لافروف يدعو حلفاء المعارضة إلى مغادرة سوريا بعد هزيمة «داعش»

ربط الوجود الروسي بالحل السياسي

TT

لافروف يدعو حلفاء المعارضة إلى مغادرة سوريا بعد هزيمة «داعش»

أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، مطالبا جميع القوى الداعمة للمعارضة السورية بمغادرة الأراضي السورية بعد القضاء على «داعش». وأرجأ القرار بشأن القوات الموجودة في سوريا لدعم النظام السوري إلى مرحلة ما بعد الحل السياسي.
وقال لافروف، إن الفضل في إطلاق حوار بين النظام والمعارضة المسلحة يعود إلى مفاوضات آستانة، مقللا من شأن مفاوضات جنيف. كما عبر عن عدم رضاه على مستوى التعاون مع الولايات المتحدة في سوريا، وواصل التشكيك بنتائج عمل اللجان الدولية الخاصة بالهجمات باستخدام سلاح كيماوي في سوريا، مكررا الدعوات الروسية إلى «تحقيق نزيه» بتلك الهجمات.
وكان لافروف حذر في مؤتمر صحافي عقب مشاركته في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، من مغبة تقسيم سوريا، وقال: «لا يمكن السماح أبدا بأي تقسيم، وإلا فإن الأمر سينتشر في الشرق الأوسط»، متهما بعض الدول بأنها مستفيدة من أمر كهذا. وأكد أن مناطق خفض التصعيد إجراء مؤقت، وأشار إلى أنه «بموازاة الإعلان عن تلك المناطق نريد تحفيز عملية المصالحة الوطنية ووضع آليات لتلك المصالحة بين السلطات المركزية وتلك المناطق»، أي بين النظام ومناطق خفض التصعيد، «ليتم إطلاق الحوار الوطني، وتهيئة الأجواء للعملية السياسية، إضافة إلى ما يجري العمل عليه في جنيف». وقلل من شأن المفاوضات الدولية حول سوريا في جنيف، وقال إن شخصيات سياسية سورية معروفة، وغالبا غير معروفة، من المهاجرين الذين يعيشون منذ زمن بعيد خارج البلاد، كانوا يشاركون في مفاوضات جنيف حتى الآونة الأخيرة»، وبناء على هذه الرؤية لمسار جنيف، يرى لافروف أن «مسار آستانة يمثل اختراقاً» في جهود التسوية السورية، لأنه «جمع خلف طاولة واحدة الحكومة السورية وتلك الفصائل المسلحة التي تقف بوجه القوات الحكومية على الأرض»، واستدرك واصفا ما تم تحقيقه في آستانة بأنه «لا يقل أهمية عن الحديث (في جنيف) مع المهاجرين الذين يريدون المساعدة في تسوية الأزمة السورية».
وأشار إلى حصول «حديث وجها لوجه بين أولئك الذين وقفوا حاملين السلاح بوجه بعضهم البعض» خلال اجتماعات آستانة. وفي إجابته عن سؤال حول ما إذا كانت روسيا تؤيد خروج جميع «الميليشيات والقوات» من سوريا بعد القضاء على «داعش»، أشار وزير الخارجية الروسي إلى وجود قواته على الأراضي السورية «بصورة شرعية» أي بموافقة وطلب من النظام، وأخرى بصورة غير شرعية «مثل القوات الأميركية وقوات التحالف ووحدات خاصة من دول أخرى»، وعبر عن قناعته بضرورة خروج كل القوات الموجودة بصورة غير شرعية، أما الميليشيات الطائفية من العراق وإيران وأفغانستان ولبنان وغيرها، والقوات الإيرانية والروسية، التي توجد بطلب من النظام السوري، فقد ترك لافروف القرار بشأن بقائها «تتخذه القيادة السورية عقب العملية السياسية».
وتوقف لافروف عند التعاون مع الولايات المتحدة في سوريا، وعبر في هذا الشأن عن عدم رضاه، لافتا إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لـ«تفادي الصدام». وقال إن «هذا قليل عندما يدور الحديث حول التصدي للإرهاب». وشدد على أنه «للقضاء بفعالية على الإرهاب، لا يكفي أن يكون بيننا مجرد (تفادي صدام)، ويجب أن يكون هناك تنسيق عمليات». وبالنسبة للتحقيق في الهجمات بالسلاح الكيماوي في سوريا كرر لافروف انتقاداته للجان الدولية.
وقال إن معظم الأعضاء في اللجنة هم من دول «أصدقاء سوريا، التي تريد تغيير النظام». ورفض نتائج التقرير الذي يحمل النظام السوري المسؤولية عن الهجوم على خان شيخون. ودعا الخبراء مجددا إلى زيارة مطار الشعيرات، في إطار التحقيق في الهجوم.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.