مصر تعرب عن «قلق بالغ»... وأبو الغيط يدعو لـ«احتواء التداعيات»

زيباري لـ«الشرق الأوسط»: نتواصل مع السعودية ومصر والجامعة للحل

TT

مصر تعرب عن «قلق بالغ»... وأبو الغيط يدعو لـ«احتواء التداعيات»

أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أمس، عن «أسفه لإصرار الأكراد على إجراء الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق والمناطق المتنازع عليها، رغم المساعي العربية والدولية المكثفة التي بذلت للحيلولة دون عقده تفادياً لتفاقم الوضع».
وأشار أبو الغيط، في بيان، إلى اعتقاده بأنه «لا يزال من الممكن احتواء تداعيات الاستفتاء إذا ما اتسمت خطوات جميع الأطراف المعنية بالقدر اللازم من الحكمة والمسؤولية والتصرف في إطار مقومات الدولة العراقية».
وأشار الناطق باسم الأمين العام للجامعة محمود عفيفي، إلى أن مجلس الجامعة على المستوى الوزاري قرر في 12 سبتمبر (أيلول) الجاري «دعم وحدة وسيادة واستقلال جمهورية العراق، وضرورة احترام الدستور العراقي والتمسك به». وأوضح أن أبو الغيط جدد دعوته للعراقيين للحوار «تفاديا لأي صدام محتمل يمكن أن يشكل تهديداً خطيراً، ليس على العراق وحده، بل على الأمن والاستقرار الإقليميين».
ولفت البيان إلى أن أبو الغيط «يستشعر القلق من قيام بعض الأطراف باستغلال الأزمة في تعميق الانقسامات وتأجيج صراعات جديدة في المنطقة، بما يسهم في تقويض الجهود المبذولة للقضاء على الإرهاب»، مؤكداً «إيمانه بأن مصالح الشعب الكردي في العراق، مثلها مثل مصالح بقية العراقيين، لن تتحقق سوى في إطار عراق موحد فيدرالي ديمقراطي يقوم على أساس احترام الدستور وتفعيل مبدأي المساواة والمواطنة».
وأعربت القاهرة عن «قلقها البالغ» بشأن التداعيات السلبية المحتملة للاستفتاء. وشددت وزارة الخارجية المصرية في بيان أمس، على «أهمية التزام جميع الأطراف بضبط النفس، وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية قد تزيد من تعقيد الموقف، وبشكل يؤدي إلى زعزعة استقرار العراق وتغذية مناخ الفوضى والتوتر في المنطقة، فضلاً عن تقويض جهود مكافحة الإرهاب وتحرير المدن العراقية من قبضة تنظيم داعش، والتي لم تكن لتنجح إلا بفضل التلاحم والترابط بين أبناء العراق الواحد».
ودعت إلى «أهمية الدفع بالحوار البناء كأساس للتوصل إلى تسوية شاملة ومرضية بشأن القضايا العالقة بين بغداد وأربيل»، مؤكدة «تمسك مصر بوحدة العراق وسلامته الإقليمية، بما يحفظ مقدرات الشعب العراقي بأطيافه كافة».
وقال عضو اللجنة العليا لاستفتاء إقليم كردستان وزير الخارجية العراقي السابق هوشيار زيباري، إن رئيس الإقليم مسعود بارزاني «سيتواصل مع السعودية ومصر وجامعة الدول العربية لحسم الخلافات الراهنة مع العراق، ولاطلاعهم على كل التفاصيل المستقبلية والتعامل مع أي حالة غضب بعقلانية ووضوح».
وقلل من تداعيات انفصال الإقليم عن العراق، وقال في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن «إجراء الاستفتاء مسألة داخلية كردية بهدف توحيد الصفوف واستعادة عمل البرلمان في الإقليم... سنبقى أخوة وأصدقاء وجيراناً نراعى المصالح المتبادلة وكذلك الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة كلها». وأضاف: «لن يكون الاستفتاء نهاية للعراق أو لمنطقة الشرق الأوسط، كما يتحدث البعض عن تداعيات وجلب أزمات».
وأكد أنه «سيتم التواصل مع الجميع بالحوار لنصل في النهاية إلى تصحيح المواقف والرؤية المغلوطة التي تتحدث عن فرض الأمر الواقع». وأضاف أن قيادة الإقليم ستتواصل مع تركيا وإيران «حتى في ظل اتخاذهما بعض الإجراءات ضد الإقليم»، لافتا إلى أن «رئيس الإقليم لم يجازف، وإنما ينظر بعين الاعتبار إلى التعامل مع كل المشاكل التي قد تثار من أي دولة أو طرف».
واعتبر زيباري أن «الأكراد وحدوا كلمتهم ومواقفهم... التصويت يحظى بخيارات الحرية، وقد خرج الشعب الكردي للتعبير عما يريد، وفي النهاية الاستفتاء عبارة عن مواقف تم وضعها في صناديق الاقتراع».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.