«داعش» يفاجئ «هيئة تحرير الشام» في ريف حماة

مخاوف من تسلل عناصر التنظيم من الرقة إلى إدلب

TT

«داعش» يفاجئ «هيئة تحرير الشام» في ريف حماة

باغتت عناصر تنظيم داعش، الاثنين، عناصر «هيئة تحرير الشام» في ريف حماة الشمالي الشرقي، وشنوا عليهم هجوما مفاجئا أدى لسيطرتهم على عدد من القرى. وقالت مصادر متقاطعة إن عناصر التنظيم المتطرف الهاربين من مدينة الرقة التي باتت «قوات سوريا الديمقراطية» تسيطر على ما يزيد عن 90 في المائة منها، يلجأون حاليا إلى ريف حماة ومحافظة إدلب، ما فاقم هواجس أهالي هذه المناطق من تغلغل هؤلاء بصفوف الهيئة وغيرها من الفصائل المتشددة.
وكشف مصدر عسكري معارض أن عناصر «داعش» الذين هاجموا «هيئة تحرير الشام» في مناطق سيطرتها في ريف حماة الشمالي الشرقي، أتوا من جهة العقيربات بعدما عبروا مناطق خاضعة لسيطرة النظام، لافتا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عناصر التنظيم المتطرف كانوا على تواصل مع قيادة «الهيئة» في المنطقة التي سمحت لهم بدخول منطقة الرهجان التي تسيطر عليها على أن يسلموا أسلحتهم وينضموا للقتال في صفوفها، لكن بعد وصولهم إلى المنطقة الساعة الثانية بعد منتصف ليل الأحد – الاثنين، عبر 3 دبابات و20 شاحنة، متوسطة بدأوا هجوما مباغتا أدّى إلى سيطرتهم على مجموعة من القرى لا تزال «هيئة تحرير الشام» تحاول استعادتها.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن قتالا عنيفا اندلع بين الطرفين في منطقة الرهجان والقرى المحيطة بها، نتيجة هجوم مباغت من قبل عناصر «داعش» الذين عبروا منطقة سيطرة النظام وحقل الألغام الفاصل بين منطقة الرهجان ومنطقة وادي العذيب، لافتا إلى أن هؤلاء العناصر اصطحبوا معهم سلاحاً متوسطاً وثقيلاً، وتمكنوا من التقدم بشكل سريع ومفاجئ والسيطرة على نحو 15 قرية، تبعها بدء «هيئة تحرير الشام» هجوماً معاكساً وعنيفاً استعادت خلاله السيطرة على نحو 5 قرى، بعدما استقدمت تعزيزات عسكرية من عناصر وآليات.
وأصدرت «الهيئة» بيانا توعدت فيه تنظيم داعش على خلفية اقتحامه القرى الخاضعة لسيطرتها في محيط قرية الرهجان شمال شرقي مدينة حماة. وأشارت إلى أن «نظام الأسد سمح لتنظيم داعش، بجنوده وسلاحه، باقتحام القرى الآمنة المحررة، فقتلوا المجاهدين والمرابطين على ثغور النظام، وعوضوا جزءاً مما خسره النظام في معاركه الأخيرة»، معتبرة أن «ممارسات (داعش) تؤكد اتفاقهم وتنسيقهم الكامل مع النظام وعمالتهم له، فبعد جرائمهم بحق أهل السنة وقتلهم المجاهدين في الرقة والحسكة ودير الزور، ها هم يكملون المؤامرة ويسلمون المناطق للنظام والمحتل الروسي».
ووضع ناشطون معارضون الهجوم الذي شنه «داعش» في ريف حماة الشمالي الشرقي، في إطار محاولاته المستمرة - بعد هرب معظم عناصره من مدينة الرقة - للسيطرة على مناطق جديدة. وأشارت شبكة «شام» المعارضة إلى أنه بعد اقتراب «قوات سوريا الديمقراطية» من السيطرة على كامل مدينة الرقة، تتردد أنباء عن توجه عناصر «داعش» لمحافظة إدلب وريف حماة، حيث أفيد بوصول العشرات من عائلاتهم للمحافظة، وتلا ذلك تسلل عدد منهم عن طريق التهريب إلى ريف منطقة سنجار وأبو الظهور.
ونقلت «شام» عن عدد من الناشطين تخوفهم من «استمرار تغلغل عناصر (داعش) في محافظة إدلب، ومن مغبة تساهل الفصائل في التعامل معهم، في الوقت الذي يشكك فيه البعض ويتهم (تحرير الشام) بتسهيل دخولهم واقتيادهم لمعسكرات وسجون تابعة لها، تمهيداً لزجهم في أي قتال ربما ضد القوات التركية أو أي فصيل آخر، بناء على تفاهمات مبيتة للمنطقة في حال أحست (الهيئة) بأنها باتت في مواجهة مع أي طرف في وقت لاحق».
وتتزامن التطورات في ريف حماة، مع استمرار المعارك داخل الرقة، حيث باتت الاشتباكات تنحصر في مساحات محدودة يوجد فيها عناصر «داعش» خصوصا في وسط المدينة، فيما تسعى «قوات سوريا الديمقراطية» للتقدم من الجهتين الشمالية والشرقية لإحكام طوقها على فلول مقاتلي التنظيم المتطرف.
وقالت قائدة حملة «غضب الفرات» روجدا فلات، لوكالة الصحافة الفرنسية خلال وجودها في منطقة غرب الرقة: «في حال التقاء المحورين نستطيع أن نقول إننا دخلنا الأسبوع الأخير من حملة تحرير الرقة». وأضافت: «في غضون ثلاثة أو أربعة أيام، يمكننا أن نتخذ القرار ببدء الحملة النهائية».
وباتت «قوات سوريا الديمقراطية» التي أطلقت معركتها في الرقة منذ نحو 4 أشهر، تسيطر على ما يزيد عن 90 في المائة من مساحة المدينة، في حين يؤكد «المرصد» أنها باتت تسيطر على كامل الرقة.
وبحسب مقاتلين أكراد، يتمركز مقاتلو «داعش» بشكل أساسي في المستشفى الوطني والملعب البلدي في وسط المدينة، كما في مبان عدة في أحياء محيطة بها. وقال المقاتل الإيزيدي في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية» جنكدار شنكال (20 عاما): «نبعد حاليا 20 مترا عن الملعب البلدي. لم يبق شيء» للمتطرفين. وأضاف: «ستأتي مجموعة أخرى لتسلم موقعنا ونحن نتقدم».
وتحاصر «قوات سوريا الديمقراطية» حاليا المستشفى الوطني، حيث يعتقد بأن عناصر «داعش» يتخذون من مدنيين داخله دروعا بشرية، كما يحضرون لهجوم على الملعب البلدي إلى الشمال منه.
وقد تحول المستشفى الوطني - بحسب المتحدث باسم التحالف الدولي ريان ديلون - إلى قاعدة عسكرية «محصنة بشدة» للمتطرفين. وأوضح ديلون لوكالة الصحافة الفرنسية، أن مستشارين من القوات الخاصة للتحالف قد يرافقون «قوات سوريا الديمقراطية» في تقدمها نحو المستشفى، مشيرا إلى أنه لن يكون هناك «وحدات تكتيكية كاملة للتحالف تهاجم المستشفى».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».