العبادي يعرض «إدارة مشتركة» للمناطق المتنازع عليها

البرلمان العراقي يعلق عضوية النواب المشاركين في الاستفتاء

عائلة عراقية على أطراف الحويجة أمس بعد فرارها من المعارك بين {داعش} والقوات العراقية (أ.ف.ب)
عائلة عراقية على أطراف الحويجة أمس بعد فرارها من المعارك بين {داعش} والقوات العراقية (أ.ف.ب)
TT

العبادي يعرض «إدارة مشتركة» للمناطق المتنازع عليها

عائلة عراقية على أطراف الحويجة أمس بعد فرارها من المعارك بين {داعش} والقوات العراقية (أ.ف.ب)
عائلة عراقية على أطراف الحويجة أمس بعد فرارها من المعارك بين {داعش} والقوات العراقية (أ.ف.ب)

في وقت دعا فيه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الأكراد إلى «إدارة مشتركة» للمناطق المتنازع عليها، علق البرلمان الاتحادي عضوية النواب المشاركين في استفتاء إقليم كردستان، وأحال ملفهم إلى المحكمة الاتحادية العليا، لطلب رأيها في مصيرهم.
وقال العبادي، مساء أمس، إن قرارات الحكومة بشأن الاستفتاء «تبتعد عن معاقبة المواطنين الكرد». وأضاف، بحسب وكالة الصحافة الألمانية، أن «رأي المرجع الأعلى علي السيستاني كان حاسما ومساندا لوحدة العراق، والرحلات الإنسانية مستمرة إلى الإقليم». وأضاف: «أحذر من إجراءات الإقليم بالتحشيد العسكري في كركوك، لأنه أمر خطير».
وشدد على أن «فرض الأمر الواقع في المناطق المتنازع عليها بالقوة أمر غير مقبول، وندعو إلى إدارة مشتركة لهذه المناطق بقيادة اتحادية، وأولوية الحكومة هي تحرير المدن من (داعش)». وأوضح أن «الدستور هو مرجعيتنا في التفاوض مع إقليم كردستان العراق، وشروط الحوار هي الالتزام بالدستور وإلغاء نتائج الاستفتاء».
وعقد مجلس النواب جلسة، أمس، غاب عنها النواب الأكراد. وقال مصدر برلماني لـ«الشرق الأوسط»، إن «النواب الأكراد من كتلتي التغيير والاتحاد الوطني دخلوا قاعة البرلمان، فاعترض نواب من التحالف الوطني على حضورهم بذريعة مشاركتهم في الاستفتاء الكردي». وأكد أن «نواب التحالف الوطني طالبوا النواب الأكراد بالقبول بمقررات البرلمان الصادرة عن استفتاء إقليم كردستان، فقبل النواب بذلك، لكنهم امتنعوا عن إعطاء قبول مكتوب».
وصوّت المجلس على قرار نيابي يتبنى تنفيذ مبادئ خطبة السيستاني بشأن الاستفتاء، بناء على طلب من 70 نائبا عن «التحالف الوطني» الشيعي. وأصدر التحالف الذي يملك الأغلبية النيابية، قرارا مؤلفا من فقرتين، الأولى عدّت «كل نائب عن التحالف الكردستاني يحضر إلى جلسات البرلمان مؤيد لقرارات المجلس الأخيرة بشأن الاستفتاء، ويؤمن بكل مضامين الدستور وغير معترف بنتائج الاستفتاء»، والثانية تتعلق بـ«إعداد قوائم خاصة بأسماء النواب المؤيدين للاستفتاء وأصحاب المواقف الواضحة منه، لرفعها إلى القضاء من أجل سحب عضويتهم من المجلس، وتعتبر الآن عضويتهم معلقة إلى حين البت بأمرهم».
ونزولا عند رغبة «التحالف الوطني» المعبر عنها في الفقرتين الأخيرتين، نوّه رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، أثناء اجتماع البرلمان، بأن مجلسه بصدد رفع استفسار إلى المحكمة الاتحادية، لبيان موقفها ممن «خالف التزامه والنصوص الدستورية المتعلقة بالحفاظ على وحدة العراق والقسم الذي أداه أمام الشعب العراقي»، في إشارة إلى النواب الكرد المصوتين لصالح استفتاء الاستقلال. وكلّف المجلس اللجنة القانونية ولجنة شؤون الأعضاء تزويد هيئة الرئاسة بالأسماء المشاركة في الاستفتاء بعد رد المحكمة الاتحادية.
وشدد الجبوري، أثناء الجلسة وفي مؤتمره الصحافي الذي عقده بعدها، على «أهمية الحفاظ على وحدة العراق، والتأكيد على الالتزام بدعوة المرجعية الدينية العليا بشأن التعامل مع استفتاء إقليم كردستان»، داعيا النواب الأكراد إلى «المشاركة في جلسات المجلس المقبلة». واعتبر أن «القرارات التي اتخذها البرلمان نابعة من احترام الدستور». وقال إن «البرلمان حريص على وحدة الموقف واحترام الدستور والتركيز على دعم الحكومة ووحدة العراق. وجميع أعضاء المجلس، بمن فيهم الأكراد، معنيون بالقرارات التي يصدرها مجلس النواب ويتخذها البرلمان».
واعتبر أن «البرلمان ليس الطرف الذي تقدم أمامه الطعون، وحينما يتخذ البرلمان قرارات لم يكن يقصد في أي منها العقوبات الجماعية، وإنما نتحدث عن صلاحيات اتحادية لنحافظ على وحدة العراق».
وكان الجبوري أعلن قبل انعقاد جلسة البرلمان، أنه بصدد إجراء جملة من اللقاءات والحوارات مع عدد من القيادات العراقية، ومن بينها القيادات الكردية، للتداول في سبل إيجاد مخرج للأزمة.
وكان الرئيس فؤاد معصوم تقدم، أمس، بتهنئة للعراقيين بمناسبة عيدهم الوطني، ثمّن فيها دعوة السيستاني إلى الالتزام بالدستور نصا وروحا والاحتكام إليه لحل الخلافات الداخلية كافة، مشيرا إلى مواصلته «بذل جهود حثيثة لاستئناف الحوار الأخوي المخلص والبناء بين الجانبين، من أجل التوصل إلى حلول دائمة للقضايا الخلافية كافة بين أربيل وبغداد».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».