كيف يستخدم صحافيو «نيويورك تايمز» التكنولوجيا في عملهم وحياتهم الخاصة؟ جيم ويلسون، أحد مصوري الصحيفة، يعمل في سان فرانسيسكو، يكشف لنا عن التقنيات التي يستخدمها.
> عملت في التصوير في صحيفة «تايمز» لسنوات. ما هي أكثر الصور التي شكل التقاطها تحدياً بالنسبة لك، وماذا استخدمت لإنجاحها؟
- بدأت العمل في «تايمز» عام 1980، ومنذ ذلك الحين وأنا ألتقط الصور، باستثناء سبع سنوات عملت خلالها محرراً.
خلال سنوات عملي، واجهت الكثير من اللقطات الصعبة. واحدة من هذه اللقطات حصلت خلال رحلة كنت فيها مع زميلي كيرك جونسون على جزيرة سانت لورنس في ألاسكا. حلقنا مع مجموعة من العلماء الذين كانوا في مهمة مراقبة بيئية في موقع رادار سابق كانت تستخدمه القوات الأميركية خلال الحرب الباردة. في ذلك الوقت، اعتبر الدكتور سترانجيلوف أن المكان غريب، وأنه يمكننا أن نرى روسيا من إحدى نقاط الموقع. قضينا نحو أسبوع في التخييم في واحدٍ من أبعد الأماكن على الكوكب، وكان علي أن أخطط بعناية ماذا أصوَّر وكيف، على اعتبار أن جميع الأجهزة والكاميرات التي كانت بحوزتي تعمل ببطارية ولم يكن لديَّ أي مصدر كهربائي لإعادة شحنها.
لم تكن وسائل التنقل متوفرة لبلوغ مواقع المسح، لذا كان علي أن أجتاز السهول الجرداء حتى أصل إلى كل موقع، وأن أسير أميالاً كثيرة أحياناً. في معظم الأحيان، كان المناخ مساعداً، باستثناء بعض المرات التي هبت فيها الرياح وسكبت السماء المطر الغزير، حتى إنني خفت أن تنسف قوة الرياح خيمتي.
> كيف غيرت التكنولوجيا المعدات التي تستخدمها في التصوير مع مرور السنين؟
- لا شك أن التكنولوجيا دفعتنا إلى حمل الأجهزة معنا أكثر من أي وقت مضى. فالتجهيزات بحد ذاتها متطورة وقادرة على تأدية كثير من المهام، إذ أصبح بإمكاننا أن نرى ما نصوره فوراً أمامنا، وأن نضبط كل ما حولنا حسب حاجاتنا، حتى إننا بتنا قادرين على نقل الصورة من أي مكان نكون فيه ويتوفر فيه اتصال بالإنترنت.
حين بدأت عملي كمصور، كانت كل المهام تعتمد على الأفلام التي تتطلب تحميضاً، ما يعني أنه كان علي أن أحمل الفيلم إلى غرفة مظلمة تتضمن تجهيزات للتظهير والنسخ، بالإضافة إلى آلة ناقلة (تشبه آلة الفاكس إلى حد بعيد). كان علينا أيضاً أن نجهز خط وآلة الهاتف حين يحين وقت إرسال الصور. أذكر أنني كنت أملك آلة كاتبة محمولة، وكنت أستخدمها لكتابة الجمل التي كانت تُرفَق بالصور قبل أن أضعها في آلة النقل وأرسلها إلى مقر الصحيفة. في ذلك الوقت، كانت خطوط الهاتف كلها تناظرية، أي أن إرسال صورة واحدة كان يتطلب نحو 10 دقائق، غير أنه كان علينا البدء من الصفر في كل مرة كان يحصل خطب ما يؤدي إلى انقطاع الخط. في تلك الأيام، عندما كنا نرى أن إرسال عشر صور في اليوم مهمة شاقة.
أما اليوم، فبات بإمكاننا أن نرسل مجموعات كبيرة من الصور ولمرات كثيرة في اليوم الواحد. إلا أن الجانب السيئ في هذا التطور هو أنه علينا إمضاء وقت أطول في مسرح الحدث، وعلينا أن نرسل خيارات أكثر. حين كانت العملية تعتمد على النسخ حصراً، كانت العناوين الصحافية تتحكم بحياتنا، وكنا نصل إلى نقطة محددة في اليوم لا نستطيع بعدها أن نحدِّث أي خبر.
> ما أفضل كاميرا استخدمتها خلال حياتك المهنية؟
- هذا السؤال صعب، خصوصاً أنني أحب دوماً أن أستخدم كاميرات «لايكا» التي بدأت حياتي المهنية باستخدامها. إنها كاميرات متينة وتعتمد على هيكل أنيق ببساطته. أحببت أيضاً كاميرتي «إم 2» و«إم 3»، وشعرت بالامتنان حين أصدرت شركة «ليتز» إصدار «إم 4»، وبعدها أتت «إم 6» التي اعتُبِرت تطوراً مذهلاً. شعرت ببساطة أن هذه الكاميرات هي الخيار الأصح والأفضل للاستخدام، لأنها تعمل بهدوء وخفة.
بعدها، خرجت عدسات الضبط التلقائي للصورة (أوتوفوكس) والأداء الأوتوماتيكي للكاميرات، والعدسة الأحادية الراقية التي أنتجتها شركات مثل «كانون» و«نيكون». يمكن للمستخدم أن يضبط هذه الكاميرات بشكل يناسب التقاط الصور في أي حالة يتخيلها. كما يمكنه أن يحمّل الكثير من الصور عبر هذه الكاميرات دون الحاجة إلى استخدام «لابتوب». هذه الكاميرات قادرة على تسجيل تفاصيل كثيرة جداً في الحالات التي يكون فيها الضوء خافتاً، تفوق التي كانت تلتقطها الكاميرات التي تعتمد على التحميض.
> تراجعت مبيعات الكاميرات بشكل ملحوظ بعد أن بات الناس يعتمدون على هواتفهم الذكية للتصوير. كيف تصنف الكاميرات الموجودة في الهواتف الذكية وتأثيرها على التصوير الرقمي؟
- دمر الهاتف الذكي سوق الكاميرات العادية، حتى إنه أضعف سوق الكاميرات المتوسطة التطور. بات الجميع الآن يحمل معه كاميرا أينما ذهب، ولا شك أننا اليوم نرى صوراً لم نستطع أن نرى مثلها قبلاً. وكما يعلم الجميع، لم يعد الأمر يقتصر على الصور فحسب، بل تطور إلى تصوير مقاطع الفيديو أيضاً.
مع كل تطور تشهده سوق الهواتف الذكية، أتساءل: إلى متى ستنجح الكاميرات المتطورة والراقية في المحافظة على مكانتها في عالم التصوير. حضرت أخيراً العشاء الذي أقامته شركة «آبل» على شرف إطلاق «آيفون إكس» الجديد بكل ما يحمله من تحديثات، تشمل الكثير منها الكاميرا وتصوير الفيديو والصور. ولم أستطع إلا أن أتساءل ما إذا كانت الشركات الكبرى كـ«كانون» و«نيكون» سيأتي عليها يوم تصبح فيه غير قادرة على إصدار كاميرات متطورة يستخدمها المتخصصون في المجال.
> خارج العمل، ما المنتجات التقنية التي تحب استخدامها؟
- لا أعلم إذا كانت السيارات تُعدّ من ضمن فئة الأجهزة التقنية، ولكنني ابتعت أخيراً «سوبارو» الجديدة التي تتميز بتحذيرات خاصة للسير وبمكابح أوتوماتيكية. عند الشراء، لم نستطع أن نغض نظرنا عن البائع وهو يشرح عن ميزاتها، حتى إننا دُهشنا بكيفية عملها. ولا شك أن هذه الميزات المرتبطة بالأمان مهمة جداً ويجب أن تعتمد في تصنيع جميع أنواع السيارات. كما أنني رأيتُ السيارات التي تعمل بالقيادة الذكية بالقرب من مكان سكني، وشعرت وكأن المستقبل حضر إلينا.
> ما رأيك بالطائرات دون طيار وبكاميرات الـ360 درجة؟
- تقدم الكاميرات التي تحلق دون طيار أسلوباً جديداً في النظر إلى المشاهد، وأظن أنها أداة خارجة عن المألوف. حين يحصل المصور على قليل من الارتفاع، سيحصل على عمق مذهل مهما كان المشهد البادي أمامه عادياً.
أما بالنسبة لتصوير كاميرات 360، فقد رأيت بعض اللقطات المذهلة بكل ما للكلمة من معنى. ويمكن القول إن الأنجح بينها تعطي نتائج يصعب الحصول عليها بكاميرات أخرى. ولا بد أن أعترف أن أجمل اللقطات التي رأيتها التقطها زميلي فريد كونراد في هاييتي بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة، التي أظهرت مشهداً بانورامياً لداخل المباني التي دمرها الزلزال وبتفاصيل لا تُصدَّق.
هذا النوع من التصوير والأجهزة يتيح لنا فرصة تقديم القصة بشكل أفضل وأكثر تطوراً، وأرى أن الطائرات دون طيار وكاميرا 360 ينتظرها مستقبل رائع.
- خدمة «نيويورك تايمز»
التطور التقني يحدث ثورة في عالم توثيق الخبر بالصور
الهاتف الذكي يدمر سوق الكاميرات العادية وطائرات «درون» أحدث أدوات المهنة
التطور التقني يحدث ثورة في عالم توثيق الخبر بالصور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة