واصلت أنقرة تحركاتها للتنسيق مع بغداد وطهران لفرض طوق على إقليم كردستان العراق، عشية زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لإيران للقاء نظيره حسن روحاني ومناقشة الاستفتاء على استقلال الإقليم. لكنها أكدت سعيها لتجاوز الأزمة «بأقل الخسائر».
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أمس، بعد اتصالين هاتفيين مع كل من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ونائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، إن تركيا وإيران والعراق قد تعقد اجتماعاً ثلاثياً لمناقشة الاستفتاء، فيما أعلن نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة بكير بوزداغ أن الجيش التركي أوقف تدريب قوات «البيشمركة» الكردية، وأن بلاده ستتخذ خطوات أخرى، رداً على الاستفتاء. وجددت الخارجية التركية مطالبة مواطنيها بمغادرة أربيل ودهوك والسليمانية قبل بدء تعليق رحلات الطيران إلى إقليم كردستان اليوم.
وقال يلدريم في كلمة أمام تجمع بمدينة تشورم وسط تركيا، أمس، إنه اتفق مع نظيره العراقي على «تنسيق علاقات اقتصادية وتجارية مع الحكومة المركزية في بغداد بعد أن سيطرت على المعابر الحدودية مع تركيا»، مشيراً إلى أن «تركيا والعراق وإيران قد تعقد اجتماعاً ثلاثياً لمناقشة الاستفتاء». وشدد على أن أنقرة «لن تتوانى عن الرد بأقسى ما يكون على أي تهديد لأمنها القومي عند الحدود»، لكنه أوضح أن ذلك «ليس خيارها الأول»، وأن تركيا وإيران والعراق «تبذل قصارى جهودها لتجاوز أزمة الاستفتاء بأقل الخسائر».
وتعهدت الحكومة التركية «حصر التعامل مع الحكومة الاتحادية في بغداد في موضوع تصدير النفط»، بحسب ما أفاد بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، أمس، بعد الاتصال بينه وبين يلدريم. وأورد البيان أن رئيس وزراء تركيا أكد خلال الاتصال «التزام بلاده بالتعاون والتنسيق الكامل مع الحكومة العراقية لتنفيذ جميع الخطوات الضرورية لبسط السلطات الاتحادية في المنافذ البرية والجوية وتوفير الوسائل المطلوبة لذلك».
وأكد يلدريم «دعم بلاده لجميع القرارات الأخرى، ومنها المتعلقة بحصر تصدير النفط بالسلطات الاتحادية». وشدد على «الموقف التركي الداعم لكل القرارات التي اتخذها مجلسا الوزراء والنواب في العراق لحفظ وحدة البلاد».
وكان اتصال رئيسي الوزراء التركي والعراقي جاء بعد اجتماع أمني تركي رفيع المستوى برئاسة إردوغان مساء أول من أمس، لبحث التحركات لمواجهة الاستفتاء. وقال المتحدث باسم الحكومة بكير بوزداغ إن «تركيا عازمة على إجراء تعاملاتها مع الحكومة المركزية في بغداد بعد استفتاء كردستان»، مشيرا إلى أن رئيسي الوزراء سيجتمعان قريباً.
ووصف الرئيس التركي استفتاء كردستان، أمس، بـ«المغامرة التي يجب أن تنتهي»، مشدداً على أن أنقرة «قادرة على التعامل مع هذه الإشكالية كما تعاملت من قبل مع الأزمة السورية». ورأى في كلمته خلال حفل تخرج دفعة جديدة من أكاديمية الشرطة في أنقرة، أن «إدارة منطقة كردستان العراق ألقت بنفسها في النار من خلال خطوة الاستفتاء... ولن نقف مكتوفي الأيدي. سنوقف الفتنة في العراق كما أوقفناها في سوريا... انفصال كردستان مغامرة ولا بد من أن تنتهي بخيبة أمل».
وأضاف: «لا نرى ما يحدث في سوريا والعراق والحسابات التي تجري فيهما بمعزل عن تركيا إذ يقومون بإنتاج سيناريوهات جديدة باستمرار, ونحن نسلك طريقاً مختلفاً على هذه الأرضية المتغيرة مع الالتزام بأهدافنا من جهة وتبني إخواننا من جهة أخرى». وأوضح أن «خطوة الاستفتاء التي اتخذها بارزاني تحمل في طياتها احتمال فتح الطريق أمام تطورات خطيرة قد تدفع الذين تحولوا في الماضي إلى رمز للشر في المنطقة إلى الترحم على الماضي».
وشبه إردوغان بارزاني بـ«لورانس العرب»، قائلاً إن «أمثال لورانس العرب (الجاسوس البريطاني توماس إدوارد لورانس) لن ينجحوا هذه المرة في تحقيق أهدافهم... أريدكم أن تعرفوا أن اللورانسات الجدد لن ينجحوا هذه المرة».
ولاحقاً، تناول إردوغان موضوع استفتاء كردستان خلال مباحثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أنقرة. وقالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» إن جانبا مهماً من مباحثات الرئيسين تركز على الاستفتاء، وإنهما أكدا «ضرورة الحفاظ على وحدة العراق كمبدأ أساسي لسياسة دولتيهما», لافتة في الوقت نفسه إلى أن «بوتين تمسك بضرورة تسوية المسألة بالطرق السلمية».
وأشارت المصادر إلى «بعض التباين في موقفي البلدين»، فبينما تهدد أنقرة بفرض إجراءات عقابية على أربيل، لا سيما إمكانية إغلاق أنبوب النفط الذي يسمح لكردستان بتصدير النفط عبر مرفأ جيهان التركي، وإغلاق الحدود وصولاً إلى الإبقاء على الخيار العسكري بالتنسيق مع بغداد وطهران، تولي روسيا التي تمتلك مصالح اقتصادية كبيرة في كردستان مثل تركيا، احتراماً للتطلعات القومية الكردية وتدعو إلى الحوار للتوصل إلى صيغة للتعايش داخل الدولة العراقية الواحدة.
أنقرة تسعى لتجاوز أزمة الاستفتاء «بأقل الخسائر»
حصرت تصدير النفط ببغداد... واجتماع تركي ـ إيراني ـ عراقي قريباً
أنقرة تسعى لتجاوز أزمة الاستفتاء «بأقل الخسائر»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة