«عام السفر» قبل الجامعة... ضرورة للشباب

فرص للتعلم والتطوع واكتساب خبرات حول العالم

يمنح السفر الشباب العديد من الخبرات وفرص التعلم
يمنح السفر الشباب العديد من الخبرات وفرص التعلم
TT

«عام السفر» قبل الجامعة... ضرورة للشباب

يمنح السفر الشباب العديد من الخبرات وفرص التعلم
يمنح السفر الشباب العديد من الخبرات وفرص التعلم

من أهم القرارات التي يتخذها الشباب في العديد من بلدان العالم اختيار عام قبل أو بعد الدراسة الجامعية يطلق عليه اسم عام الفجوة أو (Gap Year) للقيام بنشاطات مغايرة مثل السفر حول العالم أو المساعدة في نشاطات جمعيات خيرية أو مؤسسات حماية بيئة أو نشاطات تطوعية أخرى. مثل هذا العام يمنح الشباب العديد من الخبرات وفرص التعلم ويوسّع الأفق فيما يجرى حول العالم والثقافات المختلفة فيه. ويؤكد العديد ممن أقبلوا على هذه التجربة أنهم استفادوا من هذا العام أكثر من أي عام دراسي آخر.
وتتخطى فوائد عام السفر والمغامرات مجرد الاستمتاع بالتجربة، فهي أيضاً تجربة مفيدة في مستقبل الشباب، حيث ينظر العديد من الشركات إلى نشاطات عام السفر لدى الخريجين الجدد وتفضل من قام منهم بأسفار حول العالم أو أسهم في نشاطات خيرية أو بيئية.
وهناك بالطبع تكاليف قد تكون باهظة للقيام ببعض النشاطات مثل السفر حول العالم ولكن الشباب يمكنهم خفض هذه التكاليف عن طريق العمل خلال السفر في مشاريع بيئية أو تدريس اللغات للأطفال. ولمن كان لهم اهتمامات بدول معينة يمكنهم قضاء عام السفر فيها. ويتيح العديد من الدول برامج مناسبة للشباب وتمنحهم تأشيرات دخول خاصة لمدة 12 شهراً تتيح لهم فرص العمل في أثناء الإقامة. ومن الدول التي تقدم هذه التسهيلات أميركا وأستراليا وتايلاند ونيوزلندا.
ويستخدم الشباب ما لديهم من مهارات وخبرات في أنشطة مختلفة في أثناء رحلات السفر مثل العناية بالأطفال أو المساهمة في التدريس أو تعليم آخرين مهارات خاصة، مثل الغوص أو تدريس اللغة التي يتحدث بها المسافر للأطفال. كما يمكن الاستفادة من فرص عديدة للتعلم مثل الالتحاق بدورات للتحدث باللغة الإسبانية.
مما يذكر أيضاً أن فترة التفرغ للسفر قد تكون عاماً كاملاً أو أقل وفق رغبة الشباب، كما أن القيام بهذه المغامرات الطويلة لا يقتصر على الشباب وحدهم فهناك فئات محترفة في ثلاثينات العمر تقرر القيام بهذه المغامرات قبل التقدم في العمر. كما أن قرار القيام بنشاطات مختلفة خصوصاً فيما يتعلق بالنشاطات البيئية والخيرية يمكن أن يكون داخل البلدان التي يقيم فيها الشباب من دون الحاجة إلى السفر إلى الخارج.
وعند قرار السفر لمدة عام تبدأ المغامرة بالاتصال بشركات متخصصة تعِين الشباب على الخيارات المناسبة لهم وتنظم لهم الرحلات وفق رغباتهم. فهناك شركات سياحية يمكن أن تنظم رحلة طيران حول العالم بينها فجوات للإقامة في البلدان التي يريدها الشباب لفترات مناسبة يقررها الشباب أنفسهم. كما يوجد العديد من الشركات التي تنظم رحلات شباب إلى وجهات معينة مثل معسكرات الشباب في أميركا، أو رحلات العمل إلى أستراليا، أو السفر إلى وجهات جديدة مثل نيبال وكامبوديا وفيتنام والصين.
وحتى الآن تبدو المنطقة العربية، ربما باستثناء مصر وتونس والمغرب، مغلقة أمام هذا النوع من السفر. فالفكرة غير معروفة لدى الشباب العربي من ناحية، كما أن الدول العربية لا توفر في العادة فرص مساهمة الشباب الأجنبي في نشاطات بيئية أو خيرية أو تعليمية. وبالإضافة إلى أوروبا وشمال أميركا وأستراليا تسهم دول أميركا اللاتينية والهند ومنطقة جنوب شرقي آسيا بالإضافة إلى أفريقيا في توفير فرص استقبال أو إرسال الشباب في رحلات تطوعية.
وأحياناً يجد الشباب صعوبات في اختيار وجهات السفر أو النشاطات التي يرغبون في القيام بها في أثناء عام السفر. وتكون البداية عادة بجلسة استشارة مع أحد المتخصصين الذي يحدد رغبات الشباب وفقاً لوجهات السفر المطلوبة أو قائمة النشاطات التي يمكن المساهمة فيها. وتشمل هذه المجالات رعاية الحيوان والتدريس والعناية بالأطفال والحفاظ على البيئة واستكشاف الأدغال.
وتساعد شركات السياحة بإصدار برامج شاملة تشرح نوعية الخدمات ونصائح حول السفر للمرة الأولى حول العالم، كما يقدم بعضها الدعم الشامل في أثناء الرحلات خصوصاً في حالات الطوارئ.
هذه النماذج هي لبعض الأفكار المتاحة للشباب في عام 2017، وهي تتوجه إلى وجهات سفر غير عادية وتتيح للشباب فرصاً نادرة للقياد بعام مغامرات لا يُنسى، وهي أفكار تعرضها شركات متخصصة تقوم بتنظيم كل جوانب الرحلات وتعمل كواصل بين الشباب وذويهم خلال الرحلات.
> السفر حول العالم: وهي رحلات متاحة، وبتكلفة معقولة، للطلبة خلال عام السفر. ويتم التفاهم بين الطالب أو مجموعة الطلبة المسافرين وبين شركات السياحة لاختيار مسار الرحلة وعدد الأيام المطلوبة للبقاء في أي موقع على خريطة العالم قبل استئناف السفر. هذه الرحلات يمكن أن تؤدي إلى البقاء لفترات طويلة في بلدان معينة والقيام بنشاطات متعددة من العمل أو التطوع أو المغامرات. وقد يكتفي بعض الشباب باختيار وجهات سفر معينة يريد قضاء كل وقت السفر فيها، وفي العادة تكون وجهات السفر غير عادية وتحتاج إلى أعمال تطوعية للتنمية والحفاظ على البيئة.
> نيبال: توفر نيبال العديد من النشاطات والفرص للشباب أبرزها تسلق الجبال، والطيران الشراعي، وتفقُّد الطبيعة المتنوعة التي تشمل العديد من البحيرات. كما تتاح فرص المساهمة في العديد من المشروعات الاجتماعية التي تتراوح بين التدريس للأطفال والمساهمة في مشروعات الإعمار والحفاظ على البيئة. ويمكن للشباب المسافر أن يقضي كل الوقت أو معظمه في نيبال أو يسهم خلال فترة محدودة من الرحلة قبل مواصلتها إلى مواقع أخرى.
> تايلاند: وهي أيضاً من وجهات السفر المشهورة بين الشباب، نظراً إلى ما توفره من طبيعة خلابة وفرص بيئية متعددة. وتقدم شركات سياحية رحلات إلى تايلاند للشباب تستمر ما بين شهر وشهرين ضمن عام السفر وتشمل جولات في أنحاء البلاد وفي العاصمة بانكوك. وتتضمن الرحلة زيارة لمركز عناية بالأفيال، وتتاح فرصة المشاركة في النشاط والتجول في محميات طبيعية وزيارة بعض الجزر التايلاندية. وتشمل الزيارة أيضاً تعليم الأطفال والقيام ببعض النشاطات البيئية. ويمكن الجمع بين زيارة تايلاند والسفر بعدها للعمل في أستراليا أو زيارة جزيرة بالي.
> السفر من أجل العمل: وهناك العديد من المجالات المفتوحة التي ترحب بالطلبة الشباب وتتيح لهم فرص عمل في المجالات التي يفضلونها. من المجالات التي يعرضها بعض الشركات؛ العمل في الفنادق والمنتجعات، والعناية بالأطفال، والتدريس، وإدارة المزارع، وجمع الحصاد، والعمل في معسكرات الشباب، أو على الشواطئ، أو التدريب على الوظائف المختلفة بأجرٍ رمزي.
