محكمة تركية تسدل الستار على قضية محاولة اغتيال إردوغان

المؤبد 4 مرات لـ34 ضابطاً

TT

محكمة تركية تسدل الستار على قضية محاولة اغتيال إردوغان

أسدلت محكمة تركية الستار على قضية محاولة اغتيال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في إطار محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي شهدتها تركيا في منتصف يوليو (تموز) 2016 بمجموعة من الأحكام الرادعة.
وقضت محكمة موغلا (جنوب غرب) في جلستها الأخيرة لنظر القضية التي عقدت أمس بالسجن المؤبد أربع مرات على 34 من أصل 47 من المتهمين بالمشاركة في محاولة اغتيال إردوغان في مدينة مرمريس في موغلا ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة فيما برأت متهما واحدا وقررت فصل ثلاثة متهمين آخرين هم الداعية فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة والقائد العسكري السابق بوركاي كاراتبه والمقدم السابق أوزكان كاراغان من الملف الرئيسي للقضية.
وفشل ما يعرف بـ«فريق الاغتيال» في الوصول إلى الرئيس التركي الذي غادر الفندق قبل بدء الهجوم عليه ليلة الانقلاب في طائرة مع عائلته إلى مطار أتاتورك في إسطنبول، في حين قُتل اثنان من حراسه في تبادل لإطلاق النار مع المهاجمين.
وقضت المحكمة بالسجن المؤبد 4 مرات على 34 متهما بينهم العميد السابق جوكان سونمازاتيش الذي يعتبر قائد فريق الاغتيال من الانقلابيين والذي كانت مهمته «القبض على أو قتل» إردوغان. كما قضت المحكمة بالسجن 18 عاما ضد علي يازجي المستشار العسكري المرافق لإردوغان قبل الانقلاب الفاشل. وتعد هذه المحاكمة هي الأبرز في تركيا بعد محاولة الانقلاب التي أسفرت عن مقتل نحو 250 شخصا.
ووقعت أحداث محاولة اغتيال إردوغان ليلة محاولة الانقلاب عندما كان الانقلابيون يحاولون السيطرة على مراكز السلطة في إسطنبول وأنقرة، واقتحمت مجموعة من الجنود فندقا كان إردوغان يمضي فيه عطلة برفقة عائلته في منتجع مرمريس، وقال إردوغان إن الانقلابيين الذين كانت مهمتهم «القتل» أو القبض عليه وصلوا بعد وقت قصير من مغادرته الفندق. وقتل اثنان من رجال الشرطة المكلفين بحمايته في تبادل لإطلاق النار مع المهاجمين. واختبأ الانقلابيون في المناطق الريفية المحيطة بالمنتجع وعثر عليهم بعد عدة أيام.
وتم نقل جلسة المحاكمة الأخيرة أمس إلى غرفة التجارة والصناعة في موغلا، الأكثر اتساعا من قاعة المحكمة، وعقدت الجلسة وسط تدابير أمنية مشددة وتم استخدام كلاب مدربة لتفتيش المكان كما انتشر قناصة على أسطح المباني المجاورة.
وانطلقت المحاكمة في فبراير (شباط) الماضي وسط أجواء متوترة للغاية مع مطالبة متظاهرين من أسر ضحايا الانقلاب بإعادة العمل بعقوبة الإعدام في كل جلسة.
وشنت السلطات التركية عقب محاولة الانقلاب حملة شرسة ضد أنصار مفترضين للداعية غولن واعتقلت حتى الآن أكثر من 60 ألفا كما أقالت أو أوقفت عن العمل أكثر 150 ألفا من مختلف هيئات ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص كما أغلقت مئات الشركات والبنوك والمؤسسات الإعلامية التابعة لحركة الخدمة التي يتزعمها غولن الذي نفى ضلوعه في محاولة الانقلاب.
كما أعلنت الحكومة التركية حالة الطوارئ التي لا تزال سارية حتى الآن، وأثارت هذه الإجراءات انتقادات واسعة لتركيا من الاتحاد الأوروبي وحلفائها في الغرب.
واتهمت وحدة من قوات الصاعقة بالجيش التركي بمحاولة اغتيال إردوغان، وقد نقل المتهمون إلى قاعة المحكمة وسط إجراءات أمنية مشددة ووسط مطالبة متظاهرين بإعدامهم، بينما طوقت المنطقة المحيطة بالمحكمة ونظمت فيها دوريات من قبل عشرات من قوات الأمن بما في ذلك رجال الشرطة والقوات الخاصة، واعتلى القناصة الأسطح القريبة.
في سياق متصل، أصدر مكتب المدعي العام في العاصمة أنقرة أوامر اعتقال لـ121 موظفا بوزارة التعليم و21 موظفا بوزارة الشباب والرياضة كجزء من التحقيقات في محاولة الانقلاب. ويتهم المشتبه فيهم باستخدام تطبيق الرسائل المشفرة «بايلوك» الذي يشتبه في أن مستخدميه مرتبطون بحركة غولن. ويجري مكتب المدعي العام للعاصمة أنقرة تحقيقا في ثماني مؤسسات ومنظمات عامة، ومن بين 121 مطلوبا بوزارة التعليم فصلت الوزراء بالفعل 116. واعتقلت قوات الأمن حتى الآن 82 مشتبها فيهم على الأقل بموجب هذه الأوامر. كما أصدر مكتب المدعي العام في إسطنبول أوامر اعتقال بحق 112 من موظفي 18 بلدية تابعة للمدينة منهم موظفون تم فصلهم وآخرون لا يزالون بالخدمة للاشتباه باستخدامهم تطبيق بايلوك أيضا. وتم احتجاز ما لا يقل عن 67 من المشتبه فيهم ولا تزال العمليات جارية لإلقاء القبض على المشتبه فيهم الآخرين.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».