قوات النظام تدخل الميادين وقتلى بغارات شرق سوريا

TT

قوات النظام تدخل الميادين وقتلى بغارات شرق سوريا

دخلت قوات النظام أمس بدعم جوي روسي إلى غرب مدينة الميادين، أحد آخر أبرز معاقل تنظيم داعش في دير الزور، في وقت يسجل فيه يوميا ارتفاع في عدد قتلى المدنيين الذين يسقطون في المنطقة الحدودية مع العراق، خلال هروبهم من القصف وحيث تستمر المعارك على جبهتي القتال بين النظام والتنظيم من جهة و«قوات سوريا الديمقراطية» و«داعش» من جهة أخرى.
وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إن قوات النظام تمكنت من الدخول إلى الميادين حيث سيطرت على أبنية عدة في القسم الغربي من المدينة بعد تقدمها من جهة البادية، بدعم جوي روسي، وهو ما أكده مصدر عسكري من قوات النظام للوكالة نفسها، مشيرا إلى أنه «يعمل على إنهاء وجود داعش في الميادين وصولاً إلى كامل الريف الشرقي وأن الهدف هو توجيه ضربة قاصمة لداعش تزامنا مع عمليات تأمين (مدينة) دير الزور». وشدد على أن «السيطرة على الريف الشرقي لدير الزور تعد أولوية لقواته خصوصاً أن التنظيم يتخذ من مدينة الميادين عاصمة أمنية وعسكرية له».
وكان «المرصد» أعلن الخميس أن النظام وحلفاءه واصلوا تقدمهم نحو مدينة الميادين وباتوا على مسافة ستة كيلومترات فقط منها.
في المقابل، نفى أحمد الرمضان، مدير «موقع فرات بوست» المتخصص في أخبار دير الزور دخول النظام إلى المدينة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن قوات النظام وصلت إلى محيط المدينة حيث تقع اشتباكات عنيفة مع مقاتلي التنظيم، واستدلّ بقوله إلى نشر «وكالة أعماق» التابعة للتنظيم خبرا تعلن فيه عن تدمير دبابة لقوات النظام في محيط الميادين من الجهة الغربية وليس داخلها. وقال: «للمرة الأولى منذ خمس سنوات تسيطر قوات النظام على كتيبة المدفعية بمحيط مدينة الميادين بعد مئات من الغارات الجوية والصواريخ والبراميل التي أدت إلى سقوط أكثر من 700 قتيل وهجرت 200 ألف شخص إلى الصحراء، خلال شهر». أضاف: «من بقي في دير الزور يعيش تحت رعب الموت ومن هرب إلى مناطق محاصرة وخاضعة لسيطرة التنظيم يعيش في خيم وفي ظروف إنسانية صعبة مع قلة المواد الغذائية وارتفاع الأسعار».
وتشكل مدينة الميادين إلى جانب البوكمال الحدودية مع العراق آخر أبرز معاقل التنظيم في محافظة دير الزور، رغم أنه ما زال يسيطر على أكثر من نصف مساحتها.
وإلى جانب المدينتين، يحتفظ التنظيم بسيطرته على الأحياء الشرقية من مدينة دير الزور وبلدات ومدن عدة في الريفين الشرقي والجنوبي بالإضافة إلى مناطق صحراوية واسعة.
وتشير المعلومات إلى أن التنظيم نقل تدريجياً الجزء الأكبر من قواته وقادته إلى المدينتين مع خسارته معاقل أخرى في البلاد أبرزها الرقة (شمال) التي باتت معركتها محسومة.
وتشكل دير الزور منذ أسابيع مسرحاً لهجومين منفصلين، الأول تقوده قوات النظام بدعم روسي في المدينة بشكل خاص حيث تسعى إلى طرد التنظيم من أحيائها الشرقية، وفي الريف الغربي. وتقود «سوريا الديمقراطية» الهجوم الثاني في الريف الشرقي.
وعلى وقع المعارك والقصف المستمر، يتزايد عدد القتلى يوميا الأسبوع الأخير وخاصة في صفوف المدنيين الهاربين من دير الزور. وأفاد «المرصد»، بمقتل 14 مدنياً على الأقل بينهم ثلاثة أطفال ليل الخميس الجمعة جراء غارات روسية استهدفتهم أثناء عبورهم نهر الفرات على متن عبارات في قرية محكان الواقعة جنوب مدينة الميادين وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبحسب «المرصد»، فإن «هؤلاء المدنيين هم من سكان القرية التي يسيطر عليها تنظيم داعش، وكانوا يحاولون الفرار من القصف الروسي المكثف الذي يطال المنطقة».
وارتفعت حصيلة القتلى المدنيين في الأسبوعين الأخيرين في سوريا جراء الغارات الروسية على دير الزور، وتلك التي تشنها طائرات التحالف الدولي بقيادة أميركية على مدينة الرقة (شمال) دعما لهجوم تقوده «قوات سوريا الديمقراطية» ضد التنظيم.
وقتل 38 مدنياً بينهم تسعة أطفال الأربعاء بغارات روسية لدى محاولتهم عبور الفرات جنوب شرقي الميادين أيضا، وفق ما أحصى المرصد.
كما قتل 18 مدنيا آخرون الثلاثاء جراء غارة للتحالف الدولي استهدفت آباراً للمياه أثناء تجمع السكان قربها في مدينة الرقة، بحسب المرصد. وينفي التحالف بدوره تعمد استهداف مدنيين، مؤكداً أنه يتخذ كافة الإجراءات للحؤول دون ذلك.
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ندّدت يوم الخميس بمقتل مئات الضحايا وتدمير المستشفيات والمدارس خلال الأسبوعين الأخيرين في مناطق عدة، معتبرة أن مستويات العنف هي «الأسوأ» منذ معارك مدينة حلب العام الماضي.
كما حذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الإقليمي التابع للأمم المتحدة في بيان منفصل الخميس من أن استهداف المدنيين والمرافق «يشكل انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وقد يصل إلى حد جرائم الحرب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».