مؤتمر إسلامي في القاهرة يتصدى لـ«فتاوى الإرهاب»

«الإفتاء» المصرية لـ «الشرق الأوسط»: هدفنا رصد خريطة الأفكار التي يروج لها المتطرفون

TT

مؤتمر إسلامي في القاهرة يتصدى لـ«فتاوى الإرهاب»

في خطوة عملية للرد على الفتاوى المتطرفة، التي تستغلها جماعات العنف لتبرير عمليات القتل وتأجيج نيران الفتن بين الشعوب، تعقد دار الإفتاء المصرية، منتصف الشهر المقبل، مؤتمراً إسلامياً عالمياً للتصدي لظاهرة التطرف في الفتوى. وقال الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي مصر: «هدفنا من المؤتمر رصد خريطة الأفكار التي يروّج لها المتطرفون». وأضاف نجم لـ«الشرق الأوسط» أن «الفتوى في الآونة الأخيرة أصبحت بمثابة سيف مصلت في وجه المجتمعات، وتساهم بشكل كبير في إحداث الاضطرابات، نتيجة لاستغلالها من قبل المتشددين أو المتطفلين على الإفتاء».
ويرى مراقبون أن مؤتمر القاهرة محاولة من الدولة المصرية للتصدي لتطرف جماعة «الإخوان» المصنفة إرهابية في مصر، وفتاوى التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمها «داعش»، بعدما أصبحت الفتوى «سلاحاً مشرعاً في تبرير العنف والإرهاب».
وتنظم دار الإفتاء مؤتمرها العالمي الثالث عبر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم بعنوان «دور الفتوى في استقرار المجتمعات»، وهدفه التفاعل مع قضايا الأمة محلياً وعالمياً، بمشاركة وفود من أكثر من 50 دولة من مختلف قارات العالم في الفترة ما بين 17 - 19 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في القاهرة.
وقالت «الإفتاء»، في بيان، أمس، إن المؤتمر سيناقش دور الفتوى وأثرها في استقرار المجتمعات، والفتاوى التي تقوّض أركان المجتمعات، وتحث على العنف والقتل وإحداث الاضطراب والتخريب، وتُتخذ ذريعة لتبرير أعمال العنف والإرهاب. كما سيبحث المؤتمر في الفتوى بوصفها سلاحاً يُستخدم في الخصومات السياسية والفكرية، بجانب دراسة الإجراءات الوقائية للحد من انتشار «الفتاوى الشاذة».
يذكر أن الجماعات الإرهابية تأتي في الغالب بنصوص مبتورة من التراث وتُخرجها من سياقاتها لتحقيق أهدافها، بحسب ما يقول مراقبون. ويرى هؤلاء أن المنتديات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي أصبحت الأداة الأهم في يد الجماعات الإرهابية لنشر أفكارها.
وقال الدكتور شوقي علام، مفتي مصر رئيس المجلس الأعلى للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن المؤتمر «رد علمي على الفتاوى الشاذة، وبيان عملي لأهمية دور الفتوى في استقرار المجتمعات».
والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، ومقرها دار الإفتاء المصرية، هي أول هيئة علمية متخصصة تضم 35 مُفتياً وعالماً من مختلف دول العالم يحملون المنهج الوسطي، وتم الإعلان عنها في ديسمبر (كانون الأول) 2015. وعضوية الأمانة متاحة لكل الدول الإسلامية حول العالم.
وتهدف أمانة هيئات الإفتاء في العالم إلى ترسيخ منهج الوسطية في الفتوى، وتبادل الخبرات العلمية والعملية والتنظيمية بين دور وهيئات الإفتاء الأعضاء، وتقليل فجوة الاختلاف بين جهات الإفتاء من خلال التشاور العلمي بصوره المختلفة، والتصدي لظاهرة الفوضى والتطرف في الفتوى.
من جانبه، تحدث الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر الأمين العام للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، عن تفاصيل المؤتمر، في تصريحات خاصة مع «الشرق الأوسط»، أمس، وقال إن الاجتماع يهدف إلى وضع «معايير واضحة لمنهج وأسلوب مواجهة الفتاوى والأفكار المتشددة، ورصد خريطة الأفكار التي يروج لها المتطرفون، ووضع خطة متكاملة للحد من ظاهرة الفوضى الإفتائية في وسائل الإعلام، بالإضافة إلى وضع دليل إرشادي للمفتين عبر وسائل الإعلام يشتمل على الضوابط والأصول».
وتابع أن المؤتمر يهدف أيضاً إلى «وضع المعايير الصحيحة لتمييز الفتاوى الشاذة من التجديد الصحيح والاجتهاد الرشيد، وعمل مدونة كبرى لخبرات المؤسسات والدول المشاركة وتجاربها في التصدي للظاهرة، ووضع الخطوط الأولى لمقترحات تقنين التصدر للإفتاء في الدول المشاركة، والخروج بمبادرات قانونية وإجرائية وقائية وردعية للتعامل مع المشكلة».
وتعاني مصر من ظاهرة «الفتاوى العشوائية»، بعد أن كثر المفتون في الفضائيات ووسائل الإعلام‏.‏ ولم تعد البرامج الدينية وقفاً على الحديث في أمور السياسة والعبادات والأخلاق؛ بل تصدى دخلاء ممن لا تتوافر فيهم شروط الفتوى، للقضايا الكبرى والفتاوى المصيرية، بحسب ما قال متابعون لشؤون الجماعات الدينية في مصر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».