الأزهر يحذر من تجنيد الموقوفين في سجون أوروبا

أبدى مخاوف من خطر «المتطرفات العائدات» من مناطق النزاع

TT

الأزهر يحذر من تجنيد الموقوفين في سجون أوروبا

حذر الأزهر في تقرير من مساعي تنظيم «داعش» الإرهابي تجنيدَ عناصر جديدة داخل سجون أوروبا، بهدف إبراز قوَّته، وتأكيد وجوده في الساحة، رغم الهزائم الكبيرة التي تكبّدها في سوريا والعراق.
كما أبدى الأزهر في تقرير آخر تخوُّفَه من «الداعشيات العائدات» من مناطق النزاع، اللاتي عدن من سوريا والعراق إلى دولهن للقيام بعمليات إرهابية محتملة. ويرى مراقبون أنه «عقب خسائر التنظيم في العديد من معاقله أخيراً، اتجه لبث رسائل تحفيزية لأنصاره في مختلف دول العالم، خصوصاً الدول الأوروبية، لتنفيذ هجمات بغية إثارة القلق والفزع في أوساط المدنيين».
وأكد تقرير مرصد الأزهر بمصر أن التجنيد في السجون الأوروبية هو إحدى آليات «داعش» الإرهابي في الاستقطاب، ويسعى في تنشيط هذه الآلية من خلال السجناء المدانين في قضايا تتعلق باعتناق الفكر المتطرف، من خلال الاعتماد عليهم في تلقين أصحاب الجرائم العامة، مثل «المخدرات والسرقة»، ويكون الدخول إلى عقول هؤلاء من باب التكفير (أي التوبة عن جرائمهم)، ثم يكون التوجيه بتنفيذ هجمات إرهابية تظهر ولاءهم للتنظيم.
وأوضح الأزهر أنه لاحظ أن الكثيرين ممن يُعاقبون بالسجن في قضايا عامة كمخالفات أو سرقة أو مخدرات يخرجون من السجون مؤهلين للقيام بهجمات إرهابية، أو مجندين جدداً لصالح التنظيمات الإرهابية. ويرجع ذلك بالطبع إلى أنهم خلال فترة السجن يقعون تحت تأثير قادة متطرفين يعملون على تجنيدهم وإقناعهم بهذه الأفكار المتطرفة. يُشار إلى أنه عُثِر بأحد سجون العاصمة الإسبانية مدريد على رسم لشعار «داعش» على أحد جدران السجون، تحديداً في الفناء العام المتاح لجميع السجناء.
أما في السجون البريطانية، فهناك عدد كبير من الإرهابيين المدانين. كما تشير تقديرات إلى أن نحو 15 في المائة من نزلاء السجون الأميركية من المسلمين يكونون ضعفاء نفسيّاً وقتَ سجنهم، وقد يكونون أكثر استجابة للخطاب المتطرف.
بهذا الصدد، قال اللواء كمال مغربي الخبير الأمني والاستراتيجي، إن «تجنيد الإرهابيين في السجون يعد أحد أكبر التحديات التي تواجه الغرب في الوقت الراهن، بل إنه في بعض الحالات تحولت السجون لمعسكرات تدريب للإرهابيين، خصوصاً أن العبادة الجماعية غير خاضعة للرقابة، مما سمح بتمرير المواد التي تؤدي إلى تعزيز الفكر الإرهابي في مكتبات السجون». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «تبدأ عملية غسل المخّ في السجون من الملاحظات المظهرية، مثل تربية اللحى وحف الشوارب والتعامل بعدوانية وإطلاق عبارات مثل (كفار)».
وأوصى تقرير الأزهر بضرورة عمل برامج تأهيلية مكثفة للمتطرفين على يد متخصصين وأئمة معتدلين لمراجعتهم فكريّاً للعودة عن المسارات المنحرفة، وكذلك عزلهم عن سجناء الجرائم العامة خلال قضاء فترة عقوبتهم منعاً لانتشار هذا الفكر المتطرف.
في غضون ذلك، أكد الأزهر في تقرير آخر لمرصده أن النساء العائدات من «داعش» يُشكلن تهديداً قوياً للغرب، كنظائرهن من الرجال، لأن النساء اللواتي وقعن في براثن التنظيم كن يشكلن أحد أعنف الفصائل بداخله.
ورُصِدَت شهادات لمنتسبات سابقات لـ«ديوان الحسبة» التابع للتنظيم، عن أساليب التعذيب التي كانت الداعشيات ‏يستخدمنها ضد النساء الأخريات، وشملت الجلد والعض بأسنان معدنية، وأن الداعشيات كان يجري ‏تدريبهن على استخدام القنابل اليدوية وغير ذلك من الأسلحة، كما حصلن على تدريبات للقيام بعمليات انتحارية.
وقال التقرير إن معظم المنتسبات إلى «داعش» لم يُجبرن على الانضمام إلى التنظيم، وتعرضن لـ«غسل أدمغة» من قبل أعضاء التنظيم القدامى لدى انضمامهن، مما يجعل العائدات إلى أوروبا منهن قنابل موقوتة توشك أن تنفجر إن سنحت الظروف.
وكشف الأزهر عن تزايد المخاوف من الداعشيات في الغرب، نظراً لدعوات التنظيم بصورة متزايدة إلى شن هجمات، وأن العائدات من «داعش» ربما يشاركن في تنفيذ عمليات مستقبلية، لذا يجب على الدول التي تستقبل الداعشيات أن تتعامل معهن بحرص وإخضاعهن للعدالة أو لإعادة التأهيل، ثم إعادة إدماجهن في المجتمعات نفسيّاً، حتى لا ينجرفن في تيار الإرهاب مرة أخرى.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».