> المغامرات: من الشباب من يفضل الإقبال على المغامرات من دون الحاجة إلى العمل، وهنا أيضاً تتاح لهم مجالات عديدة تتوافق مع رغباتهم. وهناك من يفضل رحلات السفاري أو المشي لمسافات طويلة أو تسلق الجبال أو استكشاف الجزر والشواطئ، وهناك أنواع حادة من المغامرات يقبل عليها عدد قليل من الشباب الذي يهوى نسبة من المخاطرة.
> التطوع: وهو من النشاطات المفضلة لدى الشباب، حيث يجمع بين تأدية عمل نافع ومساعدة الآخرين في مجتمعات فقيرة وفي مجالات ترتفع الحاجة فيها من دون وجود الموارد الكافية. من مجالات التطوع المعروضة على الطلبة رعاية الحيوانات الوحشية، وجهود المحافظة على البيئة، والمساهمة في الرعاية الصحية للأطفال، ومساعدة المعوقين، والتدريس المجاني، ورعاية البيئة البحرية.
> التعلم: يستفيد الطلبة من هذا العام باكتساب المزيد من خبرات التعلم سواء كان هذا في التدريس أم الغوص أم التزلج على الماء. ويذهب البعض منهم إلى مجالات غير عادية مثل التدريب على رياضات الدفاع عن النفس مثل الكاراتيه. وهناك أيضاً مجالات الإبحار الشراعي والتزلج على الجليد.
> نشاطات متنوعة: يمكن للطالب أن يضع خدماته لصالح جهات حكومية تشرف على إرسال المتطوعين أو الراغبين في العمل من الشباب. وتتاح في بريطانيا الآن خدمات لحماية البيئة البحرية في كامبوديا والفلبين، أو التدريس في بورما ورواندا. تتوفر أيضاً رحلات سفاري طويلة المدى مثل السفر بالحافلة عبر أفريقيا، كما يمكن للطلبة التطوع للعمل على اليخوت من أجل مستقبل في قيادة السفن. وحتى لهؤلاء الذين لا يبغون السفر توجد فرص داخلية مع هيئة الحفاظ على البيئة في بريطانيا، التي توفر آلاف الوظائف التطوعية في حدائقها ومحمياتها الشاسعة التي تنتشر في كل أنحاء البلاد.
> نصائح عامة للطلبة المقبلين على السفر حول العالم
في بعض الأحيان تكون مثل هذه الرحلات الشاقة وطويلة الأجل هي أولى الرحلات التي يقوم بها الطلبة بمفردهم، ومنهم أيضاً من لم يسافر عبر الحديد في حياته. وهناك بعض النصائح التي يجب أن يعيها هؤلاء، وهي نصائح تقدمها شركات السياحة التي تنظم رحلات الشباب ولكنها لا تستطيع أن تفرضها عليهم.
من هذه النصائح:
- ضرورة الحصول على تأمين شامل للرحلة يغطي النفقات الطبية وفقدان الأمتعة وحالات إلغاء رحلات الطيران أو الإقامة في فنادق. ويجب على المسافرين الاتصال بعدة شركات واختيار العرض الأفضل لرحلات السفر طويلة الأجل.
- نظراً إلى النشاطات المتعددة التي يقوم بها الشباب خلال هذه الرحلات، لا بد من المحافظة على الأوراق الرسمية وتصويرها والاحتفاظ بنسخ منها تفيد في حالات فقدانها. ويمكن الاحتفاظ بنسخ إلكترونية منها على الهاتف الجوال أو على الكومبيوتر.
- لا بد من حمل بعض الأوراق النقدية مثل الدولار الأميركي في الرحلات إلى بلدان غير معتادة على السياحة. فالعديد منها لا يوفر إمكانيات للدفع أو صرف النقد بالبطاقات.
- ضرورة التطعيم: وهي ضرورة لتجنب الأمراض خلال السفر، خصوصاً الأمراض الاستوائية. ويحتاج السفر إلى بعض البلاد الحصول إلى شهادة تطعيم. ويمكن استشارة طبيب في أنواع التطعيم المطلوبة لدول العالم المختلفة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».