«بنتلي بريوري» غرفة عمليات {معركة بريطانيا}

معلم ومعلومة

من المباني التراثية في بريطانيا التي شهدت على أحداث تاريخية مهمة
من المباني التراثية في بريطانيا التي شهدت على أحداث تاريخية مهمة
TT

«بنتلي بريوري» غرفة عمليات {معركة بريطانيا}

من المباني التراثية في بريطانيا التي شهدت على أحداث تاريخية مهمة
من المباني التراثية في بريطانيا التي شهدت على أحداث تاريخية مهمة

تقع ستانمور عند الطرف الشمالي الأقصى لخط أنفاق جوبيلي. وفي هذه الضاحية المورقة البديعة، على بعد أحد عشر ميلا من وسط لندن، يقع منزل كبير في قلب متنزه يعرف باسم بنتلي بريوري. كان هذا هو مقرّ قيادة القوات الجوية الملكية البريطانية، التي اضطلعت بدور رئيسي في أكثر اللحظات الحاسمة في التاريخ الحديث للعالم، وهي معركة بريطانيا. بعد ما ألحقت قوات هتلر الهزيمة بفرنسا في يونيو (حزيران) 1940. بدا أن هتلر عازم على غزو بريطانيا العظمى، لكن كانت القوات الجوية الألمانية بحاجة إلى السيطرة على المجال الجوي أعلى القنال الإنجليزي لتوفير غطاء جوي للمشاة، ودارت رحى معركة بريطانيا في النطاق الجوي أعلى لندن وجنوب إنجلترا لمدة ثلاثة أشهر في صيف 1940، وحاولت القوات الألمانية في البداية تدمير قواعد القوات الجوية الملكية، لكنها أخفقت، فحاولت قصف لندن في محاولة لإجبارها على الخضوع.
وتعد معركة بريطانيا من أهم المعارك في التاريخ البريطاني بل وتاريخ العالم، فقد دارت أحداثها في سماء جنوب إنجلترا منذ 10 يوليو (تموز) حتى 31 أكتوبر (تشرين الأول) 1940. لو كانت تلك الحرب انتهت بهزيمة بريطانيا، لكانت ألمانيا النازية قد نجحت في غزوها، وتغير مسار تاريخ العالم تماماً.
وحارب خلال تلك الفترة نحو ثلاثة آلاف من أفراد القوات الجوية البريطانية إلى جانب قوات الحلفاء التي تنتمي إلى 15 دولة مختلفة؛ وبلغ عدد القتلى في تلك المعركة 544. وفشلت القوات الجوية الألمانية في هزيمة القوات الجوية الملكية، وتبدد خطر الغزو، وقال وينستون تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني حينها: «لم يحدث من قبل أن أدان عدد كبير من الناس بالفضل لهذا العدد القليل».
يُعرف هذا المكان باسم بنتلي بريوري، وذلك لأنه كان بالأساس مؤسسة دينية، وتحديداً كان ديرا، لكن انمحى كل أثر له. تم بناء منزل كبير في عام 1775 لرجل أعمال ثري يدعى جيمس ديوبرلي. وتم توسيع المنزل لاحقاً، وكان في فترة من الفترات مسكناً لأرملة الملك ويليام الرابع حتى وفاتها في 1849. أصبح المنزل فيما بعد فندقا، ثم مدرسة قبل أن تضمه القوات الجوية الملكية لها عام 1926. وظل مقرّ القوات الجوية الملكية حتى عام 2008 إلى أن تم تحويل المكان إلى متحف جديد تم افتتاحه عام 2013.
يركز المتحف على رواية قصة سير هيو داودينغ، المارشال في القوات الجوية، وقائد القوات المقاتلة، وكذلك يوضح المتحف كيف قام بتنفيذ رؤيته التي كانت تقوم على الجمع بين التكنولوجيا والتنظيم لضمان استغلال ما لديه من موارد محدودة من الأفراد والطائرات على النحو الأمثل.
منذ تعيين داودينغ في عام 1936 قام بوضع أول نظام دفاع جوي متكامل في العالم، والذي أصبح فيما بعد معروفاً باسم «نظام داودينغ». وقد أدرك منافع الرادار، وقدرته على رصد حركة الطائرات، وكيف يمكن أن تتيح معرفة مصدر الهجوم المحتمل للقادة المقاتلين تركيز مواردهم المحدودة على التصدي للطائرة المقبلة المهاجمة. كان يتم جمع المعلومات كافة أثناء معركة بريطانيا باستخدام الرادار، وذلك لتحديد حجم واتجاه القوات المهاجمة المقتربة، وكان يتم حفظ تلك المعلومات في بنتلي بريوري، وكان يتم إرسال الأوامر إلى ميادين وساحات القتال المختلفة لتحديد الطائرات التي ينبغي لها الإقلاع، ووجهتها، من أجل مهاجمة مقاتلات العدو القادمة. يفتح متحف «بنتلي بريوري» أبوابه أيام الاثنين، والأربعاء، والجمعة، والسبت، طوال العام باستثناء أعياد الميلاد، وفترة عطلات رأس السنة. من الممكن الوصول إلى المتحف بركوب قطار الأنفاق المتجه إلى ستانمور، ثم بعد ذلك ركوب حافلة تتجه إلى موقع المتحف. يقع المتحف داخل مجمع سكني له أسوار، لذا من الضروري إبلاغ مكتب الأمن الموجود عند بوابات الدخول، ليمنحكم تصريحا لدخول المتحف. عند التجول داخل المجمع سواء سيراً على الأقدام أو داخل سيارة، سيكون من السهل اكتشاف موقع المتحف، حيث يوجد أمامه نموذجان لطائرتين أحدهما من طراز «سبيت - فاير» والآخر من طراز «هوريكان».


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».