يَمثُل اعتباراً من اليوم أكثر من 2300 شخص يُعتقد أنهم ينتمون إلى جماعة «بوكو حرام» المتطرفة، ومعتقلين في مخيمات عسكرية بنيجيريا، أمام القضاء في بلدهم في محاكمات غير مسبوقة ستُجرى بسرية تامة. وأعلنت وزارة العدل النيجيرية نهاية الشهر الماضي «بات كل شيء جاهزاً لتلاوة لوائح الاتهام لمشبوهي (بوكو حرام) في مختلف مراكز الاعتقال».
وستُجرى أولاً محاكمة نحو 1670 شخصاً معتقلاً في مركز عسكري في كاينجي بولاية النيجر، أما ملفات 651 معتقلاً في مخيم غيوا بمايدوغوري، كبرى مدن بورنو ومركز النزاع، «فستليها مباشرة».
وقال الاختصاصي السابق في شؤون هذا البلد الكبير في غرب أفريقيا بوزارة الخارجية الأميركية ماتيو بايج: «هذه أول محاكمة مهمة لمشبوهي (بوكو حرام)» في نيجيريا، مشيراً إلى أن «معظمهم معتقل منذ سنوات بصورة سرية، ودون أن يلتقوا محامياً أو قاضياً».
وإذا كان آلاف من العناصر المفترضين في جماعة «بوكو حرام» أُوقفوا ووُضعوا في الاعتقال منذ بداية النزاع الذي اجتاح شمال شرقيّ نيجيريا قبل 8 سنوات، فإن الملاحقات القانونية نادرة. وتمت حتى اليوم محاكمة 13 شخصاً فقط وأدين 9 بسبب صلاتهم بالتمرد، كما يتبين من الأرقام الرسمية.
وتثير الظروف التي ستُجرى خلالها هذه المحاكمات المنتظرة، شكوكاً كبيرة حول شفافية النظام القضائي النيجيري، فالجلسات ستكون مغلقة، حتى في مراكز الاعتقال العسكرية، كما قال مصدر قضائي قريب من الملف في أبوجا، طالباً التكتم على هويته.
وأضاف هذا المصدر أن «الصحافة لن تتمكن من حضور الجلسات»، وقال إن «معلومات يمكن أن تبدو مهمة لأمن هذا البلد قد تُطرح فيها».
وتنتقد مجموعات الدفاع عن حقوق الإنسان باستمرار تجاوزات لقوات الأمن في بلد يعتمد ثقافة السرية بعد عقود من الديكتاتورية العسكرية (1966 - 1999).
وأُعدم 1200 شخص على الأقل بعد محاكمات سريعة، واعتُقل أكثر من 20 ألفاً بصورة تعسفية في إطار محاربة «بوكو حرام»، كما تؤكد منظمة العفو الدولية في تقرير قاسٍ صدر في يونيو (حزيران) عام 2015.
وأكد عيسى سانوسي المسؤول عن الاتصالات في منظمة العفو الدولية في نيجيريا، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا يعرف أحد اليوم بالضبط عدد الأشخاص المعتقلين، وهل ما زالوا أم لا على قيد الحياة وأماكن وجودهم».
كان الرئيس محمد بخاري الذي انتُخب في 2015 قد وعد بالتحقيق حول الاتهامات بحصول انتهاكات لحقوق الإنسان، حيث قد تشكلت حتى الآن لجنتان على الأقل، لكن الجيش أعلن في يونيو الماضي، أنه لن يلاحق كبار الضباط الذين اتهمتهم منظمة العفو الدولية.
إلى ذلك، أعلن الجيش الأميركي أن جندياً أميركياً رابعاً، قُتل أول من أمس، في هجوم وقع يوم الأربعاء الماضي في النيجر، مما يرفع عدد القتلى في الواقعة التي سلطت الضوء على مهمة مكافحة الإرهاب الأميركية هناك.
وقال الكولونيل روبرت مانينج في الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إنه تم تحديد موقع جثة الجندي الرابع، لكنه رفض في المقابل الإعلان عن اسمه انتظاراً لإبلاغ أسرته أولاً. وقال روبرت في بيان «استعدنا جثة جندي أميركي آخر من منطقة الهجوم، مما يرفع عدد الجنود الأميركيين الذين قُتلوا في هذا الهجوم إلى 4».
كان جيش النيجر قد قال إن دورية مشتركة مع قوات أميركية على الحدود بين النيجر ومالي تعرضت لكمين نصبه مسلحون يستقلون 12 مركبة ونحو 20 دراجة نارية قرب قرية تونجو في جنوب غربي النيجر قرب الحدود مع مالي، حيث قتل 4 جنود نيجريين و4 أميركيين، وفق ما أكدت وزارة الدفاع الأميركية.
ويعكس الكمين صعوبات مكافحة المتطرفين في الساحل الأفريقي، رغم تعزيز قوة الجيوش الغربية في المنطقة وإنشاء قوة عسكرية مشتركة لدول الساحل الخمس. كما يندرج هذا الكمين الذي تم إعداده بدقة ضمن سلسلة هجمات لا تُحصى في المنطقة، حيث يواصل المتطرفون استهداف القوات النيجرية، والوضع مشابه في شمال بوركينا فاسو المجاورة، وشمال مالي.
وعزز الأوروبيون القلقون انتشارهم بقوة منذ سنوات في المنطقة، وأبرزهم فرنسا مع عملية «برخان» التي تعد 3000 جندي تقريباً. كما يوجد الأميركيون الأكثر تكتماً عبر قاعدة للطائرات المسيّرة في أغاديز (شمال النيجر)، وكذلك قوات خاصة، ومدربون في الميدان لم تُعلن أعدادهم، لكن مصادر محلية قدرتها ببضع مئات.
ويخوض الفرنسيون والأميركيون عمليات عسكرية ويدربون جيوش بلدان المنطقة لتحسين فعاليتها. في المقابل تعد قوة الأمم المتحدة في مالي نحو 10 آلاف رجل.
لكن الغربيين يدركون عجزهم عن مكافحة الجماعات الجهادية بفعالية دون جيوش دول الساحل نفسها. فليس صدفة أن يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنفسه باماكو بمناسبة إطلاق قوة مجموعة دول الساحل الخمس في يوليو (تموز) الماضي، ويفترض أن تضم القوة الخماسية في مرحلة أولى 5000 جندي من موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد.
نيجيريا تبدأ اليوم محاكمات جماعية لآلاف المشتبه بانتمائهم إلى «بوكو حرام»
نيجيريا تبدأ اليوم محاكمات جماعية لآلاف المشتبه بانتمائهم إلى «بوكو حرام»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة