الاتحاد الأفريقي: الاضطرابات السياسية والأمنية تربك الإقليم

مؤتمر تشاوري في الخرطوم لأمن القرن الأفريقي واستقراره

TT

الاتحاد الأفريقي: الاضطرابات السياسية والأمنية تربك الإقليم

يبحث مجلس السلم والأمن الأفريقي ومنظمة دول «إيغاد» في العاصمة السودانية الخرطوم، أمن وسلام واستقرار منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، وتداعيات النزاعات الإقليمية على الأوضاع في دول المنطقة.
وبدأت في الخرطوم أمس، أعمال المؤتمر التشاوري الاستراتيجي حول «السلم والأمن والاستقرار في دول القرن الأفريقي»، الذي يشارك فيه ممثلون لدول القرن الأفريقي، وشركاء دوليون، وعدد من المنظمات الدولية والإقليمية، فضلاً عن رؤساء حكومات سابقين، وشخصيات سياسية وخبراء أفارقة ودوليين.
وينظم الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا، المعروفة اصطلاحاً بدول «إيغاد»، المؤتمر الذي يعد الأول من نوعه بدعم من ألمانيا، ليبحث على مدار ثلاثة أيام، قضايا الأمن والسلام والاستقرار والتنمية الاقتصادية في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر.
وقال وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، في كلمته لافتتاح المؤتمر أمس، إن انعقاد المؤتمر التشاوري في الخرطوم، يؤكد المكانة التي تحظى بها بلاده في محيطها الإقليمي والدولي، وأضاف: «المؤتمر يناقش قضايا الأمن والسلم في منطقة القرن الأفريقي، وأمن البحر الأحمر».
بدوره، قال الرئيس الجنوب أفريقي السابق ثابو مبيكي، والذي يتولى وساطة دول «إيغاد» في السودان وجنوب السودان، إن منطقة القرن الأفريقي، لا تزال تعاني الفقر والنزاعات وعدم الاستقرار، وإن المنطقة تتأثر بالنزاعات الإقليمية المحيطة بها، وأضاف: «تداعيات النزاعات في اليمن ودول الخليج، والنزاع بين إريتريا وجيبوتي على مرتفعات (رأس دميرة)، وجزيرة (دميرة) الواقعة في مضيق باب المندب بالبحر الأحمر، تنعكس سلباً على دول القرن الأفريقي»، وتؤثر على أمن واستقرار الإقليم بصورة كبيرة.
من جانبه، قال مسؤول السلم والأمن التابع للهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا «إيغاد» توليدي غبرا مسكل، إن منطقة دول القرن الأفريقي تعاني من الحروب ومن أزمات إنسانية متطاولة، وأضاف: «النزاعات في القرن الأفريقي أدت إلى تدخلات إقليمية ودولية، وفتحت الباب واسعاً لإنشاء قواعد عسكرية خارجية برية وبحرية»، مشيراً إلى أن النزاعات الإقليمية جعلت من منطقة القرن الأفريقي محلاً للتسابق للحصول على قواعد عسكرية.
وقال ممثل رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الجزائري إسماعيل شرقي، إن الموقع الجغرافي والتاريخ السياسي لمنطقة القرن الأفريقي جعلا منها الأكثر تأثراً بالاضطرابات السياسية والأمنية التي تحدث في العالم.
وتعاني دول القرن الأفريقي «الصومال، وإثيوبيا، وجيبوتي، وإريتريا» من اضطرابات وصراعات داخلية، وبعضها مع بعض، كما تواجه مهددات الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، وتجارة الأسلحة والمخدرات، وغسل الأموال والقرصنة والصيد الجائر، ومن مخاطر جعلها مقبرة دولية لدفن النفايات.
وتنتظر قوى دولية أن يلعب السودان دوراً محورياً في معالجة النزاعات في إقليمي البحر الأحمر والقرن الأفريقي، فضلاً عن جنوب السودان. في وقت يعاني فيه من نزاعات وحروب داخلية، وعلى حدوده مع دولة جنوب السودان وإثيوبيا وتشاد، ومن صعوبات اقتصادية وسياسية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.