أعلن حلف شمال الأطلسي أن غارة جوية أميركية على كابل أول من أمس أسفرت عن سقوط «كثير من الضحايا» بعدما نفَّذَت ردّاً على هجوم شنه متمردو طالبان على المطار الدولي خلال زيارة وزير الدفاع الأميركي، من دون أن يحدد ما إذا كانوا قتلى أو جرحى. وقال مسؤولون في عملية «الدعم الحازم»، في بيان: «للأسف، أدى خطأ في استخدام صاروخ إلى سقوط كثير من الضحايا المدنيين. وأطلق المتمردون صواريخ وقذائف (هاون) على المطار وعلى حي سكني محاذٍ له بعد بضع ساعات من وصول وزير الدفاع جيم ماتيس إلى العاصمة الأفغانية».
وأوضح الحلف أن القوات الأميركية بادرت عندها إلى تقديم «دعم لقوات التدخل السريع الأفغانية عبر شن غارة جوية، معرباً عن أسفه العميق»، ومعلناً إجراء تحقيق حول كيفية تنفيذ العملية والخطأ في استخدام الذخيرة.
وبحسب حصيلة سابقة لوزارة الدفاع الأفغانية، قُتِلَت امرأة وأصيب 11 مدنياً آخر بقصف طالبان للمطار ومحيطه، من دون أن تشير إلى أن انتحاريين فجروا أنفسهم. ولم تتضح حتى مساء الأربعاء الحصيلة المحددة لهذه العمليات، وذكرت وسائل إعلام محلية أنها قد تكون أكبر مما أُعلِن رسميّاً. وأورد الحلف الأطلسي في بيانه: «نتخذ كل التدابير الممكنة لتفادي سقوط ضحايا مدنيين رغم أن أعداء أفغانستان يواصلون عملياتهم في مناطق يتعمدون فيها تعريض المدنيين للخطر».
وهذه الأخطاء المرتبطة غالباً بغارات جوية يشنها الجيش الأميركي في إطار مكافحة الإرهاب، تزيد من استياء السكان الأفغان وغضبهم حيال القوات الغربية. كذلك، فإن عدد الضحايا المدنيين جراء العمليات الجوية ازداد منذ بات الجيش الأفغاني ينفذ العمليات بنفسه، وفق الأمم المتحدة، وأفاد تقرير نصف سنوي جديد لبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما)، اليوم، بأن عدد المدنيين الذين يقتلون جراء الحرب المستمرة في أفغانستان، لا يزال مرتفعا للعام الثاني على التوالي.
ووفقا للتقرير، قتل إجمالي 1662 مدنيا أفغانيا، وأصيب 3581 مدنيا آخرون في الفترة من يناير (كانون الثاني) حتى يونيو (حزيران) هذا العام، كما أضاف التقرير أن عدد القتلى زاد بنسبة 2 في المائة مع تراجع أعداد المصابين بنسبة 1 في المائة. وأشار التقرير إلى أن عدد القتلى من النساء ارتفع بنسبة 23 في المائة، فيما ارتفع عدد القتلى من الأطفال بنسبة 1 في المائة. وتمثل هذه الأعداد زيادة بنسبة 12 في المائة عنها في الفترة نفسها من عام 2016، وألقي باللوم على طالبان في سقوط 43 في المائة من الضحايا، وعلى «داعش» في سقوط 5 في المائة من الضحايا، وعلى مهاجمين مجهولين في سقوط باقي الضحايا.
وقالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إن كلاً من هذه البيانات المتعلقة بالضحايا يعكس أسرة مفككة وصدمةً ومعاناة لا يمكن تخيُّلُها، وانتهاكاً وحشياً للحقوق الإنسانية.
إلى ذلك، قتل 12 شرطياً أفغانياً وأصيب أربعة آخرون بهجوم انتحاري نفذ بمدرعة عسكرية مسروقة من الجيش الأفغاني بولاة قندهار جنوب البلاد، وقال أحمد ضياء دراني وهو المتحدث باسم الحكومة المحلية في ولاية قندهار إن الهجوم الانتحاري نفذته طالبان في الساعات المتأخرة من ليلة أمس على نقطة تفتيش تابعة للشرطة الوطنية في ضواحي بلدة (معروف) التابعة للمحافظة التي شهدت هدوءاً نسبياً خلال السنوات الماضية وكانت تشكل قاعدة أساسية لمقاتلي طالبان أثناء سيطرتهم على أجزاء واسعة من جنوب وشرق البلاد.
وفي رسالة نصية منسوبة إلى ذبيح الله مجاهد الناطق باسم طالبان قال إن الهجوم نفذه عنصر من الحركة ضد الشرطة وأكد مقتل العشرات منهم، كما ادعى مجاهد سيطرة مقاتلي الجماعة على مركز مديرية «معروف»، وهي إحدى المديريات المهمة في ولاية قندهار بعد اشتباكات كبيرة بين عناصر الحركة والقوات الأفغانية، غير أن المتحدث باسم حاكم إقليم قندهار (ضياء دراني) نفى سيطرة طالبان على المديرية. وأشار إلى أن القوات الحكومية لا تزال موجودة في مركز المدينة.
على صعيد آخر أعلنت المخابرات الأفغانية مقتل أكثر من ستين مسلحاً ينتمون لحركة طالبان وتنظيم داعش في سلسلة عمليات استخباراتية شنتها المخابرات وبالتنسيق مع الجيش والشرطة في عدد من المحافظات بالشمال والشرق الأفغانيين.
وفي كابل في الذكرى السادسة لاغتيال برهان الدين رباني رئيس مجلس السلام الذي قُتِل في عملية انتحارية في منزله، بمنطقة وزير أكبر خان الحي الدبلوماسي دعا الرئيس الأفغاني الأسبق وعدد كبير من الشخصيات السياسية وزعماء عشائريون إلى ضرورة الوحدة وجمع الكلمة لمواجهة الأخطار الأمنية التي تواجهها أفغانستان خلال الفترة الحالية، كما طالب المشاركون إلى إشراك جميع الإثنيات والعرقيات في العملية السياسية لقطع الطريق أمام الفرقة والنفاق.
إلى ذلك، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الذي وصل إلى كابل بالتزامن وزير الدفاع الأميركي، إن دول الحلف لديها أسباب قوية لمواصلة دعم أفغانستان، وسوف تستجيب لدعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لإرسال مزيد من القوات والتمويل. وقال ستولتنبرغ خلال زيارة لكابل مع وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس، التي خيم عليها هجوم لمسلحين على مطار كابل: «من مصلحة أوروبا ودول الحلف المساعدة في إرساء الاستقرار في أفغانستان».
وأوضح ترمب الشهر الماضي أنه يتوقع من الحلف زيادة مساهمته في أفغانستان عندما أعلن عن استراتيجية جديدة أشد صرامة ضد حركة طالبان وغيرها من الجماعات المتشددة. لكن رد الفعل السياسي في أوروبا كانت متبايناً في ظل عدم وجود رغبة قوية في زيادة المشاركة. وفي ألمانيا، حيث تعكف المستشارة أنجيلا ميركل على تشكيل حكومة بعد الانتخابات العامة، يدعم الحزب المحافظ الذي تتزعمه مهمة حلف الأطلسي. لكن شخصيات بارزة في الحزبين اللذين من المرجح أن تدخل معهما في شراكة ائتلافية، وهما الديمقراطي الحر والخضر، أبدت شكوكها. وفي إيطاليا قال حزب خمس نجوم المناهض للمؤسسات، الذي تزداد شعبيته في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات التي ستجري في مطلع العام المقبل، إنه سيسحب قوة إيطاليا المشاركة في البعثة، التي تضم أكثر من ألف جندي. وقال ستولتنبرغ: «ألمانيا داعم قوي لمهمة الحلف في أفغانستان منذ سنوات طويلة. ألمانيا هي أكبر بلد (مساهم) في شمال (أفغانستان). وأنا على ثقة تامة من أن ألمانيا ستواصل تقديم الدعم. وذكر أن مساعدة الحلف تهدف إلى ضمان ألا تصبح أفغانستان (ملاذاً آمناً للإرهاب الدولي)»، لكنه شدد على أن جنود الحلف لن يعودوا للدور القتالي الذي انتهى في 2014، وسيواصلون تقديم التدريبات والمشورة للقوات الأفغانية بالإضافة لتوفير المعدات والتمويل. وقال: «لن نعود للعمليات القتالية الكبرى التي قمنا بها من قبل. ستظل هذه عملية غير قتالية».
ضربة أميركية بالخطأ تقتل مدنيين في كابل
هجوم صاروخي لطالبان على مطار كرزاي الدولي... «البنتاغون» و«الأطلسي» يجددان الالتزام حول أفغانستان
ضربة أميركية بالخطأ تقتل مدنيين في كابل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة