حالة من الخوف تعم أوساط الموظفين العموميين في مصر، بعد إعلان الحكومة حزمة إجراءات لإصلاح الجهاز الإداري للدولة، في مقدمتها إجراء تحاليل طبية للكشف عن متعاطي ومدمني المخدرات من موظفي الجهاز. أثارت هذه الإجراءات مخاوف جمة لدى الموظفين الرسميين من الاستبعاد من العمل حال ثبوت تعاطيهم المواد المخدرة، وما يترتب عليه من تدمير مستقبلهم الأسري، وسط مطالبات برلمانية بأن تتم هذه الإجراءات في سرية تامة، خصوصاً بالنسبة للموظف الذي يثبت إدمانه.
وقال النائب خالد شعبان، عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب (البرلمان) لـ«الشرق الأوسط»، إنني «متوافق جداً مع هذه الإجراءات، لكن سوف تجد مشكلات اجتماعية عند تطبيقها وانشقاقات داخل المجتمع»، مضيفاً: «عند إجرائها سوف يشكك كل موظف في صحة هذه الإجراءات من قبل لجنة الاختبار»، متسائلاً: «هل من تثبت صحة تعاطيه سيتم إعلان ذلك بين زملائه أم سيكون سرياً؟ وعند عودة الموظف للعمل حال شفائه من الإدمان، هل سيكون مقبولاً من قبل زملائه في العمل؟ أم سيكون ملفوظاً؟»، ويقدر عدد من يعملون في الجهاز الإداري للحكومة المصرية بنحو 5.7 مليون موظف، وهم من سيخضعون لتحليل المخدرات.
وتنص المادة 45 من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية على إثبات اللياقة الصحية للموظف، واجتيازه الكشف الطبي، وتحليل المخدرات، كما تنص المادة 178 من القانون نفسه على أنه في حالة عدم إثبات اللياقة الصحية للموظف يتم عرضه على السلطة المختصة لإنهاء خدمته.
والتقى المستشار محمد جميل رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، رئيس هيئة التأمين الصحي ورئيس اللجان الطبية بالهيئة وممثلين عن هيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية، لوضع آليات العمل على كيفية إجراء تحليل المخدرات.
وخلص الاجتماع إلى أن التحليل سيكون بطريقة عشوائية، وسيشمل 8 تحاليل لأنواع المخدرات، مشيراً إلى أنه في حالة ثبوت تعاطي الموظف المخدرات، فسيتم إلزامه بإعادة التحليل بعد مدة لا تقل عن 6 أسابيع للتأكد من إقلاعه عن التعاطي، وذلك لمنحه فرصة أخيرة لتصحيح مساره وتقويم أخلاقه وإقلاعه عن التعاطي، وفي حالة إذا كان التحليل إيجابياً في المرة الثانية، سوف تنتهي خدمته فوراً ودون الحاجة إلى أي إنذار.
وقال رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة إنه سيتم كذلك توقيع الكشف الطبي عند تثبيت العمالة المؤقتة والمتعاقد معها، ومن ضمنه إجراء تحليل المخدرات للتأكد من عدم تعاطيهم أو إدمانهم المخدرات، مبيناً أنه سيتم صرف النظر عن التعيين إذا ثبتت إيجابية التحاليل، وذلك لفقد شرط الصلاحية لشغل الوظيفة، مؤكداً أنه سيتم فتح باب التظلم والطعن على تقارير اللجان الطبية من قبل الموظف في حالة إذا كان سبب وجود المخدر في التحليل هو تعاطيه أدوية تحتوي على أي من المواد المخدرة أو غلطاً في نتيجة التحليل.
وكانت المحكمة التأديبية لرئاسة مجلس الدولة في فبراير (شباط) عام 2015 قد أرست مبدأً يتعلق بالموظفين العموميين في الهيئات والقطاعات الحكومية، يتمثل في أن «تعاطي الموظفين العموميين في الدواوين الحكومية والوزارات لأي مخدر، يقتضي مجموعة من الجزاءات التأديبية».
وقال مراقبون إن «بعض المؤسسات الحكومية ينتشر فيها تعاطي الموظفين للمواد المخدرة خلال فترات العمل، وإن هذه المؤسسات اشتكت للسلطات أكثر من مرة». ويقول نور أحمد، موظف في إحدى المصالح الحكومية، إن «التحاليل الجديدة سوف تضبط الأوضاع داخل المقار الحكومية خصوصاً ذات المساحات الكبيرة غير المستغلة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «تطبيق هذه الإجراءات سوف يحقق مزيداً من الانضباط في العمل، لأن إنجاز متطلبات المواطنين يتطلب إعداد موظفين على درجة كبيرة من اللياقة الصحية». لكن أحمد تخوف من ارتفاع تكاليف هذه التحاليل، فضلاً عن التلاعب في نتائج هذه التحاليل لمجرد فصل الموظف.
في غضون ذلك، اقترح النائب شعبان أن يكون التحليل للموظفين سرياً، وأن تشرف الحكومة على علاج الموظف حال ثبوت تعاطيه عن طريق التأمين الصحي، ووفق أشخاص تثق فيهم، كاشفاً أن هذه الإجراءات لم يتم عرضها على مجلس النواب (البرلمان)، لكن اللجنة سوف تستدعي رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، للوصول إلى آلية مناسبة للتطبيق، حتى لا يحدث من ورائها أي مشكلات.
إجراءات مصرية لتأمين سلامة الموظفين صحياً
مطالبات بأن تتم في سرية... وتحذيرات من مخاوف اجتماعية
إجراءات مصرية لتأمين سلامة الموظفين صحياً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة