ماذا كان سيحدث للغاية لو رحل أليكس فيرغسون عن مانشستر يونايتد لتولي قيادة المنتخب الإنجليزي عام 2002؟ إنه السؤال الذي ربما إجابته تحتاج لدراسة الأخطاء المؤسسية في كرة القدم الإنجليزية.
ربما لم يدون كثيرون هذا التاريخ في مذكراتهم، لكن الأسبوع الماضي شهد الذكرى العاشرة لآخر مرة يسجل فيها النجم الإنجليزي السابق مايكل أوين هدفاً بقميص المنتخب الإنجليزي، وكان ذلك في المباراة التي انتهت بفوز إنجلترا على روسيا بثلاثية نظيفة، سجل منها أوين هدفين، بقيادة المدير الفني ستيف ماكلارين، ليرسل المنتخب الإنجليزي إنذاراً شديد اللهجة لبقية فرق المجموعة الخامسة في التصفيات المؤهلة لكأس الأمم الأوروبية 2008، بل ولبقية منتخبات قارة أوروبا بأكملها.
لكن الأمور لم تسر على ما يرام بعد ذلك، وفشل المنتخب الإنجليزي في التأهل لكأس الأمم الأوروبية 2008. لكن هذه المباراة شهدت تألقاً لافتاً من جانب المنتخب الإنجليزي على استاد ويمبلي الشهير، وأحرز أوين هدفيه الـ39 والـ40 بقميص إنجلترا، ليقترب من عدد الأهداف التي سجلها بوبي تشارلتون.
كان الجمهور الإنجليزي يعول كثيراً على منتخب بلاده آنذاك، لأنه كان يضم كوكبة من النجوم والمواهب التي لا تحتاج سوى التوجيه الصحيح. ولعب أوين 4 مباريات أخرى، لكنه لم يسجل أي هدف، حيث حققت إنجلترا الفوز على فريق إستونيا المتواضع، لكنها خسرت أمام روسيا خارج ملعبها، قبل أن تخسر أمام كرواتيا على ملعب ويمبلي. وفي الحقيقة، كان الفوز بثلاثية نظيفة على روسيا على ملعب ويمبلي بمثابة إشارة على شيء ما، وهو أن آخر مجموعة رائعة من اللاعبين للمنتخب الإنجليزي قد فشلت في أن تكون على قدر التوقعات، وأن تحقق بطولات للمنتخب الإنجليزي.
وبعد مرور 10 سنوات على تلك المباراة، ما زال البعض يسخر من فكرة أن هذا المنتخب كان قادراً على الفوز بكأس العالم، لكن في الحقيقة كان هذا الفريق قادراً على تحقيق هذا الإنجاز، لو كان لديه مدير فني مختلف بعض الشيء.
وفي عالم كرة القدم الحديثة التي يمكن لأي تفصيلة صغيرة أن تقلب الأمور رأساً على عقب، يمكنني القول إنه لو ترك السير أليكس فيرغسون مانشستر يونايتد عام 2002، كما كان مخططاً، وتولى قيادة المنتخب الإنجليزي، لكانت هناك فرصة جيدة للغاية لكي يحصل المنتخب على بطولة كأس العالم 2006.
هذا ليس غلواً في الوطنية، لكنها الحقيقة، والدليل على ذلك أن المنتخب الإيطالي الذي فاز بلقب كأس العالم 2006 كان منظماً للغاية، لكنه لم يكن بالضرورة أفضل من المنتخب الإنجليزي. كما فاز الألمان بكأس العالم في البرازيل 2014 لأنهم كانوا منظمين للغاية من الناحية التكتيكية. فقط تخيلوا لو كان المنتخب الإنجليزي بهذه المجموعة من اللاعبين عام 2006، يلعب تحت قيادة فيرغسون، الذي كان أفضل مدير فني في الدوري الإنجليزي الممتاز، أو على الأقل تحت قيادة مدير فني لا يلعب بطريقة 4 - 4 - 2 بشكل متحجر ودون أي إبداع، أو يميل إلى قضاء الحصص التدريبية وهو يمشي لمسافات طويلة مع قائد الفريق الشهير!
وقد طرحت هذه الفكرة للنقاش على موقع «تويتر» خلال هذا الأسبوع، وما زلت أرى أنه كانت هناك نقطة تحول في ذلك الوقت، ولحظة أدت فيها خطوة واحدة في الطريق العكسي إلى كل هذه الفوارق الكبيرة.
وفرضنا في هذه الفكرة أن فيرغسون قد التزم بقراره وترك مانشستر يونايتد، وتم إقناعه بتولي قيادة المنتخب الإنجليزي خلفاً لبيتر تايلور الذي تولي القيادة لمدة عام بشكل مؤقت، وقاد فيرغسون المنتخب الإنجليزي في مونديال 2002 باليابان وكوريا الجنوبية، وبدأ عمله في تنظيم الفريق من الناحية التكتيكية.
ونتخيل سوياً أن فيرغسون قد أعاد جيرارد لمركز الظهير الأيمن، وبدأ يلعب في دور المجموعات بالحرية نفسها التي كان يلعب بها مانشستر يونايتد تحت قيادته، واعتمد على بول سكولز ومايكل أوين وهارغريفز في وسط الملعب، ليحدث شكلاً من أشكال التوازن، على أن يلعب ديفيد بيكهام واللاعب اللائق للغاية آنذاك كيرون داير على الأطراف، وجو كول في مركز صانع الألعاب خلف الفائز بلقب الحذاء الذهبي جيرمين ديفو. ولنفترض أن فيرغسون قد أبقى واين روني، الذي كان يقدم أداء مبشراً مع إيفرتون، خارج قائمة الفريق المشاركة في المباريات.
وفي الدور ربع النهائي، تتغلب إنجلترا على منتخب البرتغال الذي كان يلعب كرة دفاعية بحتة، بقيادة المدير الفني كارلوس كيروش، قبل أن يحقق المنتخب الإنجليزي الفوز على فرنسا في الدور نصف النهائي، بعد طرد زين الدين زيدان نتيجة «نطحه» لجون تيري (بدلاً من الإيطالي ماتيرازي). وفي المباراة النهائية، تواجه إنجلترا إيطاليا، وتتغلب عليها بتسديدة طويلة المدى في اللحظات الأخيرة من عمر المباراة من اللاعب بول سكولز.
كان من الطبيعي عندما وضعنا هذا السيناريو المجنون على وسائل التواصل الاجتماعي أن يذهب البعض بخيالهم إلى ما هو أبعد من ذلك، ويقولون إنه بعد رحيل فيرغسون عن «أولد ترافورد»، كان آرسين فينغر سيتولى قيادة مانشستر يونايتد، ويستمر هناك حتى الآن. أما آرسنال، فكان سيتولى تدريبه غلين هودل، ويخسر المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي عام 2003 أمام ساوثهامبتون، ونتيجة لذلك يقرر رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش شراء ساوثهامبتون، ويحصل معه على أول لقب للدوري الإنجليزي الممتاز!
كانت هذه بعض التداعيات المحتملة لرحيل فيرغسون عن مانشستر يونايتد. وفي ظل الأزمات التي نتخيل أن يعاني منها مانشستر يونايتد وآرسنال، يحصل نيوكاسل على لقب الدوري الإنجليزي عام 2002 / 2003. وكان الشيء المؤسف أثناء الاحتفالات أن يصاب رئيس الوزراء توني بلير في رأسه أثناء لعب التنس مع بوبي روبسون، ولذا يقرر التقاعد عن السياسة، ولا يعد قادراً على المساعدة في شن الحرب على العراق بعد ذلك بعام واحد. وكان الحدث الأكثر مأساوية هو أنه أثناء سفر فيرغسون بطائرة هليكوبتر إلى مدينة أبردين الاسكوتلندية في يوليو (تموز) 2006، يؤدي سوء الأحوال الجوية إلى هبوط الطائرة بشكل اضطراري. ونتيجة لمعجزة ما، كان دونالد ترمب، الذي يلعب الغولف بشكل منتظم، هو الوحيد الذي لقي حتفه بعد ذلك نتيجة الكرة النارية التي حدثت بعد تلك المشكلة.
وفي الوقت نفسه، تحصل بريطانيا على ثقة كبيرة من فوزها بلقب كأس العالم، وترفض سياسة التقشف، وترفض فكرة الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتصوت بدلاً من ذلك لتفكيك النظام الملكي! وبعد كل ذلك، يصر فيرغسون على الرحيل، ويترك قيادة المنتخب الإنجليزي لديفيد مويز، قبل أن يحقق المنتخب الإنجليزي نتائج كارثية في كأس الأمم الأوروبية 2012.
أعرف جيدا أن هذا السيناريو الخيالي لن يكون له أي جدوى الآن، لكن إذا نظرنا إلى الوراء، فإنه من المغري أن نتساءل قليلاً عن الآثار طويلة الأجل للفشل في اتخاذ قرارات مناسبة، ومدى تأثير ذلك على جيل كان يضم كوكبة رائعة من أفضل المواهب التي جاءت في تاريخ كرة القدم الإنجليزية.
إنجلترا كانت فازت بكأس العالم لو قاد فيرغسون منتخبها
مشجعون يضعون «سيناريو» خيالياً للبحث عن آثار القرارات غير المناسبة على الفشل الطويل للفريق الوطني
إنجلترا كانت فازت بكأس العالم لو قاد فيرغسون منتخبها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة