آخر التطورات المتعلقة باستفتاء كردستان

أعضاء لجنة الانتخابات والاستفتاء الكردستانيون يواصلون عملية فرز الأصوات (إ.ب.أ)
أعضاء لجنة الانتخابات والاستفتاء الكردستانيون يواصلون عملية فرز الأصوات (إ.ب.أ)
TT

آخر التطورات المتعلقة باستفتاء كردستان

أعضاء لجنة الانتخابات والاستفتاء الكردستانيون يواصلون عملية فرز الأصوات (إ.ب.أ)
أعضاء لجنة الانتخابات والاستفتاء الكردستانيون يواصلون عملية فرز الأصوات (إ.ب.أ)

يترقب العالم صدور نتائج الاستفتاء التاريخي في إقليم كردستان العراق الذي يتوقع أن يفوز فيه أنصار الاستقلال، مع مخاوف من أن تؤدي الانقسامات حول الاستفتاء إلى تصعيد على الأرض، ما دفع البرلمان العراقي إلى الطلب من الحكومة الاتحادية نشر قوات في المناطق المتنازع عليها مع الأكراد ومنها مدينة كركوك النفطية.
وانتهت عملية التصويت التي جرت أمس (الاثنين)، وسط توتر لم تشهد له مثيل في العلاقات بين الإقليم العراقي وكل من بغداد ودول الجوار، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، الحليف الأبرز والأهم على مدى سنوات للسلطات في أربيل.
وفور انتهاء عملية التصويت، بدأت عملية فرز الأصوات في الاستفتاء الذي أجراه إقليم كردستان على مسألة انفصاله عن العراق، في حين أعلنت المفوضية العليا للانتخابات المستقلة في الإقليم أن نسبة المشاركة في الاستفتاء تخطت 72 في المائة.
وقال المتحدث باسم المفوضية، كاروان جلال، في مؤتمر صحافي مقتضب، إن الأرقام الأولية تشير إلى مشاركة أكثر من ثلاثة ملايين و300 ألف ناخب داخل الإقليم والمناطق المتنازع عليها مع الحكومة المركزية.
كما بلغ عدد المصوتين خارج العراق نحو 98 ألفا، بينما صوت 497 ألف شخص في مخيمات النزوح.
يذكر أن عدد الأشخاص المشمولين في التصويت كان يقدّر بخمسة ملايين ناخب.
وأكد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي اليوم (الثلاثاء) أن الحكومة العراقية غير مستعدة لمناقشة نتائج الاستفتاء ولن تتعامل معه، موضحاً أن الاستفتاء «غير دستوري»، وقد تم من دون اعتراف دولي أو إذن محلي.
وأضاف العبادي في كلمة بثها التلفزيون العراقي أن الحكومة ستصعد من إجراءاتها بحق المسؤولين عن الفوضى والفتنة، لتحميل من قاموا بالاستفتاء المسؤولية وليس المواطن الكردي، معتبراً أن «حماية كل المواطنين في كردستان مسؤوليتنا».
وأكد أن الاستفتاء تخللته «عمليات تهجير وتلاعب وتهديد للمواطنين بالقوة للتصويت بنعم».
في سياق آخر، اعتبر العبادي أن الأولويات هي القضاء على تنظيم داعش، واستعادة الأراضي العراقية كافة التي يسيطر عليها.
بدورها، حذّرت الولايات المتحدة من أن الاستفتاء حول انفصال إقليم كردستان عن العراق «سيزيد من انعدام الاستقرار والمصاعب» في المنطقة، مؤكدة أنها أصيبت بـ«خيبة أمل عميقة» بسبب الاستفتاء الذي أجراه الإقليم في تحد للمجتمع الدولي بأسره.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن «الولايات المتحدة تشعر بخيبة أمل عميقة بسبب قرار حكومة إقليم كردستان إجراء استفتاء أحادي الجانب على الاستقلال اليوم، بما في ذلك في مناطق خارج إقليم كردستان».
وأضافت في أن «العلاقات التاريخية بين الولايات المتحدة والشعب الكردي لن تتغير على ضوء الاستفتاء غير الملزم الذي جرى الاثنين، لكن باعتقادنا فإن هذه الخطوة ستزيد من انعدام الاستقرار والمصاعب بالنسبة إلى إقليم كردستان وسكانه، وسيعقد بدرجة كبيرة العلاقات بين حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية والدول المجاورة».
ولفتت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية في بيانها إلى أن الحرب ضد تنظيم داعش «لم تنته، والتنظيمات المتطرفة تسعى لاستغلال انعدام الاستقرار والخلاف».
وأضافت: «نعتقد أنه يتعين على جميع الأطراف أن ينخرطوا بطريقة بنّاءة في حوار من أجل تحسين مستقبل كل العراقيين»، مشددة على أن «الولايات المتحدة تدعم عراقاً موحدا وفيدرالياً وديمقراطياً ومزدهراً».
وردا على سؤال بشأن استفتاء كردستان، أكد البيت الأبيض أن أميركا تأمل في وجود عراق موحد لتدمير «داعش» والتصدي لإيران.
في سياق آخر، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاثنين عن قلقه إزاء احتمال أن يسفر الاستفتاء حول استقلال إقليم كردستان إلى «زعزعة الاستقرار».
ودعا غوتيريش بغداد وسلطات إقليم كردستان إلى حل خلافاتهم عبر الحوار، مشدداً على «احترامه سيادة العراق ووحدة أراضيه».
كما حض سلطات الإقليم على ضمان أن بعثة الأمم المتحدة في العراق «سيسمح لها بالاستمرار دون أي عراقيل».
وفي الوقت الذي نادت فيه دول الجوار برفض عملية الاستفتاء وعدم الاعتراف به، لوحت تركيا وإيران بعظائم الأمور، وبما سمّته أنقرة على لسان رئيس وزرائها السبت بن علي يلدرم بـ«خطوات اقتصادية وأمنية وسياسية».
وترجم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، تصريح يلدريم بلهجة أقوى وأوضح قائلاً: «سنغلق المعابر بشكل كامل مع كردستان، ونمنع تصدير النفط من الإقليم».
ويكتسب هذا التصريح أهمية كبرى حين كشف أن أكراد تركيا يفوقون عدداً أكراد العراق، وبالتالي تعتبر تلك المسألة مصيرية بالنسبة لأنقرة.
فتعداد الأكراد يتراوح حسب عدة إحصاءات بين 25 و35 مليون نسمة، ويعيش القسم الأكبر منهم في تركيا (ما بين 12 إلى 15 مليون نسمة، نحو 20 في المائة من إجمالي السكان)، ثم إيران (نحو 6 ملايين، أقل من 10 في المائة) ثم العراق (4.69 مليون نسمة، ما بين 15 إلى 20 في المائة) وأخيرا سوريا (أكثر من مليوني نسمة، 15 في المائة من السكان).
ولعل في تلك الأرقام، تفسيراً لمواقف دول الجوار من «دولة الأكراد».
بدورها، اعتبرت إيران الاستفتاء مرفوضاً، ولوحت بإغلاق حدودها. حتى إن بعض التصريحات أتت أكثر حدة، لا سيما ما نسب إلى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بأنه لن يردع ميليشيا الحشد من الهجوم على قوات البيشمركة بعد الآن.
وثبتت أم لم تثبت صحة هذا التصريح فإن ميليشيات الحشد هددت صراحة باقتحام كركوك والمناطق المسيطر عليها من قبل البيشمركة.
إذن حدود «كردستان» ستغلق وتحاصر الدولة المنتظرة قبل أن ترى النور من جهة إيران وتركيا.
أما من الناحية السورية، فعلى الرغم من أن أكراد الشمال السوري تعاطفوا مع هذا الاستفتاء، وأكدت هادية يوسف، رئيسة ما يسمى «المجلس التأسيسي للنظام الفيدرالي في شمال سوريا»، أن معبر سيمالك الحدودي مع إقليم كردستان وغيره من المعابر سيبقى مفتوحاً، إلا أن المشهد السوري لم يستقر بعد، كما أن خريطة النفوذ لم تصل إلى وجهها النهائي.
ويبقى الأبرز، الحدود مع العراق في حال تم الانفصال التام والاستقلال، فالحكومة العراقية أكدت أنها لم ولن تعترف بأي نتائج لهذا الاستفتاء الذي تعتبره غير دستوري، حتى إن الجيش العراقي بدأ مناورات عسكرية مشتركة مع تركيا على الحدود.
ويشي ذلك بخنق للأنفاس، حيث لن تتمكن الدولة المشتهاة من قبل السلطات الكردية في كردستان من تحمله. فموقف بغداد سينعكس وقفاً لتمويل قوات البيشمركة الذين يقبضون معاشاتهم من السلطة المركزية، وإقفالاً للحدود. كما قد يتطور لاشتباك أمني في المناطق المتنازع عليها، والتي ضمتها سلطات كردستان قبل سنوات، وأولها كركوك الغنية بالنفط.
كما أن إقفال المعابر بين كردستان ودول الجوار سيؤدي إلى ما يشبه «النزاع» والموت البطيء على صعيد تصدير النفط من الإقليم إلى الخارج.
وبات معروفاً أن مئات الآلاف من براميل النفط يصدرها إقليم كردستان يومياً عبر ميناء جيهان التركي، بعد مشروع مشترك مدت تركيا بناءً عليه خط أنابيب يربط بين الإقليم والميناء المتوسطي.
عراقيل كثيرة إذن تنتظر «دولة كردستان» إذا ما عزمت المضي قدماً في انفصالها عن بغداد، ولا شك أن الأيام المقبلة والمواقف الدولية والكردية، ستنجلي وتتوضح أكثر، بانتظار المشهد النهائي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.