وفاة مرشد «الاخوان» السابق مهدي عاكف في مستشفى بالقاهرة

مهدي عاكف («الشرق الأوسط»)
مهدي عاكف («الشرق الأوسط»)
TT

وفاة مرشد «الاخوان» السابق مهدي عاكف في مستشفى بالقاهرة

مهدي عاكف («الشرق الأوسط»)
مهدي عاكف («الشرق الأوسط»)

توفي أمس المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، محمد مهدي عاكف، داخل مستشفى قصر العيني (بوسط العاصمة القاهرة)، وذلك بعد تدهور حالته الصحية في الفترة الأخيرة.
وكان عاكف يعاني من مشكلات مرضية متعلقة بتقدم السن من الشيخوخة وغيرها من الأمراض. وأوضح تقرير صادر عن مستشفى قصر العيني التعليمي، دخول عاكف المستشفى في يناير (كانون الثاني) الماضي، وشخصت حالته بسرطان في القنوات المرارية وتضخم في البروستاتا وكسر في المفصل الأيسر، وضعف في عضلة القلب... وكانت هناك مطالبات من دفاع عاكف بالإفراج عنه لأسباب صحية. وقالت علياء نجلة عاكف، أمس، عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «أبي في ذمة الله... إنا لله وإنا إليه راجعون».
تولى عاكف مهمة قيادة الإخوان منذ عام 2004 خلفا للمرشد الإخواني الراحل مأمون الهضيبي، وظل في منصبه 6 سنوات حتى عام 2010 عندما فاجأ الجميع بإعلان استقالته، في واقعة هي الأولى في تاريخ الجماعة، تاركا منصبه لمحمد بديع المرشد الحالي لـ«الإخوان» (محبوس).
ولم تذكر الجماعة، التي تصنفها مصر إرهابية، السبب الحقيقي وراء استقالة عاكف، ورددت حينها أن الأمر صحي في المقام الأول، لكن مصادر داخل الإخوان أكدت حينها أن «السبب الرئيسي وراء استقالته هو وجود مؤامرة كبرى ضده من قبل أعضاء مكتب الإرشاد، وبالأخص الثنائي خيرت الشاطر نائب المرشد (محبوس حاليا)، ومحمود عزت نائب المرشد الثاني (هارب)، ونجحت هذه الضغوط بالفعل في إجبار عاكف على الاستقالة، تاركا مهمة قيادة الجماعة لتلميذه محمد بديع الذي ظل مرشدا رسميا لـ(الإخوان) حتى الآن، وهو محبوس تنفيذا لأحكام قضائية عدة، تشمل الإعدام والسجن المؤبد».
وعقب اندلاع ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام حسني مبارك عام 2011 تم تجنيب عاكف رغم استمرار انتمائه لـ«الإخوان» من أي مناصب حصل عليها، وظل مهمشا لفترة طويلة حتى ثورة 30 يونيو (حزيران) عام 2013 التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق محمد مرسي... لكنه رفض الإطاحة به من سدة الحكم، ليتم القبض عليه ضمن كوادر الإخوان. و«عاكف» (89 عاما) محبوس على ذمة قضية واحدة، وهي أحداث مكتب الإرشاد التي وقعت في صيف 2013 عقب اشتباكات بين مناصرين للجماعة ومعارضين لها، وحصل على حكم بالمؤبد «25 عاما»، ألغته محكمة النقض «أعلى محكمة طعون في البلاد» في يناير الماضي، وتعاد محاكمته من جديد.
وبعد الانشقاقات الكبرى داخل الإخوان، خصوصا من الشباب الذين خرجوا عن حكم مكتب الإرشاد القديم بقيادة بديع، وتكوين جبهات أخرى تابعة لمحمد كمال، ومحمود عزت، تم اختيار عاكف ليكون الأب الروحي لهؤلاء الشباب الذين يؤمنون بالعنف والعمل المسلح، كسبيل وحيد للتغيير وفرض شروط الإخوان على النظام المصري، التي منها عودة المعزول.
وألقي القبض على عاكف، وتم نقله إلى مستشفى المعادي العسكري (جنوب القاهرة) في سبتمبر (أيلول) 2013 مع تدهور صحته، وعاد لسجنه في 25 يونيو 2015، ومنذ هذه الفترة وهو يتنقل بين محبسه ومستشفى قصر العيني الحكومي الذي يوجد به عنبر خاص بالسجناء للمتابعة الطبية.
وأزمات صحية شديدة ألمت بمُرشد جماعة الإخوان السابق، جعلته طريح الفراش... وسبق أن أعلنت «الإخوان» وفاة عاكف أكثر من مرة، كانت الأولى في يونيو (حزيران) عام 2015، والأخيرة في يناير الماضي. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014 أصدرت لجنة حصر وإدارة أموال الإخوان (لجنة حكومية مصرية)، قرارا بالتحفظ على أموال أبناء عاكف، بعد ثبوت انتمائهم للتنظيم الإرهابي، بناء على تحريات الأجهزة الأمنية التي أثبتت انتماء العناصر المتحفظ عليها للجماعة الإرهابية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.