تنسيق عسكري بين أنقرة وطهران للرد على الاستفتاء

تمهيداً لمباحثات إردوغان في إيران غداً حول ملفي العراق وسوريا

TT

تنسيق عسكري بين أنقرة وطهران للرد على الاستفتاء

وسط تنسيق متزايد بين أنقرة وطهران بشأن التحرك في مواجهة الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق، الذي أجري الأسبوع الماضي، التقى رئيس الأركان التركي خلوصي أكار الرئيس الإيراني حسن روحاني ومسؤولين أمنيين كبارا في طهران، أمس؛ تمهيداً لزيارة الرئيس رجب طيب إردوغان لطهران غداً.
واعتبر الرئيس الإيراني لدى استقباله أكار أن «إيران وتركيا مرساة الاستقرار في المنطقة». وقال: إن «حفظ الحدود الجغرافية من بين أهم أهداف التعاون المشترك بين طهران وأنقرة»، لافتاً إلى ترحيب حكومته بتعزيز «التعاون الدفاعي» بين البلدين.
وقال روحاني: إن العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين «تشهد مستويات جيدة»، مشيراً إلى «ضرورة تنمية العلاقات الدفاعية والعسكرية في سياق المصالح المشتركة والتعاون الشامل بين طهران وأنقرة»، وفق ما نقلت عنه وكالة «إيسنا». وأضاف: إن «إيران وتركيا تشكلان مرساة للاستقرار في المنطقة عندما تكون إحداهما بجانب الأخرى، وتقومان بدور في حل القضايا الإقليمية».
وفي إشارة إلى استفتاء إقليم كردستان العراق، من دون التطرق إلى اسم الإقليم، شدد روحاني على «أهمية حفظ وحدة الأراضي العراقية والسورية، والاستقرار في المنطقة، وعدم التغيير في الحدود الجغرافية». وأضاف، أن «أي تغيير في استقرار الحدود الجغرافية يؤدي إلى زعزعة الأمن وعدم الاستقرار في المنطقة».
وقال أكار في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني محمد باقري، عقب محادثاتهما: إن تركيا وإيران تطوران تعاونهما في المجال العسكري ضد التهديدات والمخاطر الراهنة. وأضاف: إن «تركيا وإيران بلدان صديقان على مدار مئات الأعوام، يمتلكان قيماً مشتركة. وفي ضوء هذه القيم نطور تعاوننا ضد التهديدات والمخاطر الراهنة التي نواجهها، ونقوم بتطوير علاقتنا العسكرية أيضاً، علاوة على السياسية والاقتصادية». وأكد توصل البلدين إلى تفاهم على مكافحة الإرهاب وأمن الحدود، ولا سيما خلال الأيام المقبلة.
وأشار باقري إلى أنه بحث مع نظيره التركي، المواضيع التي تشكل تهديداً لكلا البلدين، لافتاً إلى أن تركيا وإيران «تتبنيان موقفاً مشتركاً ضد الاستفتاء غير الشرعي» في كردستان العراق. وأضاف: «لدينا آراء مشتركة حول وحدة الأراضي العراقية، وضرورة عدم قبول الاستفتاء».
ولفت إلى أنه تبادل وجهات النظر مع أكار حول «جهود الجيشين العراقي والسوري في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي وسبل تحقيق السلام والأمن في هذين البلدين». وأضاف أنهما ناقشا زيادة التعاون بين القوات المسلحة التركية والإيرانية، مؤكداً أنه «سيجري تطوير العلاقات العسكرية بين أنقرة وطهران... أجرينا مباحثات حول التدريب العسكري والمناورات وتبادل الخبرات، وسيتم تناول هذه المواضيع والمزيد خلال زيارة الرئيس إردوغان».
وجاءت زيارة أكار لطهران لتأكيد مرحلة جديدة من تقوية التشاور بين البلدين على مستوى القادة العسكريين بدأت بالزيارة التي قام بها باقري لأنقرة في أغسطس (آب) الماضي كأول رئيس أركان إيراني يزور تركيا منذ العام 1979.
ونقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية عن الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، لدى استقباله أكار، أن إجراء الاستفتاء في كردستان العراق «يساعد على تحقيق أهداف الجبهة الداعمة للإرهاب التكفيري، وبالتأكيد يعارض مصالح الشعب العراقي، ولا سيما الأكراد».
واعتبر «التوجه الاعتباطي لبعض مسؤولي إقليم كردستان العراق في إجراء الاستفتاء غير مسؤول»، قائلا: إن «عدم الانتباه إلى المتطلبات الراهنة والأمنية ومتابعة أهداف قبلية في هذه الخطوة يؤدي إلى إضعاف التركيز على محاربة الإرهاب التكفيري بصفته أهم تهديد إقليمي وانتقال سريع للتداعيات الأمنية الضارة بإقليم كردستان العراق».
وشدد على «ضرورة احتواء التداعيات المثيرة لعدم الاستقرار في الإقليم وإدارتها»، مضيفاً أن التنسيق الثلاثي بين إيران وتركيا والعراق «بهدف متابعة مطالب بغداد ومنع التأثير السلبي الناجم عن تطورات الإقليم على عمليات التطهير النهائية للعراق من فتنة الإرهاب، أمر ضروري».
وأعلنت تركيا أنها ستنسق مع كل من إيران والعراق بشأن الخطوات التي ستتخذ للرد على استفتاء كردستان. وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم: إن لقاءً ثلاثياً سيعقد قريباً للبحث في هذا الموضوع. ويزور إردوغان إيران غداً، في ظل تنسيق متزايد بين البلدين بعد استفتاء كردستان. وطالب إردوغان عقب افتتاح الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان التركي، مساء أول من أمس، قادة القوات المسلحة، خلال حفل استقبال بالقصر الرئاسي في أنقرة، بأن يكونوا «مستعدين في أي لحظة».
ولوحت أنقرة بزيادة ضغوطها على إدارة إقليم كردستان العراق من أجل إلغاء الاستفتاء ونتائجه، وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: إن بلاده ستضاعف عقوباتها على إدارة الإقليم ما لم تعلن الأخيرة بطلان الاستفتاء الذي يواجه معارضة إقليمية ودولية ومن الحكومة المركزية في بغداد.
وأضاف جاويش أوغلو: إن رئيس الإقليم مسعود بارزاني «أضعف حظوظه في الحفاظ على حقوق الإقليم بإجرائه الاستفتاء الباطل، وأن الجميع كان سيدافع عن إدارته خلال المفاوضات مع الحكومة المركزية لولا إجراء هذا الاستفتاء». وأضاف في تصريحات، مساء أول من أمس، أن بارزاني «ظن أنه سيكون قوياً عندما يجري الاستفتاء، لكن حساباته كانت خاطئة، والآن هو لا يمتلك القوة التي كان يمتلكها قبل الاستفتاء، وتركيا عرضت عليه دور الوساطة لصيانة حقوق الإقليم وفق الدستور العراقي، وحذرناه في الوقت نفسه من عواقب الإقدام على خطوة الاستفتاء». وأضاف أن «هناك احتمالا أن يعلن بارزاني بطلان الاستفتاء، وهذا هو الخيار الأصح، وعليه أن يفعل ذلك من دون مماطلة».
على صعيد آخر، قالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط»: إن مباحثات أكار وكذلك إردوغان ستتناول إلى جانب استفتاء كردستان الملف السوري، ولا سيما ما يتعلق بمنطقة خفض التوتر في إدلب التي اتفق خلال الجولة الأخيرة من اجتماعات آستانة على نشر مراقبين عسكريين من تركيا وإيران وروسيا فيها، بواقع 500 مراقب من كل دولة، وطلبت تركيا نشر عناصرها داخل إدلب التي تسيطر «جبهة النصرة» على مناطق واسعة منها. كما سيتم، بحسب المصادر، مناقشة اقتراح إقامة منطقة جديدة لخفض التوتر في محيط عفرين الواقعة تحت سيطرة حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» السوري.



الأردن باشر إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في العاصمة عمان

إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)
إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)
TT

الأردن باشر إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في العاصمة عمان

إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)
إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)

باشر الأردن، اليوم (الثلاثاء)، عملية إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج، كان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني تعهد بها خلال لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في واشنطن الشهر الماضي.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، حطّت مروحيتان عسكريتان أردنيتان تحملان طفلين من غزة مبتوري الأطراف ومرافقين من عائلتيهما قبيل ظهر الثلاثاء، في مطار ماركا العسكري في عمان، تبعتهما مروحيتان أخريان بعد الظهر تحملان طفلين مصابين، وفق مشاهد بثّها تلفزيون «المملكة» الرسمي.

ونقل الأطفال مباشرة من المروحيات إلى سيارات إسعاف لنقلهم إلى مستشفيات لتلقي العلاج.

وعقب هبوط تلك المروحيات، قال وزير الإعلام والاتصال، محمد المومني، خلال مؤتمر صحافي: «قبل قليل، بدأ دخول الدفعة الأولى من الأطفال الغزيين الذين يعانون من أمراض مختلفة تنفيذاً للمبادرة التي تحدث عنها الملك في واشنطن».

وأضاف أن «هذه الدفعة الأولى من مجموعة من الأطفال الغزيين وصلت بالطائرات المروحية إلى مطار ماركا العسكري، وهناك مجموعة أخرى ستصل براً خلال فترة قصيرة إن شاء الله».

ومساء الثلاثاء، دخلت سيارات إسعاف تحمل أطفالاً من غزة، وحافلات تقلّ مرافقيهم إلى المملكة، عبر معبر جسر الملك حسين (اللنبي).

وقال مدير الإعلام العسكري العميد الركن مصطفى الحياري، خلال مؤتمر صحافي عند المعبر: «تم نقل 29 من الأطفال المصابين من قطاع غزة، و44 من مرافقيهم، وجرى تنفيذ هذه العملية من قبل القوات المسلحة بالشراكة مع وزارة الصحة».

وأوضح أن الإجلاء نفّذ «على مسارين، الأول مسار جوي انطلق من مهبط قريب من معبر كرم أبو سالم على الحدود الشرقية لقطاع غزة، وصولاً إلى مطار ماركا العسكري».

وأضاف أن المسار الثاني «هو مسار بري انطلق مباشرة من كرم أبو سالم من خلال مجموعة من سيارات الإسعاف والحافلات التي تتبع القوات المسلحة، والتي وصلت جسر الملك حسين».

ويتم توزيع الأطفال على مستشفيات المملكة الحكومية والخاصة بإشراف وزارة الصحة.

وقال أحمد شحادة (13 عاماً) من جباليا لوكالة الصحافة الفرنسية لدى وصوله في سيارة إسعاف إلى الأردن: «كنت ذاهباً لتعبئة الماء، ألقت مروحية جسماً مشبوهاً وانفجر فينا، بترت يدي وجرحت ساقي، وكان العظم ظاهراً».

وأضاف الطفل، الذي قتل والده وأعمامه وأخواله في الحرب وبقيت له أمه وشقيقتاه، أن «يدي بُترت ورجلي كانت ستحتاج للبتر، لكن الحمد لله (...) سافرنا إلى الأردن لأجل تركيب طرف (صناعي) وأعود لحياتي».

أما محمد العمواسي (43 سنة) الذي جاء مع ابنه بلال لعلاج عينه، فقال إن ابنه وابن اخته أصيبا بشظايا في عينيهما أثناء اللعب إثر «انفجار جسم مشبوه».

وأضاف بحرقة أن «المشهد لا يطاق، قطاع غزة كله مدمر (...) أنفسنا مكسورة، حياتنا مدمرة، بيوتنا تدمرت، مستقبلنا كله دمر».

وكان العاهل الأردني قال للرئيس الأميركي في 11 فبراير (شباط) إن بلاده مستعدة لاستقبال 2000 طفل مريض من غزة، وخصوصاً المصابين بالسرطان، ومن يعانون حالات طبية صعبة، للعلاج في المملكة.

وأدّت الحرب على قطاع غزة إلى مقتل 48388 شخصاً على الأقل، وإصابة أكثر من 111 ألفاً، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعدّها الأمم المتحدة موثوقة.