الأكراد واستفتاء الاستقلال

TT

الأكراد واستفتاء الاستقلال

أفادت وكالة «رويترز» أن نحو خمسة ملايين نسمة في مناطق خاضعة لسيطرة الأكراد في شمال العراق سيشاركون في استفتاء غير ملزم على الاستقلال يوم غد الاثنين. وسيجيب المشاركون في الاستفتاء بنعم أو لا على سؤال «هل تريد إقليم كردستان والمناطق الكردية خارج إدارة الإقليم أن تصبح دولة مستقلة؟». وفيما يأتي حقائق عن الأكراد واستفتائهم بحسب تقرير أوردته «رويترز»:
التاريخ
الأكراد هم أكبر مجموعة عرقية ظلت بلا دولة عندما قسمت بريطانيا وفرنسا، القوتان الاستعماريتان المنتصرتان في الحرب العالمية الأولى، الإمبراطورية العثمانية. وظل نحو 30 مليون كردي في المنطقة متناثرين في أربع دول هي العراق وإيران وتركيا وسوريا وعانوا جميعاً الاضطهاد وكثيراً ما حرموا من الحق في التحدث بلغتهم. وفي عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عانى الأكراد حملات لاقتلاعهم من مناطقهم ولهجوم بالأسلحة الكيماوية.
لماذا الاستفتاء؟
تقول حكومة إقليم كردستان شبه المستقل في شمال العراق إن الحكومة المركزية في بغداد والتي يهيمن عليها الشيعة لم تحترم الحكم الذاتي الذي حدث بعد الإطاحة بصدام حسين عام 2003 في غزو قادته الولايات المتحدة.
لماذا الآن؟
تقول حكومة إقليم كردستان إن الاستفتاء يقر بالمساهمة الحاسمة التي قدمها الأكراد في مواجهة تنظيم داعش بعد انهيار الجيش العراقي أمامه عام 2014 وبعدما بسط سيطرته على ثلث العراق.
ما هي النتيجة المرجحة وما هي الخطوة التالية؟
ستكون نتيجة الاستفتاء تصويت الأغلبية «بنعم» على الأرجح. وتخطط حكومة إقليم كردستان التي يقودها مسعود بارزاني إلى استخدام هذا التصويت كتفويض شرعي للضغط من أجل إجراء مفاوضات مع بغداد ودول الجوار للوصول إلى الاستقلال.
لماذا تعارض الحكومة المركزية الاستفتاء؟
تعتقد بغداد أن التصويت قد يحدث انقساماً فوضوياً بالعراق في الوقت الذي يكافح فيه من أجل إعادة الإعمار وعودة اللاجئين. وهي تعرض إجراء محادثات لحل النزاعات على الأراضي وموارد الطاقة والمشاركة في السلطة بما في ذلك وضع منطقة كركوك المتعددة الأعراق الغنية بالنفط.
لماذا تعارض تركيا وإيران الاستفتاء؟
يخشى جيران العراق من انتقال عدوى الانفصال إلى سكانهم الأكراد. وبتركيا أكبر أقلية كردية بالمنطقة، وهي تقاتل لإنهاء تمرد كردي في جنوبها الشرقي منذ عام 1984. أما الأكراد الإيرانيون فقريبون ثقافياً من أكراد العراق ويتحدثون اللغة الكردية ذاتها. كما أن طهران قريبة من الأحزاب السياسية الشيعية التي تحكم العراق أو تتولى مواقع أمنية أو حكومية مهمة منذ عام 2003. وتعصف بسوريا حرب أهلية يسعى فيها الأكراد لحكم ذاتي.
من أيضا يعارض الاستفتاء؟
الاستفتاء يعارضه الجميع تقريبا بما في ذلك الولايات المتحدة والأمم المتحدة خشية زعزعة استقرار العراق في وقت لم تضع فيه الحرب على تنظيم داعش أوزارها.
لماذا برزت كركوك كبؤرة للتوتر؟
كركوك مدينة متعددة الأعراق تقع خارج إقليم كردستان ويقطنها أكراد وتركمان وعرب ومسيحيون آشوريون. ولدى كركوك احتياطيات نفطية كبيرة وهي تصدر النفط الخام من خلال خط أنابيب عبر البحر المتوسط يمر من إقليم كردستان العراق وتركيا. وإذا قررت تركيا إغلاق خط الأنابيب فسيحرم ذلك حكومة كردستان في أربيل من معظم دخلها من العملة الصعبة.
أهمية إقليم كردستان لأسواق النفط
ينتج إقليم كردستان العراق نحو 650 ألف برميل نفط يومياً من حقوله بما في ذلك نحو 150 ألف برميل من مناطق كركوك المتنازع عليها. ويمثل إنتاج الإقليم 15 في المائة من إجمالي الإنتاج العراقي ونحو 0.7 في المائة من إنتاج النفط العالمي. وتطمح حكومة إقليم كردستان إلى إنتاج ما يربو على مليون برميل نفط يوميا بحلول عام 2020.
أهمية إقليم كردستان لشركات النفط
تهيمن شركات نفط متوسطة الحجم مثل جينيل ودي.إن.أو وجلف كيستون ودانة غاز على إنتاج النفط في كردستان. ولدى شركات النفط الكبرى مثل شيفرون وإكسون موبيل وروسنفت مشروعات أيضا في كردستان لكن أغلبها في المرحلة الاستكشافية. غير أن شركة النفط الروسية العملاقة روسنفت أقرضت حكومة إقليم كردستان ما يزيد على مليار دولار بضمان مبيعات النفط وتلتزم بأربعة مليارات دولار إجمالاً لمشاريع مختلفة في كردستان. وأقرضت مؤسسات تجارية دولية، مثل فيتول وبيتراكو وترافيجورا وجلينكور، نحو ملياري دولار إجمالا لكردستان بضمان مبيعات النفط. وقدمت تركيا أيضا 1.5 مليار دولار في المجمل دعما لأربيل في العامين الأخيرين.
من يحق لهم التصويت وأين؟
يحق التصويت لجميع السكان المسجلين الأكراد وغير الأكراد في المنطقة الخاضعة للأكراد بشمال العراق. وتشمل المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد مناطق داخل الحدود الرسمية لإقليم كردستان ومناطق محيطة سيطرت عليها قوات البيشمركة خلال حربها مع «داعش». وتقع كركوك خارج إقليم كردستان وتطالب بغداد بالسيطرة عليها. وسيسمح للنازحين داخليا من المناطق المتنازع عليها بالتصويت. كما سيسمح للأكراد العراقيين المقيمين بالخارج بتقديم بطاقات اقتراع إلكترونية يومي 23 و24 سبتمبر (أيلول) .



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».