعلان الاستقلال الأحادي من قبل حكومة إقليم كاتالونيا دفع راخوي، إلى التلويح بتفعيل المادة 155 من الدستور التي تجيز «تسلم إدارة المؤسسات» في الإقليم، وهو أمر غير مسبوق. يتيح هذا البند «اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمل (المنطقة المعنية) على احترام التزاماتها» بموجب الدستور أو غيره من القوانين. لكن لا يحق لرئيس الحكومة الإسبانية أن يفعل المادة 155 من الدستور من جانب واحد. وعليه قبلها إصدار الأمر لرئيس الإقليم المعني بالعودة إلى النظام الدستوري وإعطاؤه مهلة للقيام بذلك. وهو ما فعله ماريانو راخوي أمس الأربعاء. ويقرر مجلس الوزراء المدة التي سيعطيها إلى الإقليم للاستجابة. وأعطى راخوي رئيس إقليم كاتالونيا حتى يوم الاثنين المقبل للرد على الحكومة المركزية. يتطلب ذلك من رئيس كاتالونيا الانفصالي كارليس بوغديمون خصوصا تحديد ما إذا كان أعلن الاستقلال أم لا. وأكد راخوي «إذا أظهر بوغديمون إرادته لاحترام القانون(...) قد نضع حدا لمرحلة عدم الاستقرار والتوتر وانقطاع التعايش».
وعندما يتلقى رئيس الحكومة الردّ (أو عدم الردّ)، يقدر ما إذا كان راضيا أم غير راض عنه. وفي الحالة الثانية، يتوجه إلى مجلس الشيوخ ليأذن له بتعليق الحكم الذاتي في الإقليم، جزئيا أو بشكل كامل. في مجلس الشيوخ، يحظى حزب راخوي المحافظ بالأغلبية وسيدعمه لتطبيق الإجراءات اللازمة. ومن المتوقع أن يحصل على تأييد الحزب الاشتراكي كذلك. وإذا أقر أعضاء مجلس الشيوخ مقترحات رئيس الحكومة بالغالبية المطلقة، فستصبح لديه الحرية لتطبيقها. لكن العملية يمكن أن تستغرق وقتا «حتى مع اختصار الإجراءات يمكن أن يتطلب الأمر أسبوعا»، حسب ما أشار أحد أعضاء مجلس الشيوخ لوكالة الصحافة الفرنسية.
تقول تيريزا فريخيس، من جامعة برشلونة، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن المادة 155 تتيح «تسلم إدارة الهيئات السياسية والإدارية للمنطقة المتمردة ذات الحكم الذاتي». وينجم عن ذلك «تعليق» مؤقت للاستقلال الذاتي للمنطقة، بحسب خوسيه كارلوس كانو مونتيخانو من جامعة مدريد. كما يمكن في هذه الحالة استبدال أو إقالة موظفين حكوميين ونواب. وعليه سيكون من الممكن استبدال رئيس كاتالونيا الانفصالي كارليس بوغديمون ليحل محله ممثل الحكومة الإسبانية في الإقليم. في الوقت نفسه، يمكن أن تتولى الحكومة المركزية مهام موكلة إلى برشلونة «مثل النظام العام والخدمات العامة». يقول خافيير بيريز رويو، من جامعة إشبيلية، إن الإجراءات يمكن أن تشمل «تعليق الحكومة (الانفصالية الإقليمية) ووضع عناصر الشرطة الكاتالونية (موسوس ديسكوادرا) تحت إشراف وزارة الداخلية» وحتى «إغلاق البرلمان المحلي». بعدها يمكن تنظيم انتخابات محلية، علاوة على المادة 155. لدى الحكومة الإسبانية وسائل عدة، فهي تستطيع إعلان «حالة الطوارئ» أو «حالة الوضع الاستثنائي» أو حتى «حالة حصار». وذكر كانو مونتيخانو، أن إعلان هذه الحالات الثلاث يمكن أن يؤثر على «حرية التنقل أو حرية الاجتماع». كما يجيز قانون «الأمن القومي» الذي أقر في عام 2015 للحكومة أن تعلن البلاد «في وضع يواجه فيه الأمن القومي تهديدا».
يقول راخوي، إن هذا الإجراء مخصص للحالات التي تقع بين «الأزمات العادية وحالة الطوارئ والوضع الاستثنائي وحالة الحصار»، ويتيح إصدار القوانين عبر المراسيم وأيضا السيطرة بشكل مباشر على الشرطة الكاتالونية.
واتخذت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إجراء استثنائيا بحق كاتالونيا. فقد أخضعت مالية الإقليم لإشرافها الخاص، وقررت إدارة النفقات الأساسية الأمر الذي يقلص إلى حد كبير من هامش مناورة كاتالونيا. وهناك الردّ القضائي، إذ إن لدى المحكمة الدستورية خيار تعليق مهام الموظفين أو المنتخبين الذين يتجاهلون أحكامها. وفتح القضاء تحقيقا في قضية «تحريض» قد تؤدي إلى توجيه اتهامات إلى بوغديمون وعدد من مستشاريه وأعضاء حزبه، وحتى توقيفهم.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.