تسابق الدول للتسلح النووي يعطل التنمية

مدير معهد ستوكهولم: تكلفة الصراعات المسلحة زادت كثيراً في الآونة الأخيرة

TT

تسابق الدول للتسلح النووي يعطل التنمية

أكد دان سميث مدير معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (سيبري)، أن الاتفاق النووي بين إيران من جهة والولايات المتحدة والغرب من جهة أخرى يعيق إيران، مشيراً إلى أن الوكالة الدولية للطاقة النووية تحاول دفع إيران إلى وقف برنامجها النووي.
وأضاف سميث خلال محاضرة بعنوان «اتجاهات الأمن العالمي والتهديد النووي: ما هي الردود الممكنة؟»، أقامها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض أول من أمس، أن عدد الأسلحة النووية ارتفع مقارنة بالقرن الماضي، وهناك دول تسعى لامتلاك الأسلحة النووية وتطوير ترساناتها، الأمر الذي يعطل مشاريع التنمية.
ولفت إلى أن مؤتمراً دولياً عُقد في 2015م للحد من انتشار الأسلحة النووية وشهد إحراز تقدم قليل في هذا الاتجاه، مشيراً إلى فشل في تنفيذ الاتفاقية الدولية للحد من انتشار الأسلحة النووية خصوصاً فيما يتعلق بالمادة السادسة منها ضمن اتجاه متصاعد لعدم الالتزام بهذه الاتفاقية وبالتالي زيادة التهديد النووي.
وذكر أن إيران ربما تحصل على الأسلحة النووية، لكن العالم يركز على كوريا الشمالية، التي حصلت عليها منذ 2010م وأصبحت دولة نووية وأجرت أول اختبار نووي في 2016م، وهذا العام أجرت 24 اختباراً على الصواريخ النووية بوتيرة متصاعدة، وصدرت 9 قرارات من مجلس الأمن بفرض الحظر على كوريا الشمالية لهذا السبب ولم يتم تفعيلها أو استجابة كوريا للحد من قدراتها النووية، مع تزايد الضغط والتهديد بالعمل العسكري.
وتطرق سميث إلى أن اتجاهات الأمن العالمية غير مريحة على الإطلاق في الوقت الراهن، مبيناً أن العالم أصبح منذ 1990م إلى 2010م بعد انتهاء الحرب الباردة، أكثر أمناً وقلّت الصراعات المسلحة من 30 في المائة إلى 10 في المائة حول العالم، ولكن منذ 2011م ارتفعت مرة أخرى وتيرة الصراعات في العالم إلى 50 في المائة، كما أن الصراعات المسلحة تستمر فترات طويلة مقارنة بالماضي، فمنذ 50 عاماً كان الصراع يستمر إلى ما يقارب 10 سنوات أما الصراعات التي انتهت في 2014م فمتوسط استمرارها 20 عاماً.
وأوضح أن تكلفة الصراعات المسلحة زادت كثيراً في الآونة الأخيرة، فعلى صعيد الخسائر البشرية قتل 400 ألف شخص في سوريا، وأيضاً عدد النازحين واللاجئين وصل إلى 6 ملايين نسمة في نهاية 2016م، وكذلك زيادة 3 أضعاف في عدد اللاجئين الذي عبروا البحر خلال الفترة الأخيرة، وحسب أرقام البنك الدولي فإن متوسط تكلفة الصراعات المسلحة في الوقت الحالي تصل إلى 35 إلى 70 مليار دولار سنوياً جراء هذه الصراعات، وهناك ثروة كبيرة تُبدد بسبب هذه الصراعات، خصوصاً في سوريا وليبيا، مشيراً إلى أن الدول المجاورة لتلك البلدان التي تعيش الصراعات المسلحة على أرضها تعاني من حيث غلاء الأسعار وارتفاع نسب التضخم وكذلك صعوبة السيطرة على انتشار الأسلحة، وهناك عدد كبير من الدول تشارك في هذه الصراعات خلال العشرين عاماً الماضية.
وبيّن مدير معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، أن العقد الأخير شهد ارتفاعاً كبيراً في قيمة الإنفاق العسكري، إذ ارتفعت قيمة الإنفاق العسكري 40 في المائة نهاية 2016م، مع توسع تجارة الأسلحة ونقلها وزيادتها بنسبة 8 في المائة عن العام الماضي. وبالنسبة إلى الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، خلال الأسابيع الماضية تم الإعلان عن تدمير باقي الأسلحة الكيمائية المتبقية من أسلحة الاتحاد السوفياتي، وتقلصت الأسلحة النووية في العالم.
وتابع: «في ذروة الحرب الباردة بلغ عدد الرؤوس النووية من 65 إلى 70 ألف رأس نووي، وانخفض هذا العدد. وهناك غموض في المحادثات الدولية الجارية حول نزع أسلحة الدمار الشامل حول العالم، فيما تواصل الدول النووية التسع تطوير قدراتها العسكرية سواء من خلال الطائرة دون طيار أو الإنسان الآلي الذي يستخدم في المعارك، وتستخدم هذه الأسلحة في الدفاع والهجوم ضمن بيئة عسكرية نشطة».
وذكر أن عدم استقرار الأمن العالمي سببه ارتفاع مستوى الظلم وعدم العدالة بين الدول خلال السنوات الماضية، والإجحاف في حق بعض المجموعات نتيجة تمييز عرقي أو ديني أو سياسي أو غيره. والتنافس على الموارد الطبيعية على المستوى المحلي والدولي، إضافة إلى التغير المناخي رغم عدم الإجماع العلمي على آثاره السلبية خصوصا ًفيما يتعلق بالظروف المناخية المتطرفة في بعض الدول والمناطق، فيما تدخل الدول الكبرى في صراعات مسلحة من أجل الاستحواذ على الموارد.
وشدد على وجود تغير كبير في القوى السياسية مثل ظهور الهند والصين كقوتين عسكريتين، وإعادة الثقة في روسيا، وانخفاض قوة الولايات المتحدة، مع غياب الاتحاد الأوروبي سياسياً، مشيراً إلى الحاجة إلى حلول متكاملة وتعاونية.
وحذّر من خطورة الحرب الإلكترونية التي باتت واقعاً ملموساً ومثيراً للكثيرين، مبيناً أن هناك أنواعاً عديدة للحرب الإلكترونية تم شنها خلال السنوات الأخيرة وكشف جزء منها فقط، لافتاً إلى أن سياسياً بريطانياً صرح بأن الحرب التي ستكون أكثر نشاطاً هي الحرب الإلكترونية، في حين أكد خبير روسي أن الحرب الإلكترونية قضت على أشكال الحرب التقليدية كافة بسبب نوع الهجوم.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».