القوات العراقية تنهي المرحلة الأولى من عمليات الحويجة بتحرير 35 قرية

«داعش» يتحصن في الرشاد والزاب استعداداً للمعركة الحاسمة

عناصر من الجيش العراقي والقوات المساندة له في طريقهم إلى مدينة الشرقاط أمس استعدادا لمعركة تحرير الحويجة (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش العراقي والقوات المساندة له في طريقهم إلى مدينة الشرقاط أمس استعدادا لمعركة تحرير الحويجة (أ.ف.ب)
TT

القوات العراقية تنهي المرحلة الأولى من عمليات الحويجة بتحرير 35 قرية

عناصر من الجيش العراقي والقوات المساندة له في طريقهم إلى مدينة الشرقاط أمس استعدادا لمعركة تحرير الحويجة (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش العراقي والقوات المساندة له في طريقهم إلى مدينة الشرقاط أمس استعدادا لمعركة تحرير الحويجة (أ.ف.ب)

بعد معركة استمرت لعدة ساعات، أعلنت القوات العراقية أمس عن انتهاء الصفحة الأولى من المرحلة الأولى من عملية تحرير الحويجة، جنوب غربي محافظة كركوك، باستعادة السيطرة على نحو 35 قرية من قرى الجانب الأيسر من قضاء الشرقاط المحاذي للحويجة ونواحيها، بينما انسحب مسلحو تنظيم داعش باتجاه ناحيتي الرشاد والزاب التابعتين للحويجة، للتحصن فيها استعداداً للمعركة الفاصلة.
وأعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي في بيان: «مع فجر يوم عراقي جديد، نعلن انطلاق المرحلة الأولى من عملية تحرير الحويجة وفاءً لعهدنا لشعبنا بتحرير كامل الأراضي العراقية، وتطهيرها من عصابات (داعش) الإرهابية». وتقع الحويجة على بعد 230 كيلومتراً شمال شرقي بغداد و45 كيلومتراً من مدينة كركوك الغنية بالنفط، وإلى الجنوب الشرقي من مدينة الموصل، ويسكنها نحو 70 ألف نسمة يمثلون غالبية مطلقة من العرب السنة.
ووجه رئيس الوزراء تحية للقوات العراقية «بجميع صنوفها وتشكيلاتها، وهي تخوض أكثر من معركة تحرير في وقت واحد، وتحرز الانتصار بعد الانتصار، وها هي بشرى نصر جديد تلوح في الأفق بعون الله تعالى».
ورحب «التحالف الدولي» بانطلاق عمليات الحويجة. وقال المتحدث باسم التحالف عبر «تويتر»: «القوات الأمنية العراقية تطلق عمليات الحويجة لهزيمة (داعش) ... (داعش) يواجه الآن أبطال القوات العراقية في آخر معقلين له على الأراضي العراقية». وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فإن القوات العراقية بدأت عمليات قصف مدفعي، تزامنا مع تقدم الجيش باتجاه ناحية الشرقاط، جنوب غربي الحويجة.
ولا يزال الجزء الشرقي لبلدة الشرقاط في محافظة صلاح الدين، الذي يجاور الحويجة، تحت سيطرة تنظيم داعش، وهو مشمول بالمرحلة الأولى من العمليات.
وتعد الحويجة من المناطق غير المستقرة أمنياً منذ سنوات عدة، فقد شهدت مقتل أكثر من 50 شخصاً خلال حملة نفذتها القوات الأمنية ضد مناهضين للحكومة في أبريل (نيسان) 2013. كما وقعت في الحويجة أعمال عنف متلاحقة خلال السنوات التي أعقبت سقوط النظام السابق في العام 2003. وأطلقت عليها القوات الأميركية اسم «قندهار العراق»، تيمناً بقندهار الأفغانية التي تسيطر عليها حركة طالبان، بسبب الهجمات التي تعرضت لها.
وأعلنت أمس قيادة العمليات المشتركة للقوات العراقية عن انطلاق عملية «قادمون يا حويجة» بمشاركة قوات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية والرد السريع والحشد الشعبي، بينما لم تشترك قوات البيشمركة المتمركزة في الجانب الشرقي للحويجة في المعركة.
بدوره تحدث نائب رئيس أركان قوات البيشمركة للعمليات والتدريب، اللواء قارمان شيخ كمال لـ«الشرق الأوسط»، عن الخطة التي وضعتها وزارة الدفاع العراقية، مشيراً إلى أن معارك تحرير الحويجة، ستبدأ بعد تحرير المناطق الشرقية من قضاء الشرقاط ... «وبحسب الاتفاق بين وزارة الدفاع ووزارة البيشمركة سيكون دور قوات البيشمركة تقديم الإسناد للقوات العراقية المشاركة في عملية الحويجة، أي أن قواتنا ستبقى في مواقعها».
ومهد طيران التحالف الدولي بغارات مكثفة لانطلاق العملية، على مدى اليومين الماضيين، استهدفت مواقع وتجمعات تنظيم داعش في شرق الجانب الأيسر من الشرقاط والحويجة والمناطق التابعة لها، بينما انطلقت المعركة فجر أمس بقصف مدفعي مكثف شنته القوات العراقية على مواقع التنظيم في الشرقاط استمرت لنحو ثلاث ساعات، ومن ثم تبعه هجوم بري موسع بإسناد جوي من طيران القوات الجوية والجيش العراقي.
وبيَّن مساعد آمر الفوج الأول من الفرقة 15 من الجيش العراقي، الرائد أمين شيخاني، لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد اندفاع القطعات العسكرية باتجاه القرى الخاضعة لداعش في الجانب الأيسر من قضاء الشرقاط، لم يقاوم التنظيم تقدم قواتنا سوى ساعة واحدة، ومن ثم بدأ مسلحوه بالفرار باتجاه الحويجة وأطرافها»، لافتاً إلى أن الصفحة الأولى من المرحلة الأولى من العملية حققت أهدافها بنجاح، وأسفرت عن تحرير 35 قرية، من بينها قرى كبيرة واستراتيجية، وقُتل خلال المعركة نحو 180 مسلحاً من التنظيم.
وبدأ أهالي الحويجة منذ العام الماضي بالهروب من المدينة باتجاه الخط الأمامي لجبهات قوات البيشمركة والقوات الأمنية العراقية المحاذية للحويجة. وبحسب إحصاءات الأمم المتحدة، بلغَتْ الآن أعداد الهاربين المدنيين من الحويجة منذ أغسطس (آب) 2016 وحتى الآن نحو 102 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وزعوا على مخيمات كركوك وقضاء العلم في محافظة صلاح الدين وناحية ديبكة جنوب غربي مدينة أربيل. وكشفت الأمم المتحدة أن 85 ألف شخص آخر معرضون لخطر شديد في الأسابيع والأشهر المقبلة.
وتأتي انطلاقة عمليات الحويجة التابعة لمحافظة كركوك، قبيل أيام من إجراء استفتاء الاستقلال في إقليم كردستان والمناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد، حيث ستشهد محافظة كركوك التصويت على الاستفتاء تزامناً مع معارك تحرير الحويجة في الاثنين المقبل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.