تراجعت حدّة القصف الجوي على محافظة إدلب، التي عاشت أمس هدوءاً حذراً، بعد مئات الغارات التي شنتها الطائرات الروسية والسورية على مدى 11 يوماً، وخلّفت مئات القتلى وأدت إلى توقف معظم المشافي والمواقع الصحية.
وعزا خبراء توقف الغارات إلى «ضغوط دولية مورست على موسكو، بسبب تدمير طائراتها للمراكز الطبية»، لكن قياديا في «الجيش الحرّ» اعتبر أن «الهدوء مؤقت، بسبب انصراف الطيران إلى مواكبة معركة البادية، ومحاولة وقف تقدّم تنظيم داعش في شرق حمص».
وتشهد مناطق إدلب هدوءاً حذراً منذ منتصف ليل الجمعة - السبت، نتيجة توقف الغارات، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي قال إن الهدوء «يأتي بعد أكثر من 1500 غارة خلال 11 يوماً متتالياً، استهدفت خلالها عشرات المدن والبلدات في محافظات إدلب وحماة وحلب، التي بدأت في 19 سبتمبر (أيلول) الماضي».
وأكد «المرصد» أن الغارات «تسببت في استشهاد 197 مدنياً على الأقل، بينهم 53 طفلاً و47 امرأة، قضوا في مدن وبلدات خان شيخون، وأرمناز، وجسر الشغور، والتمانعة، وجرجناز، وسهل الروج، ومناطق أخرى في ريف إدلب، وعلى قلعة المضيق واللطامنة في ريفي حماة الشمالي والشمالي الشرقي، وعلى قرى وبلدات بريف حلب الغربي»، مشيراً إلى أن «68 مقاتلاً من (فيلق الشام) قضوا في استهداف مقرهم في منطقة تل مرديخ القريبة من سراقب بريف إدلب الشرقي، بالإضافة إلى مقتل وإصابة المئات من عناصر من (الحزب الإسلامي التركستاني) و(هيئة تحرير الشام) جراء القصف الجوي الروسي، على مواقعهما في جبهات القتال».
ويأتي تراجع القصف الجوي، غداة اللقاء الذي جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة قبل يومين، لكن لم يكن لهذا اللقاء تأثير على العمليات العسكرية، على حدّ تعبير الخبير العسكري والاستراتيجي العميد أحمد رحال، الذي ذكّر بأن «اليوم التالي للقاء بوتين - إردوغان، شهد قصفاً عنيفاً ووقوع مجازر أودت بحياة عشرات المدنيين». وعزا رحال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» تراجع القصف الجوي إلى «الضغوط التي مارستها دول أوروبية في الأمم المتحدة، بسبب تدمير الطائرات الروسية، معظم المشافي والمدارس في إدلب، ولوقف حملة التدمير الممنهج الذي يطال كلّ مقومات الحياة في هذه المحافظة».
وعاشت إدلب الجمعة، يوماً دامياً، حيث قتل 36 مدنياً وجرح العشرات، جراء قصف الطيران الروسي وطيران النظام، في مجزرتين وقعتا في حارم وأرمناز بالريف الغربي للمحافظة، وأعلن أبو علي عبد الوهاب، القيادي في الجيش الحرّ في إدلب، أن القصف تراجع (أمس) إلى حدّ كبير، بعدما بلغ ذروته يوم الجمعة، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الطيران الروسي وطيران النظام غادر بمعظمه المطارات القريبة من إدلب، واتجه إلى مناطق (داعش)، بعد تقدّم التنظيم في ريفي حمص الشرقي وريف حلب الشرقي على حساب قوات النظام وميليشياته»، نافياً أن يكون وقف القصف مرتبطا بدخول الشرطة التركية التي لم تدخل إدلب على الإطلاق.
وقال رحال: «هناك سببان يحولان دون أي اجتياح عسكري لمحافظة إدلب، الأول أن أي هجوم بري سيجعل معظم الفصائل المعتدلة تنضم إلى هيئة (تحرير الشام)، والثاني، وجود 2.5 مليون مدني، سيفرون إلى تركيا وهذا أمر لن يقبل به الأتراك»، مؤكداً أن «الشرطة التركية لم تدخل بعد إلى إدلب، لكنهم حشدوا عناصرهم على معبر باب الهوا في الريحانية، وتحديداً في النقطة الفاصلة بين الحاجز التركي والحاجز السوري، في مسافة لا يتعدى طولها الكيلومتر الواحد، وهم يتأهبون للدخول».
من جهته، أوضح الناشط في إدلب هيثم حمو لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم وقف القصف فإن المدنيين يعيشون قلقاً كبيراً من تجدد الغارات في أي لحظة». ولفت إلى أن «الناس حذرون في تنقلاتهم، أما الحركة النشطة، فهي تقتصر على عناصر الدفاع المدني، الذين يواظبون اليوم (أمس)، على انتشال الجثامين من تحت أنقاض المباني السكنية التي دمرها القصف يوم الجمعة».
أما منظّمة «أطباء بلا حدود» فأكدت في بيان لها، أن «المستشفيات أغلقت أبوابها في شمال غربي سوريا، وبخاصة في محافظة إدلب وشمال محافظة حماة، سواء من جراء تعرّضها للقصف أو خوفاً منه». وقالت إن القصف الجوي «استهدف مستشفى حماة المركزي، الذي تدعمه منظمة (أطباء بلا حدود)، ما أدّى إلى توقفه عن الخدمة، دون أن تسفر الغارة عن مقتل أي من أعضاء الطاقم الطبي أو المرضى».
تراجع القصف على إدلب... وتركيز الغارات على «داعش»
تراجع القصف على إدلب... وتركيز الغارات على «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة