ميركل لولاية رابعة... و«البديل» يخترق البرلمان للمرة الأولى

ترقب لتشكيلة الحكومة الجديدة ومخاوف من تداعيات «عودة» اليمين المتطرف

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تخاطب أنصارها بعد صدور النتائج الأولية للانتخابات التشريعية في برلين أمس (رويترز)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تخاطب أنصارها بعد صدور النتائج الأولية للانتخابات التشريعية في برلين أمس (رويترز)
TT

ميركل لولاية رابعة... و«البديل» يخترق البرلمان للمرة الأولى

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تخاطب أنصارها بعد صدور النتائج الأولية للانتخابات التشريعية في برلين أمس (رويترز)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تخاطب أنصارها بعد صدور النتائج الأولية للانتخابات التشريعية في برلين أمس (رويترز)

عكّر الدخول التاريخي لليمين المتشدد إلى مجلس النواب الألماني أمس، فرحة انتصار المحافظين بقيادة أنجيلا ميركل بولاية رابعة في الانتخابات التشريعية.
ومع أن الحزبين المحافظين الحليفين؛ «الاتحاد المسيحي الديمقراطي»، و«الاتحاد المسيحي الاجتماعي»، حلا في الطليعة وجمعا ما بين 32.5 في المائة و33.5 في المائة، فإن هذه النتيجة لهما تعد الأدنى تاريخيا (33.8 في المائة عام 2009).
وفي المرتبة الثانية، حل الحزب الاشتراكي الديمقراطي جامعا ما بين 20 و21 في المائة، في أسوأ نتيجة له منذ عام 1945. وذلك بحسب استطلاعات للرأي لدى الخروج من مكاتب الاقتراع نشرتها شبكتا «إي آر دي» و«زد دي إف».
وأقرّت ميركل، مساء أمس، التي ستمتد فترة حكمها 16 سنة لتعادل بها الرقم الذي حققه المستشار الأول كونراد أديناور والمستشار الأسبق هيلموت كول، بأنها كانت تتوقع الحصول على «نتائج أفضل»، كما عدّت أن دخول القوميين المتشددين البرلمان يعتبر «تحديا جديدا». وبات يعود اليوم إلى ميركل تسلّم المستشارية للمرة الرابعة وتشكيل الحكومة الجديدة مع شركاء آخرين غير الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي سارع إلى التأكيد بعد صدور هذه النتائج الأولية على أنه قرر الانتقال إلى المعارضة، بعد أن حكم مع ميركل خلال السنوات الأربع الماضية.
وبات من المرجح أن تسعى ميركل إلى التحالف مع الحزب الليبرالي الديمقراطي، ومع حزب الخضر لتشكيل أكثرية، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية. إلا أن النتيجة التاريخية التي حققها حزب «البديل لألمانيا» اليميني الشعبوي المتشدد، الذي حلّ في المركز الثالث بـ13 في المائة من الأصوات وفق استطلاعات الخروج، عكرت كثيرا على ميركل وعلى المحافظين فرحتهم بالبقاء في السلطة.
وتعدّ هذه هي المرّة الأولى التي يدخل فيها هذا الحزب إلى البرلمان، وهو معروف بمواقفه المناهضة للهجرة والإسلام والاتحاد الأوروبي. وبعدما فشل في دخول مجلس النواب خلال الانتخابات الأخيرة عام 2013، فإنه اليوم يتفوق على اليسار الراديكالي («دي لينكي» 9 في المائة)، وعلى الليبراليين (نحو 10 في المائة)، وعلى «الخضر» (نحو 9 في المائة).
وفي الوقت الذي كانت فيه المستشارة ميركل تركز في حملتها الانتخابية على ضرورة الحفاظ على الازدهار الاقتصادي الذي تنعم به البلاد، كان حزب «البديل لألمانيا» يشن عليها هجمات عنيفة، ويشيد بسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب «الانعزالية»، وبتصويت البريطانيين لصالح «بريكست». ويتّهم القوميون ميركل بـ«الخيانة» لفتحها أبواب البلاد عام 2015 أمام مئات الآلاف من طالبي اللجوء وغالبيتهم من المسلمين.
وبات اليوم على المستشارة أن تبرّر أمام حلفائها من «الاتحاد المسيحي الاجتماعي» في مقاطعة بافاريا، وأمام الشريحة المحافظة في حزبها «الاتحاد المسيحي الديمقراطي»، مواقفها شديدة الوسطية وانفتاحها الكبير على المهاجرين.
وتمكن حزب «البديل لألمانيا» من قضم أصوات من المحافظين رغم تطرف بعض قياداته ودعوتهم الألمان إلى أن يكونوا فخورين بأعمال جنودهم خلال الحرب العالمية الثانية، وهو أمر لم يحصل سابقا في بلد تقوم هويته الأساسية على نبذ النازية والتطرف.
ولم يتردد وزير الخارجية، سيغمار غابرييل، في القول حتى قبل موعد الانتخابات إن دخول حزب «البديل لألمانيا» إلى البوندستاغ سيسجل عودة النازيين إلى ألمانيا «للمرة الأولى منذ أكثر من 70 عاما».
ومع حصول اليسار الراديكالي «دي لينكي» على نحو 9 في المائة، فهذا يعني أن نحو ربع الناخبين اختاروا التطرف. وهذه الظاهرة التي اقتحمت دولا أوروبية عدة تبدو للمرة الأولى واضحة اليوم في ألمانيا. أما الخاسر الأكبر في نهاية اليوم الانتخابي الطويل في ألمانيا فهو من دون منازع الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي والزعيم الحالي للحزب الاشتراكي الديمقراطي مارتن شولتز الذي قاد الاشتراكيين الديمقراطيين إلى هزيمتهم الرابعة على التوالي، بمواجهة ميركل التي تبدو كأنها لا تقهر.
وفشل الحزب الاشتراكي الديمقراطي في تقديم نموذج للتغيير، ولم يستفد كثيرا من دخوله الحكومة مع ميركل منذ عام 2013، فهو يركز على شعارات حول العدالة الاجتماعية، في حين أن البلاد تعيش نموا كبيرا ونسبة بطالة من الأدنى في تاريخها. حتى إن مستقبل شولتز السياسي على رأس الحزب الاشتراكي الديمقراطي بات مهددا، بعد أن كان مطلع العام الحالي يحمل الآمال الكثيرة لمناصري هذا الحزب.
وبإزاء هذه النتائج، وإثر موقف الحزب الاشتراكي الديمقراطي لجهة رفضه الاستمرار في الحكم، لن تكون مهمة ميركل سهلة في تشكيل ائتلاف حكومي جديد.
الخيار الأسهل كان إبقاء الائتلاف مع الاشتراكيين الديمقراطيين، ومع غياب هذا الخيار تتجه الأمور نحو ائتلاف جديد يضم الحزب الليبرالي وحزب «الخضر». إلا أن الخلافات بين الليبراليين والخضر حول مستقبل الديزل أو الهجرة، لن تسهل الأمور نحو تشكيل هذا الائتلاف.
ويمكن أن تتواصل المحادثات لتشكيل الائتلاف الجديد حتى نهاية العام الحالي، ولن تصبح ميركل مستشارة للمرة الرابعة إلا بعد نجاحها في تشكيل ائتلاف جديد. وسيكون على هذا الائتلاف الجديد تحمل مسؤوليات كبيرة إزاء إصلاح منطقة اليورو، ومستقبل العلاقات بين ضفتي الأطلسي، وقضية العقوبات على روسيا.
وفي سنة 2015، أي بعد 14 شهراً من الانتخابات النيابية سنة 2013، فازت كلمة «غروكو» بجائزة أفضل تعبير سياسي في ألمانيا. وهي كلمة اختصرت بها الصحافة سنة 2014 تعبير «التحالف الكبير» بالألمانية (غروسه كوالتسيون).
وتساءلت بعض الصحف أمس عما إذا كان «برايتكو» سيحل محل «غروكو»؟ و«برايتكو» كلمة تختصر تعبير «التحالف العريض» أو المتعدد (برايته كوالتسيون). ويمكن أن يعبر «برايتكو» عن تحالف المسيحيين والليبراليين والخضر، أو الاشتراكيين واليسار والخضر، أو أي تحالف يشارك فيه أكثر من حزبين.
ويبدو أن قلة التغييرات في تشكيلة الحكومات، والسنوات الطويلة لحكم المستشارين المتعاقبين، بعثت بشيء من الملل في صفوف الناخبين؛ إذ انخفضت نسبة المشاركة العامة من 91.1 في المائة سنة 1972، إلى 82 في المائة سنة 1994، وإلى مجرد 71.5 في المائة قبل 4 سنوات.
وعدّت مراكز استطلاعات الرأي أن حل مشكلة اللاجئين وتحديد عدد الوافدين منهم إلى ألمانيا، كان في مقدمة الموضوعات التي حسمت النتائج الانتخابية، بحسب دراسة نشرها «معهد الينزباخ». وبهذا الصدد، دعت نسبة 39 في المائة من الناخبين إلى زيادة دعم البلدان النامية بهدف مكافحة مصادر الهجرة، وهو ما شددت عليه ميركل في كلمتها أمس. تلا ذلك نسبة ترتفع إلى 89 في المائة من الألمان ترى ضرورة الاهتمام أكثر بقضية التعليم، وزيادة مخصصات التعليم في الميزانية. تأتي بعد ذلك قضية الأمن الاجتماعي ورعاية المسنين والمعاقين بنسبة 39 في المائة. وتجد نسبة 75 في المائة قضية حماية البيئة في مقدمة القضايا التي تؤثر في خيارهم السياسي. وعلى الصعيد السياسي، يتمنى 39 في المائة من الناخبين علاقات أفضل مع فرنسا، و31 في المائة مع روسيا. وفضلت نسبة 35 في المائة تخفيف العلاقة مع الولايات المتحدة تحت حكم الرئيس دونالد ترمب.



أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
TT

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)

قال 4 أشخاص مطلعين، الثلاثاء، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وأوكرانيا تخططان لتوقيع صفقة المعادن التي نوقشت كثيراً بعد اجتماع كارثي في ​​المكتب البيضاوي، يوم الجمعة، الذي تم فيه طرد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من المبنى.

وقال 3 من المصادر إن ترمب أبلغ مستشاريه بأنه يريد الإعلان عن الاتفاق في خطابه أمام الكونغرس، مساء الثلاثاء، محذرين من أن الصفقة لم يتم توقيعها بعد، وأن الوضع قد يتغير.

تم تعليق الصفقة يوم الجمعة، بعد اجتماع مثير للجدل في المكتب البيضاوي بين ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أسفر عن رحيل الزعيم الأوكراني السريع من البيت الأبيض. وكان زيلينسكي قد سافر إلى واشنطن لتوقيع الصفقة.

في ذلك الاجتماع، وبّخ ترمب ونائب الرئيس جي دي فانس زيلينسكي، وقالا له إن عليه أن يشكر الولايات المتحدة على دعمها بدلاً من طلب مساعدات إضافية أمام وسائل الإعلام الأميركية.

وقال ترمب: «أنت تغامر بنشوب حرب عالمية ثالثة».

وتحدث مسؤولون أميركيون في الأيام الأخيرة إلى مسؤولين في كييف بشأن توقيع صفقة المعادن على الرغم من الخلاف الذي حدث يوم الجمعة، وحثوا مستشاري زيلينسكي على إقناع الرئيس الأوكراني بالاعتذار علناً لترمب، وفقاً لأحد الأشخاص المطلعين على الأمر.

يوم الثلاثاء، نشر زيلينسكي، على موقع «إكس»، أن أوكرانيا مستعدة لتوقيع الصفقة، ووصف اجتماع المكتب البيضاوي بأنه «مؤسف».

وقال زيلينسكي، في منشوره: «اجتماعنا في واشنطن، في البيت الأبيض، يوم الجمعة، لم يسر بالطريقة التي كان من المفترض أن يكون عليها. أوكرانيا مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن لإحلال السلام الدائم».

ولم يتضح ما إذا كانت الصفقة قد تغيرت. ولم يتضمن الاتفاق، الذي كان من المقرر توقيعه الأسبوع الماضي، أي ضمانات أمنية صريحة لأوكرانيا، لكنه أعطى الولايات المتحدة حقّ الوصول إلى عائدات الموارد الطبيعية في أوكرانيا. كما نصّ الاتفاق على مساهمة الحكومة الأوكرانية بنسبة 50 في المائة من تحويل أي موارد طبيعية مملوكة للدولة إلى صندوق استثماري لإعادة الإعمار تديره الولايات المتحدة وأوكرانيا.

يوم الاثنين، أشار ترمب إلى أن إدارته لا تزال منفتحة على توقيع الاتفاق، وقال للصحافيين إن أوكرانيا «يجب أن تكون أكثر امتناناً».

وأضاف: «وقف هذا البلد (الولايات المتحدة) إلى جانبهم في السراء والضراء... قدمنا لهم أكثر بكثير مما قدمته أوروبا لهم، وكان يجب على أوروبا أن تقدم لهم أكثر مما قدمنا».