العاهل الإسباني على خط الأزمة بين مدريد وبرشلونة

الإقليم على وشك إعلان انفصاله عن إسبانيا

صورة وزعتها وزارة الداخلية الإسبانية أمس الأربعاء تظهر وزير الداخلية خوان زويدو (يمين) مع ضباط الشرطة في ميناء برشلونة استعداداً للتعامل مع الوضع الأمني في حالة إعلان الاستقلال من قبل حكومة إقليم كاتالونيا (أ.ف.ب)
صورة وزعتها وزارة الداخلية الإسبانية أمس الأربعاء تظهر وزير الداخلية خوان زويدو (يمين) مع ضباط الشرطة في ميناء برشلونة استعداداً للتعامل مع الوضع الأمني في حالة إعلان الاستقلال من قبل حكومة إقليم كاتالونيا (أ.ف.ب)
TT

العاهل الإسباني على خط الأزمة بين مدريد وبرشلونة

صورة وزعتها وزارة الداخلية الإسبانية أمس الأربعاء تظهر وزير الداخلية خوان زويدو (يمين) مع ضباط الشرطة في ميناء برشلونة استعداداً للتعامل مع الوضع الأمني في حالة إعلان الاستقلال من قبل حكومة إقليم كاتالونيا (أ.ف.ب)
صورة وزعتها وزارة الداخلية الإسبانية أمس الأربعاء تظهر وزير الداخلية خوان زويدو (يمين) مع ضباط الشرطة في ميناء برشلونة استعداداً للتعامل مع الوضع الأمني في حالة إعلان الاستقلال من قبل حكومة إقليم كاتالونيا (أ.ف.ب)

رغم أن إسبانيا ملكية دستورية، فإن الأزمة السياسية التي دخلت فيها البلاد منذ استفتاء الأحد، أقحمت العاهل الإسباني في هذه القضية التي بدأت تتفاقم بين الحكومة المركزية في مدريد وحكومة الإقليم في برشلونة. ولم يتردد الملك فيليب السادس في إدانته للانفصاليين الكاتالونيين الذين قال إنهم «تحركوا خارج القانون»، محذراً من أن أعمالهم عرضت اقتصاد البلاد ووحدتها للخطر. وجاءت تصريحات الملك فيليب متوافقةً مع موقف الحكومة المركزية في مدريد، حيث وصف رئيس الوزراء ماريانو راخوي الاستفتاء بأنه «استهزاء» بالديمقراطية.
وفى خطاب تلفزيوني، أول من أمس (الثلاثاء)، قال العاهل الإسباني إن بلاده واجهت موقفاً «خطيراً للغاية» بعد الاستفتاء، الذي شهد خروج 2.‏2 مليون كاتالوني للتصويت بغالبية ساحقة لصالح الانفصال. وقال إن الاستفتاء الذي تمت الدعوة إليه قبل أقل من شهر وحظرته المحكمة الدستورية على الفور «أدى إلى تقويض التضامن والمودة اللذين كانا يجمعاننا دائماً معاً».
وقال رئيس إقليم كاتالونيا كارلوس بوجديمون، إن الإقليم سيعلن انفصاله عن إسبانيا (في غضون أيام). وأضاف بوجديمون خلال مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية أن حكومته «ستعلن ذلك خلال نهاية هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل».
وبسؤاله عما إذا كانت مدريد ستتدخل لانتزاع السيطرة على حكومة كاتالونيا، رد بوجديمون قائلا إن ذلك «سيكون خطأ يغير كل شيء». وقال بوجديمون إنه لا يوجد حالياً أي تواصل بين الحكومة الإسبانية في مدريد وإدارته التي يشكلها حالياً.
ومع تفاقم الأزمة السياسية، تحول الحديث إلى المادة 155 من الدستور الإسباني. وباستطاعة مدريد تفعيل هذه المادة التي لم تُستخدم من قبل، والتي تسمح للحكومة المركزية بتولي إدارة منطقة الحكم الذاتي في حال إعلان الاستقلال. وعلى الرغم من أنه لم يذكر المادة بالاسم، فقد اقترح الملك أنه قد يؤيد مثل هذه الخطوة قائلاً في الخطاب الذي بثه التلفزيون الإسباني، إن «الغرض من السلطات الشرعية للدولة هو التأكد من الالتزام بالنظام الدستوري».
واعتبر الملك فيليب أن السلطات في الإقليم الشمالي الشرقي الغني «عرضت اقتصادَيْ كاتالونيا وإسبانيا للخطر... لقد حاولوا كسر وحدة إسبانيا».
وعقد البرلمان الإقليمي في كاتالونيا، أمس (الأربعاء)، جلسة عامة لمناقشة نتائج الاستفتاء.
وقبل ساعات من كلمة الملك، أطلق القوميون في كاتالونيا تحدياً جديداً لسلطة إسبانيا على الإقليم بإضراب عام بدأ، أول من أمس (الثلاثاء)، أصاب برشلونة وكثيراً من الطرق الرئيسية بالشلل، مع الاحتفاظ بالسلمية.
وتمت الدعوة للإضراب بعد أن اتهمت السلطات الكاتالونية الشرطة الإسبانية بإصابة 893 شخصاً، من بينهم أربعة نُقِلوا إلى المستشفى، وبالاستيلاء على مواد الانتخابات من المدارس والمباني العامة الأخرى خلال محاولات لمنع الاستفتاء.
وشارك آلاف الأشخاص في مسيرة عبر برشلونة، ونظموا احتجاجات كبيرة أمام مراكز الشرطة الوطنية وحزب رئيس الوزراء الإسباني راخوي «حزب الشعب»، وبجوار مدرسة استخدمت فيها شرطة مكافحة الشغب الرصاص المطاطيّ يوم الاستفتاء. وصرح موظف حكومي يدعى دومينجو شارك بالتصويت لصالح البقاء ضمن إسبانيا يوم الأحد، لوكالة الأنباء الألمانية، بأنه قَرّر الانضمام للاحتجاج، الذي دعت إليه نقابات عمالية وجماعات انفصالية، بسبب اشمئزازه من «العنف الذي استخدمته قوات فرض القانون».
وتوقفت وسائل النقل العام في برشلونة على مدار معظم اليوم، وبالمثل الميناء والعديد من المحلات التجارية. وظهرت حواجز الطرق في العشرات من الطرق السريعة في كاتالونيا.
وعلق نادي برشلونة لكرة القدم تدريباته دعماً للإضراب. وقال رئيس الإقليم الكاتالوني على صفحته على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي: «اليوم هو يوم لاحتجاجات ديمقراطية بروح المواطنة والكرامة، يجب ألا ننساق إلى الاستفزازات، لقد شهد العالم ذلك: نحن شعب سلمي».
ومع ذلك، فإن المناخ يزداد سوءاً بالنسبة لضباط الشرطة الإسبانية. فقد تم نشر 10 آلاف جندي آخرين في كاتالونيا قبيل إجراء الاستفتاء، إلا أن بعد اشتباكات يوم الأحد، يواجه العديد منهم عداءً مفتوحاً مع السكان المحليين.
وبدءاً من يوم الاثنين طُرِد المئات من الضباط من غرفهم في الفنادق بعد تجمع الحشود خارجها. وقال مونتسيرات كانديني، رئيس بلدية كاليلا، إحدى المدن التي وقعت فيها المواجهات بين الناخبين وعناصر الأمن: «لا نريد أن تتحول فنادق كاليلا إلى ثكنات».
وشبهت نائبة رئيس الحكومة الإسبانية، سورايا ساينز دي سانتاماريا، دعم السلطات المحلية لطرد قوات الشرطة الإسبانية من الفنادق بـ«سلوك عصابات المافيا» الذي «لن نتسامح معه».
ومن جانب آخر أعربت الولايات المتحدة عن «حزنها» لسقوط عدد كبير من الجرحى خلال محاولة قوات الأمن الإسبانية الأحد منع سلطات إقليم كاتالونيا من تنظيم استفتاء على الاستقلال. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت للصحافيين في واشنطن: «لقد أحزنتنا التقارير» الواردة من كاتالونيا بشأن «إصابة كثير من الناس بجروح خلال أحداث عطلة نهاية الأسبوع». وأضافت: «ما زلنا نقول إننا نشجع جميع الأطراف على أن يحلّوا خلافاتهم السياسية دون عنف، وبطريقة تتفق مع القانون الإسباني».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».