لبنان: الخلافات السياسية قد تقرب الانتخابات البرلمانية

كتلة «المستقبل» النيابية متمسكة بإجرائها في موعدها

لبنان: الخلافات السياسية قد تقرب الانتخابات البرلمانية
TT

لبنان: الخلافات السياسية قد تقرب الانتخابات البرلمانية

لبنان: الخلافات السياسية قد تقرب الانتخابات البرلمانية

يشكل استحقاق الانتخابات البرلمانية التحدي الأكبر للقوى السياسية اللبنانية، المتوجسة بمعظمها من نتائج هذه الانتخابات، في ظل قانون جديد لا تزال بعض بنوده غامضة وحمّالة أوجه لا تشي تماما بالنتائج المرجوة. وبدأت تطل مخاوف جديدة قديمة في ظل غياب الضمانات الحقيقية لاحترام هذا الاستحقاق، المحدد موعده في السادس مايو (أيار) المقبل، والذي يسعى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لتقريب موعده إلى ما قبل نهاية السنة الحالية، في حال تبين أن وزارة الداخلية لن تتمكن من إنجاز البطاقة الممغنطة قبل مايو المقبل.
ومع ارتفاع حدة السجال بين الأطراف كافة، وتقاذف تهمة الدفع باتجاه تأجيل الاستحقاق لمرة رابعة، وقطع الطريق على العملية الإصلاحية، شددت مصادر مقربة من عين التينة (مقر الرئيس نبيه بري)، على أن «اقتراح القانون الذي تقدمت به كتلة (التحرير والتنمية) لتقريب موعد الانتخابات، جدي جداً». ودعت مجلس النواب إلى «مناقشة هذا الاقتراح والتصويت عليه، إما بإقراره وإجراء الانتخابات قبل نهاية العام الحالي، وإما إسقاطه وعندها يتحمل الجميع مسؤوليتهم».
ولا تبدو خطوة بري وكتلته تقف عند حدود المناورة، حيث أكدت المصادر المقربة من عين التينة، أن رئيس المجلس «سجل باقتراحه إنذاراُ مبكراً، وتحذيراً من أي تفكير بتأجيل الانتخابات مرة جديدة، وأراد كشف الغطاء عن الهدف الأسمى لدى البعض، وهو سعيهم إلى صفقة تلزيم بالتراضي لطباعة البطاقة الممغنطة بكلفة 180 مليون دولار، وبالتالي حشر الدولة بنفاد المهلة الدستورية والدفع نحو تأجيل جديد للانتخابات»، مشيرة إلى أن «التسجيل المسبق، وتمكين كل مواطن أن ينتخب في مكان إقامته، يوفي بالغرض الذي تؤديه البطاقة الممغنطة الباهظة الكلفة».
وتوقفت المصادر عند تصريح وزير الخارجية جبران باسيل، رئيس «التيار الوطني الحر»، الذي رأى باقتراح بري تقريب موعد الانتخابات بأنه يقطع الطريق على العملية الإصلاحية، فقالت المصادر المقربة المطلعة على أجواء الرئاسة الثانية: إن «الموال الحقيقي الذي يعزفه البعض، لا إصلاح ولا انتخابات، بل مناقصة بالتراضي تقود إلى تأجيل الانتخابات». وسألت «إذا كانوا يخشون من الانتخابات على كرسي الفرعية (مقعدان في طرابلس ومقعد واحد في كسروان) ونسفوها، فكيف يأمنون نتائج الانتخابات العامة؟».
ولا تخفي جهات سياسية أخرى، إمكان بروز تعقيدات قد تستدعي تمديد مهل دعوة الهيئات الناخبة، حيث أوضح عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب عمار حوري، أن «تيار المستقبل متمسك بإجراء الانتخابات في موعدها». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «البطاقة البيومترية (الممغنطة) هي مطلب باتجاه الحداثة، لأنها تحمل كل (داتا) المعلومات العائدة للمواطن، وهي معتمدة في أرقى دول العالم». وقال حوري «نتمنى أن تنجز الانتخابات في موعدها، لكن قانون الانتخابات يتضمن آلية تتحدث عن الخيار الآخر، في حال بلوغ موعد الانتخابات ولم تنجز البطاقة البيومترية أو الممغنطة»، مشيراً إلى أن «وزارة الداخلية ستقدم حينها الاقتراح المناسب، سواء بتمديد المهلة أو إجراء الانتخابات ببطاقة الهوية»، مشدداً على «عدم المس بالعملية الانتخابية».
رغم إعلان التيار الوطني الحر، أنه في طليعة الرافضين لتمديد إضافي للبرلمان، فإنه لا يمانع من التأجيل لأشهر قليلة، تسمح بإجراء إصلاحات جوهرية في العملية الانتخابية، وفق ما أوضح عضو تكتل «التغيير والإصلاح» الوزير الأسبق ماريو عون لـ«الشرق الأوسط»؛ إذ ذكر بأن التكتل «أول من نادى بتقريب موعد الانتخابات، إذا كانت ثمة استحالة لإنجاز البطاقة الممغنطة». لكنه أشار إلى أن «مجلس الوزراء قرر في جلسته الأخيرة ربط الانتخابات بالبطاقة البيومترية والتصويت الإلكتروني للمغتربين؛ لذلك قررنا السير بهذا القرار»، معتبراً أن «اقتراح الرئيس نبيه بري بتقريب موعد الانتخابات، وتقديمه مشروع قانون بهذا الخصوص فاجأ الجميع، وهذا يعني أن بري يعتبر أن خطوة البطاقة البيومترية غير جدية».
ويرفض «التيار الحر» تحميله مسؤولية أي تمديد جديد للبرلمان، حيث شدد ماريو عون على «ضرورة أن تأخذ العملية الإصلاحية مجالها». وقال: «نحن ننتظر موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي يفترض أن يلتزم بتحقيق ما وعد به، ولا يتخلى عن هذا البند الإصلاحي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».