تنسيق بين بغداد وأنقرة لمحاصرة إقليم كردستان نفطياً

اتفقتا على حصر التعامل مع الحكومة العراقية المركزية

العبادي في زيارة سابقة إلى أربيل حيث استقبله البارزاني (أ.ف.ب)
العبادي في زيارة سابقة إلى أربيل حيث استقبله البارزاني (أ.ف.ب)
TT

تنسيق بين بغداد وأنقرة لمحاصرة إقليم كردستان نفطياً

العبادي في زيارة سابقة إلى أربيل حيث استقبله البارزاني (أ.ف.ب)
العبادي في زيارة سابقة إلى أربيل حيث استقبله البارزاني (أ.ف.ب)

قالت وزارة النفط العراقية إن وزيرها جبار اللعيبي أوعز، أمس، إلى الملاكات الهندسية في وزارته، بـ«تأهيل خطوط نقل النفط إلى ميناء جيهان التركي عبر محافظتي صلاح الدين ونينوى»، في خطوة يظهر أنها تهدف إلى تفادي نقل النفط عبر إقليم كردستان.
ويأتي إيعاز الوزير اللعيبي غداة طلب تقدمت به الحكومة العراقية، أول من أمس، إلى الجارتين تركيا وإيران بإيقاف جميع التعاملات التجارية، خصوصا المتعلقة بتصدير النفط، مع إقليم كردستان. وذكر بيان صادر عن وزارة النفط، أن اللعيبي حثّ على «الإسراع باستئناف الصادرات النفطية عبر شبكة الخطوط النفطية عبر صلاح الدين ونينوى»، مضيفا أن الوزير «طلب من (شركة نفط الشمال) و(شركة المشاريع النفطية) و(شركة خطوط الأنابيب) وضع خطة عاجلة للمباشرة بتنفيذ مشروع عملية إصلاح وتأهيل شاملة وعاجلة لشبكة الأنابيب من حقول كركوك إلى ميناء جيهان التركي، وبالجهد الوطني».
وكان اللعيبي استقبل أول من أمس السفير التركي في بغداد فاتح يلدز. وقال في بيان إن السفير التركي «أكد لنا بأن الحكومة التركية قررت حصر تعاملاتها النفطية مع الحكومة العراقية ووزارة النفط، وأن شركة (تباو) التركية ستعاود نشاطاتها قريباً في حقل المنصورية الغازي في محافظة ديالى». وشدد اللعيبي على أهمية تعزيز وتوسيع العلاقات الثنائية بين العراق وتركيا بما يعزز توسيع حجم التعاون الثنائي بين البلدين الجارين.
من جهته، أكد المتحدث باسم الوزارة عاصم جهاد، أن الإجراءات التي اتخذها وزير النفط وإيعازه بإعادة تأهيل شبكة الأنابيب النفطية الناقلة للنفط الخام، جاءت «عقب الانتصارات التي حققتها قواتنا الأمنية وتحرير المدن في محافظتي كركوك وصلاح الدين، التي تعرضت فيها هذه الأنابيب خلال فترة سيطرة العصابات الإرهابية على بعض المدن في شمال البلاد» للإتلاف. وأضاف جهاد أن «العراق يأمل في استعادة طاقته التصديرية السابقة والمتوقفة حاليا والتي كانت تتراوح بين 250 و400 ألف برميل يوميا، مع إمكانية إضافة طاقات جديدة تعزز من صادراته عبر المنفذ الشمالي».
وكانت أطراف مقربة من حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، أكدت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» عزم الحكومة على إعادة السيطرة على حقول النفط في كركوك وانتزاعها من السيطرة الكردية. وتطالب بعض الأوساط النيابية الشيعية حكومة العبادي باستعادتها حتى «لو اقتضى الأمر استخدام القوة»، لكن رئيس الوزراء يشدد دائما على استعادتها وفق القانون.
ورغم ارتباط الإجراءات التي تتخذها وزارة النفط العراقية بالأزمة القائمة بين بغداد وأربيل على خلفية الاستفتاء الكردي الذي جرى الشهر الماضي، بحسب خبراء نفطيين، فإن بيانات الوزارة لم تشر إلى الكيفية التي ستتعامل بها مع مشكلة الحقول النفطية في كركوك التي سيطر عليها إقليم كردستان بعد 2014.
ويرى الخبير النفطي حمزة الجناحي أن «إجراء وزارة النفط يستهدف أسّ المشكلة مع الإقليم، المتمثل بنفط كركوك». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بالنظر للأوضاع المشحونة بين بغداد وأربيل، فإن أي إجراء يتخذ من الحكومة أو وزارة النفط، لا يمكن النظر إليه بعيداً عن أجواء الأزمة الحالية». غير أن الجناحي يستبعد «قيام تركيا بقطع تصدير النفط عبر إقليم كردستان ما لم يتم إصلاح الأنبوب التابع للحكومة العراقية، لأن ذلك يكلفها كثيرا من الخسائر». ويلفت الجناحي إلى أن الأنبوب القديم الذي تنوي الحكومة العراقية إصلاحه بعد تعرضه لسلسلة هجمات إرهابية، لا يمر عبر أراضي الإقليم، إنما «يبدأ من حقول كركوك ويمر بمنطقة صغيرة قرب قضاء الشرقاط ويسير باتجاه الجانب الغربي لسدة الموصل ونهر دجلة، لأن حدود الإقليم تنتهي عند الساحل الشرقي للنهر، ثم يصل إلى زمار وفيشخابور ومنها إلى تركيا». ويشير إلى أن تلك الأنابيب «لا تنقل النفط إلى ميناء جيهان من حقول كركوك فقط، إنما أيضا من الحقول النفطية المختلفة في صلاح الدين ونينوى».
وفي شأن متصل بالأزمة مع إقليم كردستان، خصوصا المتعلق بقصة تصدير النفط، تحرك أعضاء من «التحالف الوطني» الشيعي داخل مجلس النواب لمطالبة الحكومة بملاحقة المسؤولين المتهمين بتهريب النفط. وقالت النائبة سميرة الموسوي إنها تمكنت من جمع تواقيع 93 نائبا لـ«مطالبة الحكومة بقائمة جميع المسؤولين المتورطين بعمليات بيع وتهريب النفط»، في إشارة إلى بعض المسؤولين في إقليم كردستان. وطالبت الموسوي الحكومة بـ«مخاطبة تركيا وأميركا والدول الأوروبية ودول أخرى، من أجل تجميد أموال مسؤولي حكومة الإقليم المودعة في المصارف ومصادرتها وتحويلها إلى خزينة الدولة العراقية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».